عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فتحي المليجي.. سفير فوق العادة في عالم التلاوة

فتحى المليجى
فتحى المليجى

سفير للقرآن فوق العادة فى عالم التلاوة، وواحد من عمالقة قراء القرن العشرين، كانت له بصمة لا يضاهيها بصمة فى تلاوة القرآن، أحب صوت الشيخ عبد الباسط عبدالصمد، وتربى على صوت الشيخ مصطفى اسماعيل، حتى تتبع خطاه، ثم انفرد بنبرته التى ميزته دون أترابه وأقرانه من القراء.

ولد الشيخ فتحى المليجى، بقرية «الحبشى» التابعة لمركز الإبراهيمية محافظة الشرقية فى أسرة قرآنية، ورث عن جده حفظ كتاب الله تعالى، وأتم حفظه على يد الشيخ محمد الباشا فى العاشرة من عمره ثم التحق بالمعهد الأزهرى فى أبى كبير بالشرقية عام 1954 وحصل على الابتدائية الأزهرية، ثم التحق بالمعهد الإعدادى بالزقازيق قبل أن يلتحق بمعهد القراءات فى القاهرة فى تلك الفترة التى بدأت موهبته القرآنية تفرض نفسها بين كبار القراء، وفى عام 1968 تخرج الشيخ فى معهد القراءات، وبعدها عكف على قراءة القرآن الكريم وتعرف على الشيخ مصطفى إسماعيل، والذى تأثر به كثيراً حتى أن البعض كان يقول إنه يقلد الشيخ مصطفى إسماعيل، لكن الشيخ «المليجى» كان ينفى ذلك قائلاً إنه « تأثر وليس تقليداً، لكن صوت الشيخ «إسماعيل» انطبع على كل نبراته وبصمة صوته وطريقة قراءته وكأنه هو.. وكان الشيخ مصطفى إسماعيل بمثابة المعلم والفنان، وقد قال عنه إن القارئ فتحى المليجى فنان وقارئ مجيد ومعلم فيه رصانة الصوت.

ظل الشيخ فتحى المليجى يقرأ فى المناسبات الدينية، ويشارك عمالقة القراء فى السهرات والمآتم ما يقرب من (20) عاماً قبل أن يعتمد فى الإذاعة المصرية، ثم فى التليفزيون فى منتصف الثمانينيات، وهو فى ذلك يذكر قصة اعتماده بالإذاعة عام (1984) باعتبارها نقطة التحول فى حياته، قائلا: جلست أمام لجنة اختيار القراء المشكلة من الشيخ رزق خليل حبة والشيخ محمود برانق والشيخ محمود طنطاوى والشيخ عفيفى الساكت، والمؤرخ الموسيقى محمود كامل والموسيقار عبد العظيم محمد، واجتزت الاختبارات إلى أن حدث موقف حال بينى وبين الإذاعة لمدة ستة أشهر عندما سألنى الشيخ عفيفى الساكت قائلاً: كم قراءة فى كلمة «تشاء» فى قوله تعالى: «قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء» فقلت له: هل تمتحننى قراءات أم تمتحننى فى رواية حفص؟ ورد الشيخ الساكت بحدة: أنا أمتحنك فى رواية حفص، فقلت له: إذن يكون السؤال: كم وجهاً وليس كم قراءة، وصمت الشيخ عفيفى الساكت ولم يرد، وعلق الشيخ عتريس القوصى بقوله: هذا صحيح، لكن لم يكن هناك دافع لإحراج اللجنة، ومن ثم تقرر اعتمادى لمدة ستة أشهر، بعدها اعتمدت بالإذاعة ثم بالتليفزيون لينطلق صوتى عبر الأثير لشتى بقاع العالم الإسلامي.

ومنذ أن التحق «المليجى» بالإذاعة سافر إلى الكثير من البلدان العربية والأجنبية، ليترك فى كل بلد زاره بصمة صوته المميزة والمحفورة فى قلوب مستمعيه، سافر إلى لندن 1982، وإلى كوبنهاجن 1983، وفى عام 1984 سافر إلى أمريكا ، وسافر إلى كوبنهاجن العاصمة الدنماركية وكانت من أهم رحلاته، حيث تقدم الشيخ «المليجى» بطلب لمسئولى الدولة بالدنمارك نيابة عن الجالية الإسلامية هناك بأن يكون لهم نصيب من الإذاعة فى الدنمارك لتذاع لهم تلاوات قرآنية، حتى أصبحت لهم إذاعة إسلامية مستقلة خاصة بهم، وكان فضيلته أول قارئ يفتتح إذاعة الدنمارك بصوته، وفى عام 1986 أحيا ليالى رمضان

فى البرازيل، وأسلمت على يديه إحدى البرازيليات وتبرعت بقطعة أرض لبناء مسجد عليها، وبالفعل تم بناء المسجد، وتم اختيار الشيخ «المليجى» محكماً دولياً فى المسابقة القرآنية فى ماليزيا، وشارك بدعوة من الحكومة التركية فى مسابقات الدولة، وقرأ فى أنقرة بإسطنبول، وكانت السعودية تهتم بالشيخ «المليجى» جدا وانهالت عليه الدعوات الشخصية من الملك فهد بن عبدالعزيز وفى إحدى السنوات أهداه الملك مفتاح الكعبة المشرفة، وأرسل له زوج أخت الملك فهد طائرة خاصة لتصحبه إلى إسبانيا ليفتتح مسجداً شيده هناك، وفى منتصف الثمانينيات سجل الشيخ فتحى المليجى المصحف المجود لإذاعة الكويت، وعين قارئاً للسورة بمسجد الثورة فى مصر الجديدة خلفاً للشيخ عبدالعزيز حربى أكبر القراء من حيث العمر على الساحة القرآنية، وأحد القراء الذين كان لهم فى التاريخ جذور ولهم بصمات منحوتة فى قلب الصخر على حد وصف الشيخ فتحى المليجى.

وكان الشيخ فتحى المليجى يعبر عن رأيه فى بعض القراء الذين عاصروه أمثال الشيخ راغب غلوش والذى كان يرى أنه أقرب التلاميذ إلى الشيخ مصطفى إسماعيل، وهو قارئ محترم يعتد بنفسه إلى آخر درجة، ويتميز صوته بالدسامة والنضج، أما عن رأيه فى الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى فكان يقول إنه مدرسة قرآنية نادرة ولا يجرؤ أحد على تقليده، أما عن رأيه فى نقيب القراء السابق أبوالعينين شعيشع، فكان يؤكد دوماً أنه صاحب صوت لا غبار عليه ومن أنقى الأصوات فى العالم، فهو صوت يقف أمامه الموسيقيون دون الإتيان بمثله.

وقد ظل الشيخ الراحل فتحى المليجى، يقرأ القرآن بإخلاص شديد وهو متيم بموسيقاه التى أبدعها الله فى كلماته، وكان يمسك بناصية الأداء الصحيح، بل وتشم منه رائحة الزمن الجميل، زمن العباقرة ولم لا، وهو إحدى العلامات البارزة التى لم تخرج عن عباءة المرحوم القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل.

وقد رحل القارئ الجليل فى يوم الخميس من شهر فبراير عام 2009 قبيل صلاة الفجر وكان عمره وقتها (66 عاماً)، وترك ذرية من أبنائه تربت على كتاب الله وهم: المهندس محمد والرائد حسن بالقوات المسلحة وابنته فاطمة، وقد غرس فيهم حب القرآن وتلاوته، رحم الله قارئاً جيداً خسرته دولة التلاوة المصرية.