رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجزيرة مصر.. النيل الدوحة

تتحقق السيادة والسيطرة والأمن القومى لأى دولة إذا كانت قادرة على بسط نظامها وسلطانها وحكمها على أرضها وفضائها ولهذا فإن قضية حرية الإعلام وتبادل المعلومات عبر الفضاء الرحيب هى قضية عالمية تختلف فيها توجهات الدول وقدرتها على السيطرة على فضائها الفسيح، فهناك بعض الدول

التى تفرض رقابة وسيادة على الإعلام والفضاء مثل الصين وإيران وڤيتنام حيث الرقابة تتعلق بكل ما يبث وكل ما يتم إنتاجه وصناعته إعلامياً أو تداوله إلكترونياً، فلا حرية فى الفضاء الإلكترونى أو البث الإعلامى إلا إذا مرت المعلومات والرسائل وحتى الفن والثقافة عبر غطاء رقابى إلكترونى يمنع ويحجب ويفلتر كل ما يصل إلى المواطن الصينى أو الڤيتنامى أو الإيرانى على سبيل المثال لا الحصر، حيث بعض البلدان العربية أيضاً.. أما فى بلادنا العربية فإن بعد عصور الخيمة والصحراء والانغلاق الثقافى والحضارى لأسباب استعمارية وأخرى دينية ثقافية إذا بالعالم العربى على اتساع رقعته قد نهل من بحر المعرفة الغربى واستند من التقدم التكنولوجى والمعرفى الذى أنتجته الدول الغربية بثقافتها ودينها وعاداتها وحضارتها ليصبح الشرق العربى مجرد مستهلك جيد بدرجة امتياز لهذه الحضارة المعرفية والتكنولوجيا التقنية ولكن الاستخدام الذى لا يضيف إلى العلم والتقدم والتطور الجاد والمعرفى فاستخدام الفضاء الإلكترونى ينحصر فى الموبايل والدردشة عبر الفيس بوك أو الفضائيات التى تبث إما برامج دينية وفتاوى تكفر صانعى التكنولوجيا والحضارة أو تستهلك الفضاء الإعلامى فى حوارات وبرامج تسمى سياسية تهدم وتهاجم وتنفذ مخططات استعمارية أو تستعمل الفضاء وقنواته فى برامج النجوم والرياضة والترفيه الذى يزيد من الاستهلاك الضائع للمستقبل وللجيل الذى يعيش على فتات ما أنتجته وأفرزته معامل علماء وصناع الغرب بلا أى محاولة للابتكار أو التجديد أو التغيير لأن من يحاول وينجح تتخاطفه جامعات ومراكز البحث العالمية ليصبح جزءاً من المجتمع الآخر والثقافة الأخرى والجانب الآخر من العالم، ذلك العالم المضيء بالعلم والحرية والديمقراطية والرغبة فى الاستمتاع بنعمة الحياة التى وهبها لنا الخالق وليس ذلك التجهم وذلك المنع وذلك النهى والتحريم لكل مباهج الحياة التى منحها لنا الله.
السيادة مرة أخرى هى السيطرة على الأرض والفضاء ولكن فى بلادنا المحروسة نجد نموذجاً فريداً للإعلام الفضائى الذى لا يتبع من قريب أو بعيد السيادة المصرية بأى صورة ولا يوجد نموذج مماثل له فى أى دولة فى العالم فإذا كان الإعلام فى مصر منقسماً ما بين إعلام رسمى حكومى يتبع نظام الدولة وحكومتها التنفيذية وحزبها الحاكم أياً كان وطنياً أم إخوانياً فإن الإعلام الآخر هو إعلام خاص حر يمتلكه رجال مال وأعمال لهم مصالح وتوجهات يبغون الربحية والاختلاف الذى يزيد من سخونة الفضاء والهواء وبالتالى من نسبة الإعلانات والربحية التى هى غاية صاحب رأس المال أو القناة التى قد تكون أيضاً غطاءً يحميه ويحمى مشروعاته من بطش الحكام.. وهناك أيضاً الإعلام الفضائى الذى تستقبله الأقمار الصناعية وهو الإعلام الذى قد تمنعه الدولة بأن ترفض بثه عبر قمرها نايل سات أو عرب سات أو حتى الأوروبى وقد تتدخل بالمنع أو التشويش أو الفلترة أو تغيير

التردد لإرباك المشاهد وتنغيص راحته وعيشته ومتابعته.. لكن مصر تفوقت على العالم وانفردت بإعلام غريب هو أن تكون هناك قناة من داخل الوطن وعلى أرض الوطن المصرى تحول من دولة أخرى ويعمل فى استديوهاتها مصريون ويحرك كاميراتها مصريون ويعد برامجها ويخرجها وينفذها مصريون، بل ومعظم ضيوفها من المصريين لكن بكل فخر وثقة هى قناة كل همها وهدفها ورسالتها الهجوم على مصر ونظامها القديم أو معارضتها الحالية والأخطر هو أنها تهتم فقط بالشأن المصرى لدرجة أنها صارت لها قناتان إحداهما الجزيرة مباشر والأخرى «مصر»، والاثنتان ليست لهما رسالة إعلامية إلا النظام السياسى المصرى سواء السابق أو الحالى وهو إعلام غريب وعجيب ومرفوض على مستوى أخلاقيات المهنة لأنه لا يساوى بين حق المعرفة وحرية التعبير بين البلدين.. فهل تستطيع مصر أن تنشئ قناة فضائية تبث من الدوحة أو من الرياض أو من جدة أو حتى من نيويورك أو واشنطن، ويكون همها وهدفها ومرادها الأول والأخير هو البحث والتنقيب فى مثالية ومساوئ ونواقص النظام السياسى فى تلك البلدان وأن تكون رسالة تلك القناة الفضائية المصرية فى هذه العواصم العربية أو الغربية هو تشريح المجتمع وإجراء حوارات فى المناطق الساخنة الرافضة لنظام الحكم فى قطر أو فى السعودية أو لسياسة حكامها أو لتوجهات أوباما والكونجرس؟! إذا حدث هذا فإنه سوف يكون سبقاً إعلامياً عالمياً تتحاكى بها الأوساط السياسية والإعلامية إذا سمحت تلك البلدان بأن تتخلى عن سيادتها على أرضها وسمائها راضية مرضية سعيدة بأن تكون مستباحة على أرضها وبأيدى أبنائها لكن بفكر وأموال وسياسات غيرها!!
لهذا فإن حركة قضاة من أجل مصر الذين أشادوا بالجزيرة ووصفوها بأنها قناة وطنية مما يعنى أن الوطنية ممتدة كالقومية العربية فهل لهم أن يبدأوا قناة مصرية فى الدوحة للمساهمة فى تعريف الشعب القطرى الشقيق بأمور بلاده وسياسة حكامه ونظامه مع استضافة المعارضة والشيعة وكل ما يخص أدق تفاصيل الحياة هناك.. إذا نجحوا فإن قناة النيل الدوحة ستؤكد السيادة المصرية على الأرض السمراء القطرية والمصرية.