رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فيسبوكى يا مخوفنى!

" آسف يا كريسماس أنا مسلم ولن أحتفل بك وسأقضى هذا اليوم مع ربنا فى الصلاة والصلاة والصلاة"!

هذه ترجمة حالة شخصية أو "ستاتوس" بلغة الفيسبوك تنتشر منذ يومين ،مع وضع خط يقطع كلمة كريسماس فتبدو وكأنها مشطوبة. وبأستثناء الناس فى أقصى الصعيد وقلب الريف البعيدين عن أى فرصة للتواصل عن طريق النت فقد بات معروفاً أن مواقع التواصل الإجتماعى وبصفة خاصة الفيسبوك ( وقد تُنطق فى المناطق المذكورة أعلاه فثتوك!) قد لعب دوراً كبيراً فى ثورة مصر المجيدة (التى تبدو للتو قد بدأت!) ولايزال يلعب دوراً هاماً بدليل أن الجيش والشرطة أنشئتا صفحات عليه (تتابع منها الناس أكثر مما يتابعها الناس!) .ومعروف ان مشاركة الفيديوهات والصور والآراء والتعليقات والملحوظات كلها من أدوات الفيسبوك المعتادة ومن ادواته أيضاً التى تعكس الرضا هى الإصبع المرفوع، علامة الإعجاب ثم مشاركة الحالة الشخصية (الستاتوس) او "تشييرها" كما تُصاغ الكلمة. وعلى حسب عدد الأصابع المرفوعة والتشيير يكون تقييمك لجودة ماكتبت..وهنا تكمن بعض الخطورة لأن نزعة كل الناس لإثارة إعجاب بقية الناس وعلى خلفية الأحداث الملتهبة هذه الأيام قد يدفع البعض بمشاركة أشياء وآراء من اجل الحصول على الإعجاب فقط دونما تعمق فى معناها.
نعود لقصة ستاتوس الكريسماس.و يجب ان افرق بين معنيين لكلمة كريسماس. المعنى الأول هو المعنى الدارج وهو يوم 31 ديسمبر أى رأس سنة الميلادية والثانى هو عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام والذى يوافق فى مصر بحسب الأغلبية الأرثوذوكسية يوم 7 يناير. لا أخطئ عندما أقول أننى رأيت هذا الستاتوس من قبل ولكن هذا العام أراه متكرراً بشكل اكبر وبالتأكيد دفعنى هذا للسؤال الذى وجدت بعض الإجابات عنه مقنعة وتنم عن حسن نية وبعضها غير بريئة.فالبعض يؤكد انه يقول هذا ليبعد المسلمين عن شكل الإحتفالات المستغربة لرأس السنة من حفلات وهدايا وخلافه على إعتبار انه شكل غربى مسيحى ليس من الإسلام فى شئ. وردى على هذا أنه هو دع كل منا يسأل نفسه كم شخصاً يعرف يحتفل لعيد الميلاد بهذه الطريقة؟ ينطبق هذا على فئة قليلة جدا من فاحشى الغنى والذين تتسم معظم عيشتهم بأنها ليست من سمات الطبقة المتوسطة المتدينة. وأنا أكتب هذا وجدتنى أفكر فى الناس فى بولاق وفيصل وفى الغيطان وفى طوابير أنبوبة البوتجاز وأكاد أبكى أضحك فى نفس الوقت.
ولأن من يحتفلون بالكريماس أيضاً هم الأخوة الأقباط، فيبدو لى الأمر كأن البعض ممن يستخدمون نفس الستاتوس يبعثون برسالة ما، رسالة اجدها رسالة تفرقة وتحديد وإقصاء لن تكون سوى البداية للمزيد من نوعها من الرسائل المحزنة .وانا إن كنت مسلماً وأصحابى على الفيسبوك يعرفون اننى مسلماً ولايفرق معى عيد الميلاد بأى حال من الأحوال، لماذا أذكره من الأصل؟ لماذا لا يتوه من بالى هذا اليوم لأننى مشغول بما هو اهم ( كونى مسلماً!)؟ وإذا كنت أنتوى أن أقضى اليوم فى الصلاة والصلاة والصلاة كما تقول الستاتوس وهى علاقة  خاصة بينى وبين ربى

الذى نهانى من أن ألوثها بالرياء لماذا أعلنها على الملأ؟ ألا يحمل هذا نوعاً من النفاق؟وحتى الستاتوس لاتقول إن شاء الله، ألا تقول الآية الكريمة "ولاتقولن لشئ إنى فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله" ( الكهف 23-24)؟ وعلى إفتراض حسن النية وأننى أود ان أبدأ عام جديد بذكر الله بعيداً عن الإحتفالات المستغربة ألم يكن من الأليق والأحسن فى هذه الفترة الملتهبة من حياة مصر أن نقول "ندعو أن نتشارك جميعاً فى الصلاة فى هذا اليوم ان يغفر لنا عام مضى وأن يجعل العام الجديد خيراً على مصر كلها" مثلاً؟ على إعتبار ان العام الميلادى شئنا أو أبينا هوالتقويم الذى نعمل به وأننا نود ان تكون رسالتنا فى العام الجديد دينية. مصر دولة إسلامية بأقلية مسيحية عاش فيها الأقباط قبل الإسلام وإستقبلوا الفتح العربى وظلوا على مر العصور محتفظين بهويتهم وتدينهم وإعترافهم بأن مصر دولة إسلامية .وإشعال الفتنة بين الفريقين أججها بل وإبتدعها النظام السابق للحفاظ على أهمية وجوده ( فالمثل اليونانى قديماً قال إذا أردت أن تحافظ على مُلكك فإعط الشعب حرباً أوسيركاً. وبالطبع نلنا حرباً داخلية والعديد من أشكال السيرك!) اليست مصر دولة إسلامية؟ وأليس المسلمين أكبر فى العدد؟ إذن أليس من المنطقى حسب العقل ومن الشهامة حسب اخلاق العرب والإسلام أن يحتوى الكثير القليل ويطمئنه ويحسن إليه؟ اليست تهنئة غير المسلمين أمراً حثنا عليه الدين فما بالك بإعلان كراهيتنا للإحتفال ونشطب اليوم برمته؟ أليس درء المفاسد مقدم على جلب المنافع كما تقول القاعدة الفقهية؟
للأسف  الكبار العاقلون بعيدون عن التواصل مع الشباب بشكل حقيقى والمثقفون المستنيرون بعيدون عن ممارسات الشارع الحقيقى من تمييزو أفكار مغلوطة و السياسيونبالكراسى مشغولون والثوار فى التحرير يناضلون والنار تحت الرماد دخانها يكاد يخنق الناس وهم لايعون الخطر القادم. النار لم تعد تحتمل المزيد من الزيت ، فهذا وقت الفتنة والخطر الحقيقين ويستلزم من الجميع أن يقولون ( أويشيرون) خيراً أويصمتون.