رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صناعــة المستقــبل

يأبى المستقبل إلا أن يكون صناعة وطنية خالصة، لا تخالطها أجندات خارجية، ولا تتجاوز محدداتها رؤى تستشرف بطولات بعيدة عن أرض الوطن، تدفع الأجيال المتعاقبة تكاليفها من قوتها وأمنها.

من هنا يجدر بنا، والوطن يخوض معركة بقاء ونماء، أن نعلى من شأن العناصر والمقومات الحقيقية لقوة الدولة المصرية، على حساب ما قد يعترى البعض من مخاوف تتعلق باستقرار الوطن، فى مواجهة الرغبات المتزايدة بإقصاء التيارات القديمة من ساحة العمل السياسي، فى مواجهة ادعاء البعض منهم بأنهم جزء من «قوة الدولة»!.
فليس من شك أن إقصاء الوجوه القديمة الكريهة بات أمرًا لا ينال منه أى دفع يمكن «التنظير» به للإبقاء عليهم، وإن تعددت سُبل الخلاص منهم على محاور عدة، جميعها تلتقى بأهداف الثورة وتتبنى مبادئها.
ففيما يتعلق بمجلس النواب، آثر الدستور إلا أن يترك القرار الفصل للناخب، فى ظل ضمانات حقيقية توفرها القوانين الحاكمة فى هذا الشأن، غير أن تراخيًا تم فى هذا الأمر على نحو أتاح فرصًا متتابعة لأعداء الثورة، من أتباع مبارك وبديع على حد سواء؛ ومن ثم بات الأمر ينتظر «النسخة الانتخابية» من الثورة المصرية، فلطالما عرفت تجارب التحول الديمقراطى ما سُمى «بالثورات الانتخابية»، التى غيرت فيها نتائج الانتخابات أوجه الحياة بشكل جذري، وعلى نحو ثوري.
إلا أن دورًا واجبًا بات يُلح على كل صانع قرار بضرورة إقصاء الوجوه القديمة عن المشهد السياسي، دون النظر إلى اعتبارات فقدت صلاحيتها بسقوط الأنظمة التابعة لها تلك الوجوه، وهو أمر لا ينبغى تبريره بخبرات مزعومة، وليس لنا كذلك أن نعيش وهم «بطولات» كاذبة وزائفة يدعيها البعض منهم لخلاف عابر بينه وبين النظام الفاسد الذى انتمى إليه طويلًا، وصعد فوق درجاته ليطل على المشهد، إطلالة لا يريد لها غيابًا على اختلاف العصور، وما تضمه من قيم جديدة، على نحو يشير إلى أن العمل السياسى بات «حرفة» تفتقر إلى قناعات سياسية حقيقية، بينما الحال أن العمل السياسى لا يمكن بالقطع عزله

عن سياقه القيمي، وما الثورة إلا عمل تراكمى منحاز لقيم جديدة على حساب قيم صلاحيتها.
فخشية من «عدم استقرار مجتمعي» لا ينبغى أن تسودنا إذا ما أنجزنا إزالة تلك الوجوه البغيضة عن المشهد؛ ذلك أن الحزب الوطنى لم يكن حزبًا بالمفهوم الصحيح للحزب السياسي؛ فإذا كانت الأحزاب ظاهرة سياسية، فقد كان الحزب الوطنى علامة فساد مجتمعى كبيرة، لا تجمع رموزه وقياداته وأذياله أيديولوجية تتجاوز مصالحهم، ولا تحمل ممارساتهم شيئًا من جوهر مفهوم الأحزاب المتمثل فى المنافسة على السلطة، والمشاركة السياسية، والتعبير عن إرادة المجتمع بمختلف تياراته.
وعليه لم يكن للحزب الوطنى قواعد شعبية بالمعنى السياسي؛ فتلاشى الكل أمام ثورة يناير المجيدة، وبات القفز من المركب الغريق لا يستدعى مبررًا، ولا ينتظر قليلًا، حتى سارع رأس النظام بالإطاحة ببعض رموزه لإنقاذ نفسه!؛ ومن ثم فليس الأمر إلا حفنة من أصحاب المصالح المعادية لمصالح الوطن وأمنه واستقراره، استقرارًا حقيقيًا على أسس متعارف عليها من العدالة الاجتماعية، وفى إطار مختلف معايير الحكم الرشيد، باعتبارها الضمانات الحقيقية التى أفرزتها التجارب الناجحة فى المجتمع الدولي.
المستقبل إذن لمن يصنعه، بأدواته وآلياته، وقيمه وسواعده الجديدة، وفق رؤية لا تحيد عن قواعدها الشعبية وما تتطلع إليه من آفاق بعيدة عن الماضى البغيض، فما قامت ثورة شعبية لتتقاسم الوطن مع أعدائه.
«الوفد»