رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإخوان وثلاثة عهود من الاضطهاد


يستعرض المؤلف عامر شماخ في كتابه الجديد "دليلك إلى جماعة الإخوان المسلمين..النشأة والتاريخ" والصادر عن مؤسسة "اقرأ" للنشر بداية علاقة الإخوان بالرئيس جمال عبد الناصر؛ ويكشف النقاب عن الخلافات التي وصلت بين عبد الناصر والإخوان فيقول المؤلف "بدأ الصدام الفعلي بين عبد الناصر والإخوان عقب حوار أجُرى مع الإمام الهضيبي صرح فيه بأن الإخوان عُرضت عليهم الوزارة واعتذروا، فأغضب هذا التصريح عبد الناصر، إذ كانت طبيعته لا تعرف الحوار، فكان يعتقد أنه إذا أراد فيجب أن يُطاع".

وقع الصدام الثاني عندما طلب عبد الناصر من الإخوان أن تنصهر جماعتهم في هيئة التحرير، راغباً من ذلك في القضاء عليهم، وعندما رفضوا اتهمهم بالعصيان والتمرد ومعاداة الأهداف الوطنية للثورة! حيث قال عبد الناصر في لقاء جمعه مع بعض قيادات الإخوان " أنا عايز في خلال سنتين ثلاثة أوصل إلى إني أضغط على زر..البلد تتحرك زى ما أنا عايز ..وأضغط على زر البلد تقف".

أما الصدام الثالث فكان في أواخر عام 1953 من القرن الماضي، حيث طالب الإخوان بعودة الحياة الديمقراطية للبلاد، وتحديد موعد لإعلان الدستور، وحاول عبد الناصر استقطاب بعض أعضاء مكتب الإرشاد للوقوف ضد المرشد، وعندما فشل أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً يوم 12 يناير 1954 بحل جماعة الإخوان المسلمين، ومن بعدها بدأت محن الإخوان.

ويذكر الكتاب الذي يقع في 343 صفحة من القطع المتوسط أن في يوم 15 يناير نشرت الصحف بياناً صادرا عن مجلس قيادة الثورة يتهم الإخوان باتصالهم بالإنجليز, وإقامة منظمات سرية في الجيش والبوليس ومحاولة قلب نظام الحكم, وقد أسهب البيان في شرح هذه الاتهامات وحيثياتها, وأسهب أيضا في عرض تسلسل الأحداث بين الثورة والإخوان؛ وفي النهاية أكد البيان أن المرشد وأعوانه يعملون أعمالاً تُضر بكيان الوطن وتعتدي حرمة الدين, وقال البيان :" الثورة لن تسمح بأن تتكرر في مصر الرجعية باسم الدين, وستكون إجراءات الثورة حاسمة وفي وضح النهار وأمام كل المصريين".

وبالفعل اتخذ عبد الناصر إجراءات في وضح النهار واعتقل آلاف الإخوان على مدار شهرين وتم تجميعهم في السجن الحربي بمدينة نصر وترحيلهم إلى معتقل العامرية.

أول شهداء الإخوان

وردا على ذلك نظم الإخوان مظاهرة كبيرة بميدان عابدين, بدأ بعدها الإفراج عن الإخوان، لكن في الوقت ذاته بدأ عبد الناصر في اعتقال قادة الإخوان وصل عددهم إلى 45 شخصا؛ ولفق لهم تهمة قلب نظام الحكم؛ ويذكر الكتاب أنه قد تعرض خمسة منهم لأبشع أنواع التعذيب والإهانات وهم" عبد القادر عودة، عمر التلمساني، عز الدين مالك محمود الفوال، وهبة الفرماوي، وكان أول شهداء الإخوان المسلمين الذين أعدمهم عبد الناصر في ديسمبر 1954 على إثر تمثيلية المنشية هو القاضي عبد القادر عودة.

كما يتناول الكتاب تعرض الإخوان لوسائل تعذيبية بشعة على يد رجال عبد الناصر حيث تفننوا في سلخ المقبوض عليهم دون موتهم حتى صار الموت بالنسبة لهم أرحم بكثير مما يعانونه في هذا الجحيم المسمى بالسجن الحربي.

