مصر وتركيا.. «3»
في غياب الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، لا ينبغي التكهن بعلاقات دولية مستقرة، مهما بلغت الروابط التاريخية بين أطراف تلك العلاقات، ولا محل هنا لإعمال مفاهيم اجتماعية مثل «الصداقة»،
رغم شيوعها علي المستوى الإعلامي، دون رصيد حقيقي في العملية السياسية بشكل عام، والعلاقات الدولية علي وجه الخصوص. وإذا كان الاحترام المتبادل محله ممارسات وأدبيات متعارف عليها دولياً، من شأنها ضبط وصياغة العلاقات بين الأنظمة الحاكمة، فإن المصالح المشتركة تعبر بالضرورة عن مصالح الشعوب، دون التطرق إلي منافع ترتد إلي الأنظمة الحاكمة، مهما جمعت بينها الأيديولوجيات، فتلك الصيغة لا ترتقي أبداً إلي مستوى «الدولة»، وتبقي قاصرة عن تجاوز حدود العلاقات الرابطة بين التنظيمات السرية.
تأسيساً علي ذلك، يمكن استيعاب التطور الأخير في العلاقات المصرية التركية؛ فليس من الأعراف السياسية المقبولة دولياً استمرار رئيس الوزراء التركي في محاولات تحريض المجتمع الدولي علي الدولة المصرية، سواء علي المستوى الثنائي، كما فعل مع العديد من الدول، أو علي مستوى المنظمات الدولية «الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية»، بل باتت «تركيا أردوغان» أرضاً سهلة تتسع لأعداء مصر، سواء كانت وسائل الإعلام المؤيدة لجماعة الإخوان, لتبث هجوماً شرساً علي مصر ورموزها، أو اجتماعات للتنظيم الدولي للجماعة بغرض التخطيط لعرقلة مسيرة الثورة المصرية، والحد من التفهم الدولي لحقيقة الأوضاع في مصر. ومع التسليم بانحسار كثير من الفوارق الفاصلة بين الشأن الداخلي والشأن الدولي، إلا أن «الدولة» ما زالت هي