رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عَـدْلُ الخليفة عمرَ بنِ عبد العزيز

العدْل اسمٌ من أسماءِ الله ـ سبحانه وتعالى ـ ، وإذا كان من رُوْحِ الحضارةِ الغربيّة القوّة، فإنّ العدلَ هو روحُ حضارة الإسلام.

ولقد كان الراشدُ الخامسُ عمرُ بنُ عبدالعزيز ( 61-101 هـ/ 681-720م) قمّةً في إقامة العدل بين الناس، لا نغالى إذا قلنا إنّه تفوّق في إقامته على عدل الراشدين الذين سبقوه، لأنّ العدل في أعقاب دولة النبوّة كان موروثا.. بينما كان في عهد عمربن عبدالعزيز انقلاباً على الجوْرِ الذي ساد ما يقرُب من ستين عاماً!..
وفى خلافة هذا الراشد الخامس- التي لم تتعدّ العامين- نصوص سياسية تحتاج إلي فقه جديد، نتعلم منه هذا العدل الذي جسّده عمربن عبدالعزيز بين الناس..
لقد أعلن – في خُطبه ومراسلاته مع العلماء والولاة- أنّ المرجعية المقدسة هي الكتاب والسنة..وأن رأس الدولة منفذ لما يحكم به القضاء، ويشير به المشيرون..وأنّ رأس الدولة ليس خير الناس، وإنما أثقلهم حملا،  وأنّ من لم يجد من الرعيّة العدل  فخرج على الإمام  وهرب من السلطان فليس بعاص وإنما الإمام هو العاصي!..وأنّ مواريث الظلم لا تكتسب أيّة شرعية مهما طال بها الزمان.
وتحدّث عن أركان السلطة الأربعة، فقال: " إن للسلطان أركاناً أربعة لا يثبت إلاّ بها، فالوالي ركن، والقاضي ركن، وصاحب بيت المال ركن، والركن الرابع الإمام".
ومن موقع السلطة- وليس المعارضة- أعلن عمربن عبدالعزيز أنّ المال مال الله، وأن الأمة- كلَّ الأمّة- مستخلفة عن الله في الأموال.. تقضي بها حاجات أهلها..والحاكم المحكوم في المال سواء..وأنّ التكافل يشمل الأمة جمعاءَ، المسلمين منها وغيرَ المسلمين، والرقيقَ والأحرار، سواء بسواء، وأن الإنفاق يجب أن يكون من الحلال الطيب الذي لم يتدنس بالحرام..وأنّ علي الدولة أن تسهر علي رعاية الأسرى- في سجون الأعداء- ورعاية أسرهم- كبيرهم وصغيرهم، الذكور والإناث، الأحرار منهم

والأرقّاء..
كما جعل عمربن عبدالعزيز نفقات جهاز الدولة من بيت المال، وليس على كاهل الفلاحين..ومنع الاستغلال للفلاحين بواسطة فروق العملة!..ووضع الجزية عن الذين أسلموا، لأنّ الله قد بعث محمداً- صلى الله عليه وسلم- هاديا لا جابياً!..وقرر مساعدة الراغبين في أداء فريضة الحج من بيت المال..وأمر الولاة بمراجعة الخلافة قبل إقامة عقوبات الحدود!.
ومع الأمر بالعدل والإحسان  وإشاعتهما- وهما قوام الدين- أمر عمربن عبدالعزيز الجيوش الإسلامية أن تلتزم بدستور الفروسية الإسلامية، فكتب إلي أمراء الجيوش:"إنه بلغني أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كان إذا بعث جيشاً أو سريّة قال:" أغزوا باسم الله، وفي سبيل الله، تقاتلون من كفر بالله، لا تغلّوا-(لا تخونوا)- ولا تغدروا- ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا امرأة ولا وليداً".
ولقد تعدّى عدل عمربن العزيز حدود الإنسان إلى الرفق بالحيوان، فكتب إلي العمال والولاة:" لا تجرّوا شاة إلي مذبحها، ولا تحدّوا الشفرة على رأس الذبيحة"، وطلب من خادمه  مزاحم أن يراقبه، فقال له:"إن الولاة جعلوا العيون علي العوام، وأنا أجعلك عيني على نفسي، فإن سمعت منّي كلمة تربأ بي عنها، أو فعلا لاتحبّه، فعظّنِى عنده، وانهنِي عنه".
إنه العدل الذي يمثّل روح الإسلام.