رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الحوار المجتمعي»!



لا شك أن في فعاليات المشهد الداخلي، منذ اندلاع ثورة يناير 2011، ما يشير إلي حاجة مُلحة تحاصرنا، بموجبها نزيد الجهد لتعتدل جملة من المفاهيم إلي موقعها الصحيح في العملية الديمقراطية، الأمر الذي يؤكد صحة ودقة التوجهات الرامية إلي بلوغ أهداف الثورة.

ويأتي «الحوار المجتمعي» في صدارة المفاهيم الواجب تعديل إدراكنا لها، بما يتسق وجوهرها الصحيح المعمول به في المجتمعات الديمقراطية، حيث لا مجال لاحتجاز السياسات العامة بعيداً عن قواعدها الشعبية وفق ممرات دستورية.
وفي ظل ظروف استثنائية، تغيب فيها المؤسسة التشريعية، تتصاعد الحاجة إلي «حوار مجتمعي» حقيقي، إذ ينهض بإحداث توازن لا بديل عنه، بغرض مشاركة مجتمعية فعالة في إدارة شئون الدولة، علي نحو يحقق المغزى الحقيقي للعملية الديمقراطية.
من هنا، لا يتسع مفهوم «الحوار المجتمعي» لندرج داخله كل «لقاء» يجمع المسئول التنفيذي ببعض المسئولين في مؤسسات المجتمع المدني، وكذلك لا تنهض تصريحات رسمية تدعو «للحوار المجتمعي»، دليلاً كافياً علي وجود قناعات رسمية حقيقية بحتمية إطلاق سراح «الحوار المجتمعي» من أسره الضيق القاصر عن بلوغ غاياته.
من جهة أخرى، لا تعد الحكومة، كجهاز تنفيذي مسئول عن إدارة شئون الدولة، طرفاً رئيساً في كل «حوار مجتمعي»؛ وبالتالي تقصر رؤية ووعي الدولة بمضمون مفهوم «الحوار المجتمعي» إذا ما أشاحت الحكومة بوجهها عن مخرجات فعاليات مجتمعية لم تكن ممثلة فيها.
وكون الحوار ينتسب إلي المجتمع، لا يفيد غياب أجندة عمل واضحة، وأولويات محددة تستند إلي حزمة من القواعد والإجراءات المنظمة الضامنة لنجاح «الحوار المجتمعي» في الكشف عن حقيقة المشتركات بين القوى المجتمعية؛ ومن ثم العمل علي تجسيدها والتأكيد علي أولويتها في العمل الوطني.
وفي هذا السياق تأتي أهمية مراعاة الأوزان النسبية المجتمعية للقوى السياسية، وهو أمر لا يمكن احتسابه وفق معايير

ظاهرية لا تشي بحقيقة ما تعبر عنه القوى السياسية من مرتكزات في العقيدة الوطنية؛ ولعل في ذلك إشارة كافية إلي محدودية الفكر الداعي إلي التقليل من شأن الأحزاب السياسية بدعوى قلة عدد أعضائها، فيما يشكل إجحافاً بحقيقة ما تمثله الأحزاب من رؤى ومبادئ حاكمة لحركة المجتمع؛ ومن ثم تعلو قيمة الانتماء إلي مبادئ وقيم الحزب السياسي فوق الدلالة الإحصائية لعدد أعضائه، وهو الأمر المعمول به في الأدبيات السياسية المعنية بتصنيف الأحزاب السياسية وفق معيار العضوية، وما إذا كانت «رسمية»، وهو ما تركز عليه النظرة الضيقة الطاعنة في الأحزاب في مصر، أو «غير رسمية» قياساً علي شيوع أفكار ومبادئ الحزب، ومدى التزامها الثوابت الوطنية، وارتباطها بقناعات شعبية واسعة، وامتداداتها الدستورية، وهو ما يدعم الجوهر الحقيقي لمفهوم الحزب السياسي. يؤكد ذلك اختفاء «ملايين» أعضاء الحزب الوطني في لحظة ثورية لم يتخلف عنها الكثير منهم، باستثناء رموز الفساد.!
وعلي خلفية كل «حوار مجتمعي» شهدته الساحة الداخلية، ونموذجه الأخير المتعلق بقوانين الانتخابات البرلمانية، يمكن رصد مدى تدني وضعية مفهوم «الحوار المجتمعي»، قيمة ديمقراطية رفيعة، لم تدرك التجربة المصرية إليها سبيلاً يبتعد عن الآلة الدعائية.                        


«رأي  الوفد»