التوحيدُ الدينيُّ تحريرٌ للإنسان
التوحيدُ الدينيُّ هو المفجِّر لطاقات ومَلَكات الحريّة فى الإنسان، فعندما يُفرد المؤمن الموحّد الذات الإلهية بالعبودية يتحرر- فى ذات الوقت- من العبودية لكل الطواغيت.. فقمّةُ العبودية لله الواحد هى قمة الحرية والتحرير للإنسان ولذلك كانت شهادة أنْ لا إلهَ إلا الله إعلاناً لحرية والتحرير للمؤمنين بوحدانية الله...
ومن الأخطاء الفكرية التى شاعت فى دوائر أصحاب الفلسفات الوضعيّة والمادية، القول إنّ الإنسانية قد بدأت تصوراتها واعتقاداتها الدينية بالشرك والوثنية، فلما نضج العقل البشرى انتقل من الشرك إلى التوحيد.. ولقد وقعوا فى هذا الخطأ لإنكارهم الغيبَ والوحي والنبوّةَ والرسالة، ولإرجاعهم كلَّ فكرٍ إلى الأرض وإلى العقل البشرى.. ومن هنا شاع فى دراسات المِصريات والفكر والآثار الفِرعونية قولُ علماء المصريات الغربيين: إنَّ المصريين القدماء قد عرفوا التوحيد قبل الأديان السماوية!؛ ذلك لأن هؤلاء العلماء - وهم فى الأصل غربيون وضعيون ماديون عَلمانيون - قد وجدوا تراثًا فِرعونيًا موحِّدًا لله، ومنزِّهًا له فى التراث السابق على عصر الديانات السماوية الثلاث، فنسبوه إلى العقل البشرى، ومن ثمَّ وقعوا فى هذا الخطأ الفكريِّ الكبير.
وعلى العكس من هذا المنهج الوضعى الماديّ فى التفكير، يؤمن المتدينون بالديانات السماوية أن الإنسانية قد بدأت بالتوحيد، وليس اختراعًا بشريًا وثمرة من ثمرات العقل الإنسانى، وإنما وحيًا إلهيًا إلى أبى البشر"نبى الله" آدم عليه السلام.. كما يؤمنون بأنّ التراث التوحيدى والموحَّد لله -عبْر تاريخ الفكر الإنسانى ومنه تراث التوحيد فى مصر القديمة - إما أنّه من بقايا وآثار الأنبياء والمرسلين السابقين، أو أن المبشّرين به والداعين إليه هم رسل لم يردْ ذِكرهم فى القرآن الكريم - وهم كثيرون: " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاء أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