رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«عاصفة الحزم».. الاستباقية

يبدو أن تعبير «عاصفة الحزم» ليس اسما لعملية عسكرية ضد عدو داهم ولكن تعبير عن الواقع الذى  يبدو فى أفقه تحالف جديد يجمع إيران وإسرائيل والحوثيين، لإضافة رقم جديد في أوراق اللعبة التي تعج بالأساطيل الدولية في مياه البحر الأحمر والمحيط الهندي،

وتدويل أزمة اليمن، وهذا يسير فى اتجاه السيطرة الأمريكية على باب المندب بحجة حماية الملاحة الدولية به، لذلك فإن «عاصفة الحزم» لعبت فى الاتجاه المضاد لتلك الخطة، وخاصة أنها بدأت خاطفة بدون مقدمات كإحدى الضربات الاستباقية، ذلك المفهوم العسكري الاستراتيجي، والخاضع لقيادة الجيش وآليات إدارتها للحرب بعد نشوبها أو قبل نشوبها بفترة قصيرة.
والضربات الاستباقية توجه ضد قوات الخصم التي تم نشرها فعلاً في أوضاع هجومية مختلفة استعداداً لهجوم حقيقي.. والحزم فى اتخاذ قرار الهجوم «عاصفة الحزم» أثبت الفشل الذريع للمخابرات الإيرانية التي تلقت صفعة كبرى وفوجئت بهذا الهجوم الواسع بعدما توقعت أن تصمت الدول العربية وتكتفي بالشجب أو التهديد، وبعدما حركت أذرعها العسكرية (الحوثيين) للاستيلاء على باب المندب والجنوب اليمني أيضًا لبسط سيطرتها على كامل اليمن.. وللحوثيين طموحات أكبر من حجمهم الفعلي في البلاد، وهي طموحات مرتبطة بأمجاد إمامية قديمة حكم فيها أجدادهم أجزاء من اليمن لمئات السنين وهي متعلقة بقناعتهم بحصر الولاية في سلالة الحسن والحسين -حفيدَيْ النبي محمد- التي يرون أن زعيمهم ينتمي إليها. وكذلك قناعتهم – مثل نظام الملالي في إيران- بأن الإمام هو أعلى سلطة من رئيس الدولة وهو الذي يملك حق الفصل في القرارات السيادية؛وخاصة أن آراء فقهية شيعية مصدرها إيران أخذت في الانتشار في المنطقة تعتبر أن ما يحدث هو تسريع لعودة «الإمام الغائب» أو كما يسميه البعض «سيناريو نهاية العالم»، واعتبارهم وفاة الملك السابق عبد الله وانتصارات الحوثيين وشيعة العراق جزءا من هذا السيناريو.
ونحن نعلم ان  إيران كانت تحشد  قواها فى منطقة الخليج العربي من أجل تحقيق حلمها الذي طالما تسعى إليه الثورة الخمينية وهو الهلال الشيعي بمنطقة الشرق الأوسط، الذى يضم دول الخليج والعراق والأردن حتى سورية ولبنان. وقد كان هذا الحلم يقترب من الواقع بمساعدة أمريكا؛ وفى الواقع أن الضربة العسكرية أفقدت ايران الداعم الأكبر للحوثيين باليمن صوابها، وقللت من احتمالية تأثيرها على مضيق باب المندب لضرب قناة السويس فى مقتل عن طريق غلقها مضيق باب المندب، ووجود قواتنا البحرية هناك يقتل حلمها الخبيث.
والأكثر تأثيرا من ذلك هو تشكيل قوة عربية عسكرية موحدة فى القمة العربية،  فبعد سقوط صدام وإقصاء حزب البعث والسنة وإعطاء السلطة للشيعة والموالين للنظام الايراني، والوضع السوري المعقد ؛أصبح الامر يحتاج الى العمل سويا، للوقوف ضد فكرة الهلال الشيعي التي طرحها الملك عبد الله الثاني ملك الأردن في معرض حديثه لصحيفة الواشنطن بوست أثناء زيارته للولايات المتحدة في أوائل شهر ديسمبر عام 2004، حين عبر عن تخوفه من وصول حكومة عراقية موالية لإيران إلى السلطة في بغداد تتعاون مع طهران ودمشق لإنشاء هلال يخضع للنفوذ الشيعي يمتد إلى لبنان ويخل بالتوازن القائم مع

السُنّة.. حيث رأى الملك في بروز هلال شيعي في المنطقة أمراً يدعو إلى التفكير الجدي في مستقبل استقرار المنطقة، وهو يمكن أن يحمل تغيرات واضحة في خريطة المصالح السياسية لبعض دول المنطقة.
ومنذ ظهور هذا المصطلح الجديد بدأت تتغير خارطة التحالفات في المنطقة وكلنا يعلم أن إيران قدمت لأمريكا خدمات مباشرة وغير مباشرة وأن هناك لقاءات تتم سواء بالسر أو العلن مع الاسرائيليين، فإيران اقل بكثير من تصلب العرب ضد اسرائيل وإمكانية إقامة علاقات كاملة بين اسرائيل وإيران مقبولة لدى الساسة الايرانية وكذلك الشعب الايراني لاسيما أن عددا من اليهود الايرانيين يعيشون في إيران بكامل حرياتهم الدينية والاجتماعية دون مساس أو نقصان.
وترى أمريكا أن ايران من الممكن أن تعود لسابق عهدها وأن تكون حليفا استراتيجيا لأمريكا وأن خدمات الاعوام الماضية تستحق المكافأة.. وهو الهلال الشيعي، والمسألة مسألة وقت في هذا الهلال الشيعي، فالدور متزامن في مد بساط هذا الهلال والضغط على سوريا ؛حتى يتم التفرغ تماما للعقبة الكبرى للدولة الخليجية الكبرى.
هذا السيناريو المرسوم لايظن أحد أنه تخطيط عشوائى، فنحن الأمة العربية كما قال بيجن أمة لا تقرأ، وهو منشور في كتب الساسة الأمريكيين قبل أن يسقط صدام.. والضربة العسكرية كان لابد من توجيهها للحوثيين فى اليمن لوقف السرطان الامريكى الذى تريد امريكا تنفيذه لتقسيم الشرق الاوسط، وهدم مصر اقتصاديا بشكل خاص والعرب بشكل عام، بمساعدة الشقيقة الصغرى اسرائيل وذراعهما اليمنى داعش. وفى الحقيقة أن «عاصفة الحزم» بددت المخاوف الكبيرة من تكرار السيناريو العراقي في اليمن، لأن الشيعة عندما سيطروا على الحكم في العراق، أقصوا المناطق السنية مما جعل تنظيم «الدولة الإسلامية» ينال تأييدا شعبيا كبيرا في مناطق السنة؛ وأصبحت العشائر العراقية السنة تقاتل إلى جانب تنظيم القاعدة. وهذا ما يخشى منه في اليمن، أي أن يزداد تهميش المناطق المهمشة أصلا وتنتفض هذه المناطق ويستفيد تنظيم القاعدة من الغبن والاحتقان الشعبي الموجود لدى الكثير من اليمنيين ويوظفه في حربه ضد الوضع القائم في اليمن.