رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وبكت العدالة يوم العيد..!!

لماذا تبكين يا حسناء؟؟ لماذا يا صاحبة الجلالة؟؟ لماذا يا معصوبة العينين؟ لماذا يا «معات» يا آلهة الحق والعدل عند آبائنا المصريين القدماء الذين ألهوك.. فأنت النور وأنت الحياة وأنت عنوان صلاح الأمم  والأفراد..

ماذا دهاك في تلك الأيام غير المحسوبة في عقد الزمن وعمره، يوم ذهب المتقاضون إلى بيتك: «بيت العدالة» فوجدوه موصوداً في وجوههم.. وأنت دائما وأبداً «لا توصدي الأبواب في وجه طارقيك».
حين غاب القاضي يوم الحكم، وحين تبعثرت أوراق القضية في يد المحامي.. فلم يجد طريقه صوب محرابك؟
مهما قيل ومهما يقال أنت النور به اهتدينا، أنت حصننا الحصين أنت الأمل والملاذ، ومن المستحيل أن تمسين بسوء.. والذي حدث وأبكاك فكأنما أبكى الأمة كلها، بشتى طوائفها وفصائلها.. يوم العيد.

لتأذنوا لنا أن نصطحب العدالة المقدسة وكيف كانت منذ فجر تاريخنا علامة مضيئة في مشكاة الحضارة المصرية الإنسانية، وإذ عبدوا العدالة، وإذ طبقها قضاة مصر نبراساً للحكم الرشيد وها هو القاضي «حابي» في الأسرة الرابعة من تاريخ مصر القديمة يعلن في بهاء أن العدالة أبدية سرمدية «وأن العدل - وجب أن يصان - لأن العدل ينزل مع صاحبه القبر».

وفي منتهى الإيجاز نطل على ازدهار العدالة المقدسة من الإنسان المصري ونظام الحكم في مصر ولافتته الكبرى: العدل أساس الملك.
ولنقرأ معاً ما سطرناه بالوثائق التاريخية عظمة العدالة المصرية على عرشها الأبدي: في مؤلفنا «الحكيم إيبوور وفلسفة الحكم في مصر الفرعونية، مع الحديث عن أول ثورة شعبية في العالم القديم قاطبة».
وقد حفل التاريخ الفرعوني بالحث على فضيلة العدالة، لتأخذ معنى قدسيتها في تعاليم الملك «خيتي الرابع» (رابع ملوك الأسرة العاشرة) الموجهة إلى ابنه «مربكارع» وهو يعظه: «يا بني تحل بالفضائل حتي يثبت عرشك على الأرض، هدئ من روع الباكي، ولا تظلم الأرملة، لا تجرد أحداً مما يملك، ولا تطرد موظفاً من عمله، ولا تكن فظاً بل كن رحيم القلب، لا ترفع ابن الشخص العظيم على ابن الشخص المتواضع، بل قرب إليك الإنسان حسب كفاءته» إنها سنام العدالة وذروتها على قنطرة الزمن.
أيضاً فقط طفحت «بردية الفلاح الفصيح» «خونا نوب»

بالشكوى المرة ضد الحكام الظالمين، وأوصل شكواه الى مسامع الملك الذي استمع إليها في ألم وحقق للفلاح العدالة فيما كان يطلبه، قال له فيما قال: «أقم حياة الصدق، أجب داعي الحمد، واطرح الشر أرضاً، أقم العدالة أيها الحميد الذي يثنى عليه كل حميد»، وفي موضع آخر يذكر الملك بعدالة آبائه في السماء «كن رحيماً محسنا، ونقب عن الحقيقة، ولا تكن ظالماً حتى لا تدور عليك الدوائر يوماً، لا تسلب فقيراً ماله، ولا تنهب ضعيفاً، ان مال الفقير حياته، ومن أخذ مال الفقير فقد خنقه»، واذا لم يفعل الحاكم ذلك فإنه يفقد سنده الشرعي في حكمه، ثم تنتهي قصة الفلاح الفصيح بانتصار الحق والعدل.
وإذ حاد الملوك والحكام عن تحقيق العدالة والانحراف عن صراطها المستقيم إبان العهد الاقطاعي الأول الذي بسببه قامت الثورة، جاء ملوك الدولة الوسطى وأمامهم تلك المأساة التي حاقت بالملوك والبلاد والعباد فعادوا الى رحاب العدالة من جديد، أساس ملكهم الإلهي، وهنا يصف العلامة «موريه» هذا العهد الجديد بأنه عهد الملوك «الملوك المصلحين المشرعين» كما أنه كان عهد القوانين العادلة justes Lois السارية على الملك والشعب وأصبحت كلمة القانون هي الكلمة العليا، وسادت المساواة الناس كافة.
تلك الكلمات التي خرجت مخرج النور من فم الإله رع:
«قل العدالة، اصنع العدالة لأن العدالة قادرة، إنها عظيمة، إنها سرمدية».
وآخر دعوانا.
«وإلي لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان»..