رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التعليم والجودة.. والحقيقة الضائعة؟!

حديثان في نفس الصحيفة في نفس اليوم يجسدان مأساة مصر وجرائم نصف قرن مضي تم خلاله «تجريف» عقل مصر وتحويلها إلي أمة غالبيتها جهلاء أميون بمقاييس القرن التاسع عشر قبل ثورة تكنولوجيا المعلومات، أي لا يقرؤون ولا يكتبون.

فارسا الحديثين مستشار وزير التربية والتعليم الذي ظل في عهد النظام السابق يتولي مسئولية الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار لأكثر من ربع قرن صرف خلالها مليارات ولا تزال نسبة الأمية في مصر تتحدي تلال التصريحات الوردية التي توالي صدورها، لكي تبشر بمصر التي لا يوجد بها أمي واحد قبل أن يتولي منصبه الجديد مستشارا لوزير التعليم، والثاني رئيس الهيئة القومية لجودة التعليم غير الموجود أصلا لكي نقيس جودته والذي أهدر ما يقرب من مليار جنيه مصري في أقل من سبع سنوات لكي يصدر شهادات جودة «بالأمر المباشر» من سيدة مصر الأولي والأخيرة لعدد من المدارس التي كانت ترعاها أو تضع اسمها عليها تيمناً بأن ينالها نصيب من العطايا والمنح والتميز الذي لا تستحقه، وعدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من كليات الجامعة ذرا للرماد في العيون وتبريراً للأموال التي صرفت علي المرتبات والمكافآت وسفريات المحظوظين واستيراد الخبراء من كل الدنيا يمنحوننا «بالأجر» صكوك الصلاحية ويضفون شرعية علي كيان حكومي يدعي أنه مستقل ومسئول عن «عقل» الأمة.. المفروض أن الجهاز المركزي للمحاسبات المسئول عن كل مليم تصرفه وزارة أو هيئة أو مؤسسة حكومية يراقب ميزانيات تلك الجهات ويتابع تنفيذها لخططها وأهدافها التي وعدت بها ويقارن ذلك بما صرف من ميزانية الدولة علي حساب توفير فرص العمل للعاطلين ولقمة العيش للجائعين والعلاج لضحايا مبيدات يوسف والي وفقراء وضحايا بطرس غالي.
تعالوا نقرأ العجب في حديثي الرجلين.. مستشار التعليم يقول بالفم المليان إن التعليم في مصر في مأزق خطير لأن أدوات الحل ضد الحل، ويضع الحلول التي جادت بها عبقريته ومنها الجوء إلي التكنولوجيا وتغيير نظم الامتحانات لكي تعتمد علي الابداع والتفكير وتشغيل العقل وربط المناهج بعضها ببعض وتخفيض عددها.. الحلول إذن موجودة لدي سيادته، فلماذا لم ينفذها علي الأقل لكي يحلل مئات الألوف من الجنيهات التي تقاضاها نظير عمله حتي الآن؟ الإجابة حاضرة وجاهزة ولكنها تشي بحجم المأساة.. سيادته يصرح - لا فض فوه - بأن الوزارة تطبع 500 مليون كتاب بتكلفة 1.1 مليار جنيه تكفي لسنوات قادمة ولذلك تحتاج من 3-5 سنوات لكي نستنفد المخزون أولا قبل أن نغير المناهج، ويضيف بأن «القطار يسير ولا أحد يستطيع إيقافه» .. ولما سأله المحرر لماذا فشل في برامج محو الأمية طوال السنوات الماضية أجاب قائلاً بجرأة يحسد عليها وتجريم لنفسه يستحق تقديمه للمحاكمة بتهمة إهدار المال العام «كان الأمر مقصوداً سياسياً، لأن الأمة الجاهلة أسهل وأسلس في القيادة من الأمة المتعلمة».. إذن سيادته اشترك عمدا مع سبق الإصرار والترصد في خداع الشعب المصري «وتجهيله» وتقاضي علي ذلك أجراً من نظام مبارك الفاسد، والأدهي من ذلك أنه لا يزال في منصبه مستشاراً لوزير التعليم الحالي

ولا يزال يقبض مخصصاته بمئات الألوف من جيب الشعب الذي أسهم تضليله وتدمير عقله.. أليست تلك جريمة ترقي إلي مستوي الخيانة العظمي وتستحق أن تقديمه ومن كان خلفه إلي المحاكمة؟
الفارس الثاني جريمته لا تقل فداحة حيث أنشئت هيئته لكي «تقنن» الخطأ وتضفي الشرعية علي مؤسسات تعليمية لا يوجد بفصولها كراسي لجلوس الطلاب، ولا مناهج متطورة تواكب العصر، ولا معلمون أكفاء محفزون أصحاب رسالة يؤدون عملهم بإتقان، ولا ملاعب تربي الجسم لكي يصح العقل فتكتمل منظومة التعليم.. الرجل يطالب في صدر الحديث «بوضع قواعد حازمة ومعايير لضمان جودة المدارس الخاصة» ونسأل - وليعذر لنا عدم الفهم - من الذي سوف يضع تلك المعايير، إذا لم يكن ذلك من صميم عمل الهيئة التي يرأسها؟ ويطالب - أي والله العظيم يطالب - بأن تكون هناك معايير عامة للسياسات التعليمية لا تتغير بتغيير الوزراء والمسئولين «علي أن يرعي تنفيذ هذه المعايير والسياسات مجلس أو جهاز دائم يقوم بمتابعتها ومحاسبتها علي المستوي القومي».. أليس ذلك من صميم عمل الهيئة يا سيادة رئيس الهيئة؟ إذن سيادتك وجيش مستشاريك ورؤساء القطاعات التي تكتظ بها الهيئة تجلسون بلا عمل وتتقاضون مئات الالوف شهرياً من ميزانية الدولة لمجرد إصدار تقارير ودراسات لا يستفيد بها أحد ولا يلتزم بها أحد.. هل هناك تسمية أخري لذلك سوي «إهدار المال العام»؟ سيادته لا يعترف في الحديث بأن 300 مدرسة فقط من بين أربعين ألف مدرسة قد حصلت علي شهادة الجودة ويصر علي أن 1200 مدرسة قد تم اعتمادها كما لو كان ذلك إنجازا يستحق التسجيل، ويقول - وليته ما قال - إن الهيئة ليست مسئولة عن تقدم المؤسسات التعليمية للحصول علي الاعتماد، بلاغ أتقدم به باعتباري مواطنا مصريا ومعلما صاحب رسالة، مطالبا بالتحقيق مع هذين المسئولين بتهمة إهدار المال العام، وأن تفتحوا ملف «تطوير التعليم في مصر» والذي صرف عليه أكثر من 60 مليون دولار من أموال المعونات الأجنبية حتي الآن وسوف تكتشفون عجباً.