رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القدس .. الحوار إيه؟

الجد والهزل والواقع والفن والحقيقة والسياسة متناقضات ومتقابلات لخصها شباب واع وفاهم وابن عصره ومناخه في عنوان ورؤية جديدة لمسرحية «بالعربي الفصيح» لقد صرخوا فنا وفكرا وإبداعا وهم يرددون«الحوار إيه؟».. ذلك الشباب من طلاب الأكاديمية العربية إحدي منظمات جامعة الدول العربية

يمثلون مختلف جنسيات وثقافات الوطن العربي، وكذلك كافة التخصصات والتوجهات من هندسة وبحرية وإدارة ونقل ولغات وإعلام وعمارة وحاسبات ولكأن الوطن العربي قد تبلور بداخلهم وانفجرت عروبتهم تصرخ في الأنظمة والحكومات لتدينها وترفضها وتؤكد أن الصراع القادم علي أرضنا العربية لن يكون صراعا ثقافيا أو حضاريا بين الشرق والغرب ولن يكون كذلك صراعا عسكريا بين جيوش وقوات نظامية أو حرة أو جهادية بقدر ما أن ذلك الصراع القادم هو صراع النفس والذات، صراع الشباب بين ذواتهم وعقولهم وسلوكهم الذي يستهلك حضارة غربية ويعيش في عباءة ماض وتقاليد بالية وأمجاد غير حقيقية أو عفي عليها الدهر وولي.
«الحوار إيه؟» رؤية جديدة من شباب عربي مصري حاول أن يشعل شمعة في ظلام الواقع العربي المرير، فاتفق علي أن تجمعهم رحلة فنية وعرض مسرحي استعراضي حواري تمتزج فيه أدوات عصرهم الحديث من إعلام مقروء ومرئي وشبكات تواصل اجتماعي وانترنت، بل وأضافوا رؤيتهم الخاصة بأن مركز الصراع ليس الامبراطورية الانجليزية التي حكمت العالم في القرنين الثامن والتاسع عشر وإنما بؤرة التحكم الاستعماري الحديث هي أمريكا بلد الأحلام والجنة الموعودة بنيويورك وشيكاجو ومنهاتن ولوس انجلوس بلاد الحرية والعم سام، بلاد العلم والدرجات العلمية حيث الطلاب العرب يجتمعون في أحد البيوتات للحصول علي التكنولوجيا الحديثة والشهادات ليعودوا أدراجهم لبلادهم من أقصي الشرق العربي الخليجي الي المغرب العربي التونسي والجزائري والليبي، ومن الشمال الشامي اللبناني الي الوسط المصري والجنوب السوداني ويظل الجرح الغائر في قلبهم جميعا «فايز» الطالب الفلسطيني الحالم الثائر الصادق الذي خذله أهله وحماسه وفتحه وإخوته وأشقاؤه العرب حكاما ومواطنين.
«الحوار إيه؟» لغة مسرحية أبدع مخرجها أحمد مختار في أن يقدم هؤلاء الهواة الشباب في قالب المحترفين مع تلقائية العرض والأداء وإتقان اللهجات والحركات الاستعراضية علي دقات أقدام وثنيات حركات المبدع «ضياء محمد» فنان الاستعراض المصري العالمي، وموسيقي أحمد شعتوت الذي استلهم الفلكلور الموسيقي لكل بلد عربي في مزج فني حديث ما بين فيروز وعبدالوهاب ونغمات الراب والميتال ورنات الناي ودقات دفوف الخليج ودبكات الشام وأهازيج الصحراء والجنوب فخرج عرض هؤلاء الشباب مكثفا ومحكما لأنه كان تواصلا بين الخبرة والحنكة والحرفية الفنية للمخرج وفريقه الفني وبين العفوية والفطرية وجمعية الشباب وبراءتهم وصدقهم وأملهم في أن يكون لهم تواجد ووجهة نظر يعبرون من خلالها عن رفضهم لهذا الواقع الدامي المهين الذي يعيشونه بين قنابل المولوتوف ومليونيات كرتونية وأحزاب متناحرة وحكومات جاءت بعد ثورات للربيع العربي فإذا بها نسخ مكررة ومعادة من ديكتاتوريات سابقة ولكأنك يا أبوزيد لا رحت ولا جيت ولا قمت بثورة ولا غزيت.. ولا كان ربيع عربي

ولكن استعمار جديد غربي، الفن والمسرح والغناء والرقص والإبداع هم الحقيقة بين ذلك، لواقع المسخ المشوه الكاذب الذي نعيشه ويعيشه هؤلاء الشباب وقد خذلهم الجميع وكذب قادتهم وتفرق شملهم وارتدي الجميع ماسكات تخفي الوجوه الحقيقية، وصار الحكام الجدد الذين يدعون الثورية والقومية العربية مجرد عرائس ماريونيت يتحكم في حركاتها وتصرفاتها الغرب والمال والسلطة متمثلة في أمريكا وأخواتها وإخوانها من الخونة والعملاء المأجورين وهو ما شخصه العمل المسرحي ورؤية المخرج وشبابه من هؤلاء الطلاب في مشهد الرقص داخل «قصر الملذات» حيث الوجوه خافية والحركات مبتذلة وإن كانت غامضة تشبه العرائس المتحركة والموسيقي صاخبة في خلفية عربية مصرية لصوت أم كلثوم وهي تشدو «يا ليلة العيد».. هذا هو حال الوطن العربي اليوم توهان وضياع وتمزق وادعاء بالثورة والحمية والخوف علي القدس أو «فايز» الذي ضاع أو تم اختطافه، الكل يدعي أنه سوف يبذل من أجله الغالي والرخيص لكن الواقع أنه لا مليونيات ولا شعارات ولا جيوش ولا جهاد وإنما صراع وصدام وخداع للذات، ندعي كراهية الغرب ونكفره ونحن نرتمي في أحضانه ونستهلك حضارته ونستثمر في بنوكه وبورصته ونستمتع بملذاته وتحركنا شهواته وخيوطه ومازلنا أمام الكاميرات نتشدق بالعروبة والأصالة والمودة وفي الواقع نتصارع ونتناحر ونحارب بعضنا البعض وننقسم ونتشرذم في طوائف وأعراق وأحزاب وجماعات.
«الحوار إيه؟» سؤال فني منطقي شبابي يؤكد أصحابه من الطلاب أنهم قد ملوا حوارات الكبار علي الشاشات والجرائد وفي المليونيات والمؤتمرات وأنهم يطلبون من موقع السجن الذي حبسهم فيه حكامهم وحكام العالم الغربي وفرضوا عليهم التخلف والقهر،ينادون ويطالبون بالرأفة ألا يستمروا في ذلك الوضع الشائن سوي 25 عاما فقط، وبعدها يتحررون وينطلقون!! أية مهانة وسخرية من شباب يملؤه الأمل في الحرية الحقيقية والعدالة والكرامة علي طريقة «الحوار إيه؟» وليس علي نهج مليونيات المنافقين علي القدس رايحين وهم مازالوا يرقصون بوجوه أخري في قصر ملذات السلطة؟! ببلاد تصدر العبودية وتدعي الحرية والديمقراطية.