تنوع وسائل التعذيب

ويقول الشماخ في كتابه: "كانوا ينظمون حفلات استقبال للواردين من الإخوان بعاصفة من الصفع والركل والضرب بالعصى والكرابيج ثم يحشرونهم حشراً في زنازين مميتة لا تُفتح عليهم سوى مرتين في اليوم لمدة خمس دقائق لتغيير الماء وتفريغ جرادل قضاء الحاجة، ومن أرادوا المبالغة في تأديبه حبسوه انفرادياً وجعلوا معه الكلاب المتوحشة الجائعة أورموه في زنازين مملوءة بالماء العطن كى يحرموه من النوم، وكانوا يأتون بنساء وأخوات وأمهات المعتقلين ويهددون ذويهم باغتصابهن، وفي حالة رفض المعتقل الإفصاح عن زملائه كانوا يقتلونه ويكتبون في سجلاتهم هرب من المعتقل".

ويُشير المؤلف إلى أن هناك أكثر من مائة من الإخوان قتلوا أثناء التحقيق وعُثر على جثث عدد منهم عندما كان الأهالي يشيدون بيوتهم بمنطقة مدينة نصر، فكانوا يعثرون على جثة أحدهم وكأنه دُفن اليوم.

ويقول الكاتب إن وسائل التعذيب اختلفت من شخص لآخر حيث تعرض الإخوان

لما يُسمى بالتعذيب النفسي عن طريق إلحاق أكبر قدر من الإهانة الشخصية بالإنسان المطلوب تعذيبه لعله ينهار سريعاً؛ فيستخدمون الألفاظ البذيئة والمهينة التي تطعن في شرف الشخص أو شرف زوجته أو أمه أو أبيه بصورة في غاية الوقاحة.

علاقة مبارك والسادات بالإخوان

ويتطرق الكاتب إلى علاقة السادات بالإخوان: "رغم ما منحه السادات للإخوان في بداية حُكمه من حرية في ممارسة الدعوة وفك القيود عن أعضاء الجماعة بعد أن كبّلهم بها عبد الناصر لأكثر من عشرين عاما؛ لكنه انقلب عليهم في نهاية حكمه فأساء معاملة مُرشدهم وهددهم وأطلق وزير داخليته للتضييق عليهم ومنع انتشارهم, وأفردت مجلة "الدعوة" التي كانت تصدر عن الإخوان وقتها صوراً صارخة لانتهاكات الأمن التي طالت أعضاء الإخوان وحتى مقر المجلة نفسها.

أما علاقة جماعة الإخوان بمبارك منذ توليه الحُكم عام 1981 حتى إرغامه على التنحي في 11 فبراير 2011 فكانت علاقة تهدئة مع الإخوان وغير الإخوان؛ فعندما سُئل عن رأيه في الجماعة رد قائلاً "هناك حركة إسلامية في مصر, تُفضل النضال السياسي على العنف, وقد دخلت هذه الحركة بعض المؤسسات الاجتماعية واستطاعوا النجاح في انتخابات النقابات المهنية مثل الأطباء والمهندسين والمحامين".

ولكن مع ازدياد نشاطهم السياسي في المجتمع وبالنقابات المهنية؛ وظهورهم كقوة قادرة على اكتساب قاعدة شعبية كبيرة دفع ذلك نظام مبارك إلى التكشير عن أنيابه مما أدى إلى اعتقال 50 ألفاً من الإخوان؛ وصاحب هذه الاعتقالات اقتحامات وانتهاكات لبيوت وشركات أعضاء وقادة الجماعة؛ بالإضافة إلى عمليات التعذيب البشعة منذ مطلع التسعينيات حتى رحيل هذا النظام المستبد.

يأس مبارك من إدانة الإخوان

ويؤكد الكاتب أن سبب تحويل مبارك للإخوان من القضاء العادي إلى المحاكم العسكرية كان نتيجة يأسه من إدانة الإخوان من قبل القضاء العادي.

وعن خوف الأقباط من الإخوان، يؤكد الكاتب أن هذا التخوف اصطنعه نظام مبارك البائد الذي كان حريصاً على تسميم العلاقة بين الطرفين؛ خاصة حال وصول الإخوان للحكم.

فلم يكن النظام وحده قادرا على إفساد العلاقة بينهم؛ بل كانت هناك تيارات سياسية أخرى تُعارض المشروع الإسلامي .

واعتبر الكاتب أن أبواق الإعلام الحكومي والعلماني دفعت قطاعاً كبيراً من الأقباط إلى تصوير جماعة الإخوان على أنها جماعة متورطة في أحداث العنف التي طالت الأقباط في الرُبع الأخير من القرن العشرين.

ويقول الكاتب: "من يُصور جماعة الإخوان المسلمين على أنهم جماعة تستخدم العنف أو تتاجر بالدين أو تضطهد غير المسلمين إنما يظلم نفسه قبل أن يظلم الجماعة التي غيرت وجه التاريخ المصري والإسلامي؛ ومن الإنصاف أن يتحرى الناس حقيقة الجماعة وخصوصاً فئة الشباب ".