رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القدسُ عَربيّة إسلاميّة

القدْسُ عربيّة منذ ستين قرناً، ففي الألفَ الرابع قبل الميلاد بناها العربُ اليبوسيون وهم من بطون العرب الأوائل الذين نزحوا من الجزيرة العربية وأطلقوا عليها اسم "يبوس"،

وإذا كان أبو الأنبياء إبراهيمُ الخليلُ ـ عليه السلام ـ ، قد تغرّب في أرض كنعان - أرض الفلسطينيين - فإنّ تاريخ ظهور أبي الأنبياء هو القرن التاسع عشر قبل الميلاد، أَي إنّ القدس عربية قبل عصر أبي الأنبياء بواحدٍ وعشرين قرناً.

وهذه القدسُ العربيّة وأرضُ كنعان - الفلسطينيين العربَ - قد بارك الله فيها قبل رحلة أبى الأنبياء إليها (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) "الأنبياء 71".

 فمباركةُ الله في هذه الأرضِ سابقة على هذا التاريخ، وهي مباركةُ مُشاعةٌ للعالمين، كلِّ العالمين، ولعلّ فى هذا التعبيرِ القرآنيِّ النبوءةَ بأنّ القدسَ والأرضَ سترتبط بها كل أمم الرسالات التي انحدرت من ذرية أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وأنها لن تكون حكراً على فريق دون الآخرين.

وإذا كانت اليهوديةُ هي شريعة موسي عليه السلام فإنّ عصر موسي واليهودية إنما كان في القرنِ الثالثَ عشرَ قبل الميلاد، أي إن القدسَ عربية قبل ظهور اليهودية بسبعة وعشرين قرناً - أي بما يقرُب من ثلاثة آلاف عام - يضاف إلى ذلك أنّ موسى عليه السلام قد وُلد وتربى ونشأ وأوحى إليه فى مصر.

ولقد نزلت عليه التوراة باللغة الهيروغليفية - لغة قومه ولغة فرعون وملته - الذين أرسل إليهم موسي (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) "إبراهيم 4".

وكما يذكر (العهد القديم) كتاب اليهود المقدّس فإنّ موسي قد توفي ودفن بمصر في سيناء ولم يرَ القدس ولم تطأ قدمه أرض كنعان "فلسطين".

ومما يزيد هذه الحقيقة التاريخية ثباتاً أنّ اللغة العبرية هي في الأصل لهجة كنعانية تطورت إلى لغة،

تحدّث بها بنو إسرائيل بعد غزوهم لأرض كنعان، أيّ بعد نزول التوراة بالهيروغليفية بأكثر من قرن من الزمان.

أمّا الوجود اليهودي في مدينة القدس فإنه لم يتعد 415 عاماً في القرن العاشر قبل الميلاد، أي بعد بناء العرب اليبوسيين للقدس العربية بثلاثين قرناً، ولقد حدث هذا الوجود العارض والمؤقت بعد الغزو والاستعمار الاستيطاني العبراني، والذي كان دموياً، وصفته أسفار العهد القديم في الأوامر الموجهة إلي هؤلاء الغزاة، والتي تقول لهم (إنكم عابرونَ للأردُن إلى أرض كنعان، فتطردون كلَّ سُكّان الأرضِ من أمامكم، تملكون الأرضَ وتسكنون فيها، وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكونون أشواكاً في أعينكم ومناخس في جوانبكم، ويضايقونكم في الأرض التي أنتم ساكنون فيها) "سفر العدد 33: 50 - 53 و55 و56".

وإذا كان هذا الوجود العبراني الطارئ في القدس والذي لم يتعد 415 عاماً في القرن العاشر قبل الميلاد، إنّما جاء ثمرةً لهذا الغزو الدموي، فإنّ هذه المدينة قد مرّ بها العديد من الغُزاةِ على مرّ تاريخها الطويل والعريق، غزاها الفراعنةُ، والبابليون والرومانُ والإنجليزُ والصهاينةُ، لكن هذا الغزو لم يغيّر من الحقيقة التاريخية الصلبة والعنيدة، التي تقول: إنّ القدس عربيّة، وأن عُمْر عُروبتها قد بلغ الآن ستين قرناً.