رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دليل المدير الذكي في اختيار المستشارين

 

هامان كان كبير مستشاري فرعون موسي.. أقنعه أنه يملك الأرض ومن عليها ويحيي ويميت ويمنح ويمنع وأنه علي كل شيء قدير إلي الدرجة التي جعلت الفرعون يطلب من أمين شئونه ومستودع أسراره أن يبني له صرحاً يصل إلي عنان السماء لعله يطلع علي إله موسي.. إلي هذه الدرجة يمكن أن يتغلل مستشارو السوء في حياة أسيادهم يسمعونهم ما يحبون، ويبيعون لهم الوهم، ويزينون لهم الباطل، ويجعلون المستحيل ممكناً والشاذ وغير المألوف طبيعياً، وظلم الناس عدلاً خالصاً، والمطالبة بالحق تمرداً وبطراً علي النعمة فيتحول السيد بالتدريج إلي صورة سيد ومسخ مشوه لرئيس مؤسسة أو رئيس دولة، ويصبح في الحقيقة خادماً لأغراض هؤلاء المستشارين من محترفي البغاء السياسي والعهر المؤسسي يحكمون باسمه، ويستمدون جبروتهم من سلطاته وينفذون خططهم للإثراء غير المشروع ويتاجرون في كل شيء لحسابهم وحساب المجموعات الأخري من مراكز القوي التي يشكلونها صفاً ثانياً وثالثاً تحمي مكاسبهم التي ينالهم نصيب منها حتي لو كان الفتات والذي يصل أحياناً إلي الملايين.

مصر نموذج واقعي لنظام قامت مؤسساته علي الفساد، وتعددت شبكات الفساد فيه تنسج حول الوطن شرنقة من الأسلاك الشائكة تغلفها خيوط حريرية تجمل شكلها وتخدع الناظرين وتلهيهم عما يدور داخل الشرنقة.. تدابير محكمة تعزل من يظن أنه الحاكم الفعلي في عالم رومانسي خيالي اقتراضي لا وجود له في الواقع من صنع العصابات التي تحيط به.. هامان يسكن إلي جوار الحاكم ويجلس علي بابه ويتحكم فيمن يراهم ويعرف مسبقاً نواياهم ويسمح لهم بالدخول بعد أن يوافق علي ما سيقولون ويتأكد أنه لن يفسد أي خطط شارك في صنعها مع سدنة النظام وكهنته والمسبحين بحمده ليل نهار.. يعرف أسرار الفرعون ويحتفظ لنفسه بما يدينه »ويجرسه« لابتزازه وإخضاعه لرغباته، ويقصي أي صوت يريد أن يرتفع بكلمة الحق ويعتبر ذلك تهديداً صريحاً لأمن »مؤسسة الفرعون« ورؤوس النظام، بل يلقنه فنون الابتزاز وأساليب الوقيعة وإشعال الفتن ويجند فرقاً من البلطجية والفتوات والمجرمين والخارجين علي القانون لحمايته بعد تعطيل جميع القوانين ماعدا ما تم تفصيله »وترقيعه« ليقنن السرقة والنهب والفساد.. يصبح رأس النظام أباً روحياً وعراباً »لأسر« من المافيا تسكن مؤسسات الدولة باعتبارها دوراً للإيواء لمن هم علي شاكلتهم بدءاً بأقاربهم وانتهاء بخدام يتمسحون علي أعتابهم ويلعقون أحذيتهم ومروراً بالمعارف ومن تربطهم بهم مصالح مشتركة داخل إطار منظومة الفساد التي تسمي الدولة.

تصوروا رئيس دولة سابق يهدد »بفضح« بعض قيادات الدولة، ويصرح بأن لديه مستندات تدينهم وأنه سوف يكشف عنها في الوقت المناسب.. يساوم علي عدم محاكمته وترحيله إلي السجن أو مستشفي عسكري بعد أن أعيته حيل المبالغة في التمارض وكسب الوقت والمناورات التي ضاق بها الشعب ذرعاً وأصبح سرعة محاكمته مثلما يحاكم كل رموز نظامه مطلباً شعبياً ملحاً.. رئيس نظام المافيا التي كانت تحكم مصر باسمه »وبمباركته« يطبق أساليب مستشاري السوء ممن كانوا يحيطون به، وعي الدرس جيداً ويريد الآن أن يجرب تطبيقه بعد أن

جرب من قبل العديد من الأساليب للوقيعة بين الشعب والجيش وبين الشعب والشرطة وبين الشعب والشعب ممثلاً في فئاته المختلفة، ولم تتوان فلول النظام عن استخدام الفتنة الطائفية والمطالب الفئوية لإشعال النيران في الوطن كله حتي يهنأ الفرعون بمنظر مصر تحترق من شرفة غرفته في شرم الشيخ.. تعلم الدرس ووعاه من أساتذة ومستشارين تخصصوا في هذا النوع من الممارسات »غير الشريفة« يساندهم جيوش من »صرماتية القوانين« تحميهم وتقنن أفعالهم.. رئيس يشعر أنه فوق القانون ويرفض أن يتصور أن نهب مصر وإشاعة الفساد بين ربوعها وقتل شباب الثورة ومن قبلهم الآلاف في المعتقلات والسجون وأقسام الشرطة علي يد زبانيته جرائم عظمي تستحق الحساب، تورمت ذاته فأصبح يشعر أنه أكبر من أي مساءلة وذاته مصونة لا تمس.

منتهي العدالة أن يطالب الشعب بمحاكمة مبارك وأسرته ومستشاريه ورؤوس النظام وأذنابهم ممن لا يزالون يحتلون مناصبهم التي كانوا يشغلونها في عهده، بل إن بعضهم استطاع أن يتسلل إلي مناصب أعلي في أعقاب الثورة.. عدالة حرم منها شعب بأكمله ظل حبيس الوطن أسيراً حكم عليه بالسجن المشدد ولم يفكر أحد - حتي قامت الثورة - أن يفرج عنه لحسن السير والسلوك أو حتي بثلاثة أرباع المدة.. الرئيس الذي خرج علي الناس بمنتهي الجرأة يهدد »بمقاضاة« من اجترأوا باتهامه وأسرته أنه هرب المليارات للخارج هو نفسه الذي يطلب اليوم العفو والرحمة وعدم المحاكمة علي جرائم ضد الإنسانية وخيانة الأمانة والقتل العمد بل والخيانة العظمي في حق مصر.. سوف تتكرر زيارات مبارك ومن كانوا حوله لقصر العدالة متهمين ينتظرون حكم القضاء فيهم قصاصاً لشعب مصر، وسوف يوقنون أن قصر العدالة يختلف شكلاً وموضوعاً عن قصر الرئاسة الذي كان وكراً لعصابات الفساد التي كانت تحكم مصر.. سوف يجلسون في قفص الاتهام يسمعون لائحة الاتهامات المشينة والأحكام العادلة التي سيرحلون بعدها إلي السجون لكي ينضموا لطوابير أخري من نوعيتهم أساءت إلي الوطن وأضاعت حرمته وروعت شعبه.