عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأندلس فى الإسكندرية

موضوع مؤتمر افتتح أول أمس فى مكتبة الاسكندرية، شاركت فى تنظيمه جامعة مرسية فى إسبانيا ومركز الخطاب، وجامعة الاسكندرية، فكرة جديدة كل الجدة؛ تلخص التاريخ الثقافى للإسكندرية خاصة، ولمصر عامة، قدمها الصديق العزيز الدكتور أسامة القفاش المشغول دائمًا بتاريخ الثقافات، وتفاعلها، هذه الفكرة تقدم لنا السر الحقيقى للمكانة العلمية المتميزة التى كانت تحتلها مصر على مر تاريخها، وهى أن مصر بعبقرية مكانها، وتميز شعبها، وحكمة قياداتها فى فترات تاريخية متعددة، ومتنوعة، كانت تهاجر اليها الجغرافيا، ويصنع فيها التاريخ، وتلجأ اليها اعظم عقول البشر؛ فتتمصر، وتصير مصرية اكثر ممن ولدوا ونشأوا فى مصر، مصر هى مكان عبقري، وثقافة منفتحة على العالم، وعلى الزمن، وعلى الغيب، وشعب مُشرَعُ الذراعين لكل الانسانية، يستوعب كل من يأتى إليه، وبيئة حاضنة لكل الإبداعات البشرية التى تضيق بها بيئاتها، ويتوقف نموها فى مناخها، فتهرب إلى مصر فتزدهر، وتزدهر معها البشرية وحضارة الانسان.

منذ عصور الفراعنة،إلى مصر يأتى العلماء والمفكرون، والانبياء والرسل، والفلاسفة والحكماء، يأتون جميعا لتنضج تجاربهم، ويعودون او لتزدهر معارفهم، ويستقرون لتنشأ مدارسهم الفكرية والعلمية، والفلسفية، مصر مكان جذب أفضل علماء الإغريق، والرومان وغيرهم فى مكتبة الاسكندرية الاولى قبل الميلاد، ومع الاسلام جاءت إلى مصر اعظم عقول العالم الاسلامي، وبقيت فيها، او مرت بها، ثم رحلت بعد انضاج واكتمال، هذه هى عظمة مصر وهذا هو سر تميزها، ظل هذا السر مستمرا حتى جاءت فترة اغلقت مصر ابوابها وأصبحت «مصر للمصريين» ثقافيا وإنسانيا وليس سياسيا فقط، أى أصبح هناك شعب يستغنى عن العالم، ويغلق أبوابه أمام العقول الوافدة إليه، هنا فقط بدأت مصر تفقد سرها التاريخي، وينقطع عنها المدد الإلهى الذى كان، ومازال شعاره «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»، استغنت مصر ولفظت الاخرين، فتراجع دورها، وفقدت المدد الثقافى والعقلى الذى لم ينقطع طوال تاريخها، وزاد الطين بلة أنها بدأت مع عصور الاستبداد السياسي، والفساد الإدارى والسياسى تطرد النابغين من أبنائها، فيرحلون إلى مجتمعات أخرى، حيث تزدهر مواهبهم، وتنطلق قدراتهم الكامنة، التى نبتت فى مصر.
الأندلس فى الاسكندرية عنوان يلخص التاريخ الثقافى لمصر، الذى تشكل عبر العصور من خلال كون مصر بيت النحل الذى يأتى إليها برحيق كل الثقافات، والمجتمعات، ليكون عسلا مصريا يشفى البشرية، ويحافظ عليها صحيحة معافاة، حيث نجد ايضا المغرب فى مصر، وشنقيط فى مصر، وتونس فى مصر،والشام فى مصر، والعراق فى مصر، وتركيا فى مصر، جميع هذه المناطق جاءت اعظم عقولها إلى مصر واستقرت فيها، وأنتجت افضل إبداعاتها

فيها، وصارت مصرية بكل معنى الكلمة إلى الحد الذى لايقبل اى مصرى انها ليست كذلك، ولا يحتاج الانسان ليكتشف هذه الحقيقة إلا أن ينظر فى الأسماء المشاركة فى أى فيلم سينمائى مصرى أنتج قبل السبعينيات، أو أن يراجع دور النشر، والكتاب والصحفيين، والمفكرين، من قاسم أمين، إلى أحمد شوقي، إلى الشيخ مصطفى صبري، وفريد وجدى والخضر حسين شيخ الأزهر، جميعهم جاء من بلاد أخرى وصاروا مصريين، بل منهم من قاد مؤسسة مصرية عريقة مثل الشيخ العظيم الخضر حسين التونسي، بل بلغ ذروته حين نعرف أن من وضع شعر العامية المصرية الحديث تونسى ولبناني، بيرم التونسى وفؤاد حداد اللبناني،
الأندلس فى الاسكندرية تعنى تاريخيا ان العالم، والفقيه الصوفى أبوالعباس المرسى جاء من مرسية المدينة الأندلسية التى تشارك جامعتها فى تنظيم المؤتمر، والفقيه الاصولى أبوإسحق الشاطبى جاء من الأندلس ايضا واصبح هناك حى باسمه فى الاسكندرية، وأبوالحسن الشاذلى الصوفى التقى النقي، وكذلك المفكر السياسى الطرطوشى صاحب الكتاب الرائع «سراج الملوك»جاء من الأندلس واستقر فى الاسكندرية وأبدع كتابه هذا فيها، وقدمه إلى حاكم مصر آنذاك.
الأندلس فى الاسكندرية بداية جديدة لفعاليات ثقافية يجب ان تنهض بها مؤسساتنا الثقافية والعلمية والتعليمية، الأندلس فى مصر توجه جديد يجب ان تتبناه حكومتنا وهو فتح أبواب مصر من جديد لكل المفكرين، والمبدعين والعلماء الذين يريدون الاستقرار فيها على يتم منح الجنسية لهم بطريقة خاصة، هكذا تتقدم أمريكا حيث تستقطب أفضل عقول العالم كل عام إلى تاريخ اليوم. ومصر سبقت أمريكا فى ذلك بآلاف السنين، لن نعود لموقع الصدارة قبل ان تكون القاهرة والإسكندرية وجهة علماء العرب والمسلمين وبيتهم الثانى بكامل الحقوق القانونية والسياسية.