عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجيش والسياسة

ما هى علاقة الجيوش بأمور السياسة والدولة؟ ذلك السؤال الحائر الذى يؤرق المصريين ويستغله المغرضون لتحقيق أغراضهم ويقع فى مصيدته الشباب والثوريون حين ترتفع الأصوات لتندد بما يسمى حكم العسكر..

وهى عبارة سيئة السمعة ولا تعبر عن واقع لأنها بكل بساطة مدفوعة الأجر مقدمًا من قبل الدول التى حكمها عسكر ويحكمها عسكر ولكن هؤلاء العسكر فى تلك الدول سواء إسرائيل أو أمريكا هم بالفعل عسكر مأجورون يؤدون الخدمة العسكرية ويتقاضون أموالاً نظير الالتحاق بالعسكرية والعديد منهم مرتزقة من بلدان وجنسيات وانتماءات متعددة ومع هذا فإن ولاءهم لصاحب المال الذى يدفع ويسلح ويعسكر ويجيش ومع هذا فإن تلك الدول ما يحركها هو العسكر لأنهم يصنعون وينتجون ويتاجرون بالسلاح ومن ثم فإن تلك الصناعة وهذه التجارة تعتمد على السياسة فى البلدان الضعيفة التى يملؤها الفساد والتطرف والعنصرية والديكتاتورية ومن ثم فإنها سوق خصب ومول تجارى كبير لبيع وشراء وتجربة تلك الأسلحة على جميع ألوانها وأشكالها ومن ثم فأن العسكر هم الذين يحكمون ويتحكمون فى سياسات أكبر الدول فى العالم وحلف الناتو بالرغم من أنه حلف اقتصادى إلا أنه قد أنشئ على أسس عسكرية وسياسية لأن العسكر هم الطرف الأول والرئيسى فى السياسة فلا حرب ولا قتال ولا سلم إلا من خلال السياسة، إذن علاقة العسكر بالحكم وبالسياسة مثلها مثل طرفى المقص لا انفصال ولا تضاد وإنما تكامل وحدة وقول فصل!!
وفى بلادنا المحروسة تعالت صيحات الحرية مع سقوط نظام الحكم الديكتاتورى فى 25 يناير 2011 ولكن اختلط الأمر على المثقفين والشباب وكانت صيحات «يسقط حكم العسكر» هى المسمار الذى تم دقه بحرفية فى نعش التحول الديمقراطى وبالقطع كان للإخوان والجماعات الجهادية والإسلامية النصيب الأكبر من حفلة التوقيع لكتاب وشعار التنديد بحكم العسكر وضرب المؤسسة المصرية العسكرية أقدم مؤسسات التاريخ البشرى فى مقتل.
فلقد قامت الدولة المصرية الأولى فى عهد الملك مينا موحد القطرين الشمالى والجنوبى فى الأسرة الأولى وذلك عن طريق أول جيش نظامى فى تاريخ البشرية من المصريين الذين تطوعوا واشتركوا فى جيش مصرى جمع الشمال والجنوب فى الوادى وأسس أول دولة حديثة قامت على أساس القوة والاقتصاد لذا فإن صور الجندى المصرى على جدران المعابد هى خير دليل على الجندية المصرية الممتدة عبر الأزمنة ولكن فى زمن الاستعمار تتساقط أوراق تلك الشجرة الوارفة فيرفض المستعمر أن يكون هناك جيش من المصريين كما حدث فى عصر المماليك الذين هم عبيد يملكون السلاح ويحكمون الشعب الحر فإذا بالموطن فريسة للفرنسيين والعثمانيين حتى يأتى محمد على فيرسل البعثات ويبدأ مرة أخرى فى بناء المؤسسة المصرية ويظهر أحمد عرابى الفلاح الجندى المصرى ليقف فى وجه الخديو والإنجليز ويصرخ صرخته الشهيرة «لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارًا» ولم يعترض الشعب ولا حقوق الإنسان ولا الثوريون بل سانده العامة والخاصة وأهل الفكر مثل عبدالله النديم وغيره من الكتاب والمثقفين أمثال الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغانى ومصطفى كامل ولم يقل أحد إن تدخل الجندى العسكرى «أحمد عرابى» فى أمور الحكم والسياسة كان ديكتاتوريًا وإنما هو بداية الحرية والتنوير والنهضة المصرية الحقيقية والتى كانت الشرارة لثورة 1919 ووفد سعد باشا زغلول.
أما حركة الضباط الأحرار فى 23 يوليو 1952 فإنها استمرت حتى عام 1967 حركة عسكرية سياسية لكنها انهزمت وانكسرت مع الهزيمة وبدأت مرحلة سياسية كاملة قادها عبدالناصر ثم أنور السادات حتى مبارك لم يكن للعسكرية.. تواجد على الساحة الفعلية وإنما هى سياسة ومباحثات ومفاوضات دعمها الجيش المصرى بانتصاراته فى حرب أكتوبر 1973 وحربى الخليج الأولى 1991 والثانية 2003 وحروب

ومعارك فى حفر الباطن وغيرها من الأراضى العربية وأقام العديد من المشروعات التنموية للمجتمع المصرى المدنى.. وظل الجيش المصرى والجندى المصرى واقفًا فى شموخ يحمى حدود مصر شرق البلاد وغربها وجنوبها وشمالها ولم يطمع فى تولى مناصب إلا بعض أبطال أكتوبر الذين صاروا محافظين أو مساعدى أو مستشارى وزراء لكنهم لم يخلطوا فكرة التواجد العسكرى مع المؤسسة المدنية التى عاشت فى ربوعها مصر دولة للقانون والمؤسسات التنفيذية والتشريعية والنيابية ولم نشعر بوجود ما يسمى حكم العسكر لدرجة أنه فى السنوات التى سبقت الثورة وصل الحال بالضباط لأن يركبوا الميكروباص بالبدلة العسكرية مما يعرضهم لمخاطر الحياة المدنية وهم حماة الوطن والأرض والعرض، فلم تكن لهم أى ميزات سوى نواد ومستشفيات مميزة للرتب الكبيرة وإسكان أقل من المتوسط ومرتب بسيط لا يوازى ما يتقاضاه أى شاب يعمل فى شركة مصرية أو عربية أو أجنبية ومع كل هذا حين قامت الثورة وآن للجندى المصرى أن يحمى إخوته وأهله ويرفض أن يكون طرفًا فى الصراع السياسى حتى بين القوى الإسلامية والثورية وبين النظام السابق.
وبعد الثورة وتدخل المجلس العسكرى فى السياسة وهو أمر حتمى فى تلك الظروف ظل الجندى المصرى على موقفه يحمى ويحافظ على الأرض وعلى العرض وعلى الروح وعلى الدولة ومع هذا زج به فى صراعات وصدامات وإهانات وسباب وقتال ودماء حتى وصلنا إلى قتل جنود أبرياء على الحدود فى يوم من أيام شهر رمضان لحظة لقاء الصائم وربه وزاد الجرح والألم والجندى المصرى يرى أرض بلاده على وشك أن تضيع ومقدرات الوطن وأصوله تطرح فيما يسمى بالصكوك الإسلامية وتصريحات عنترية عن عودة اليهود المصريين الذين قتل أبناؤهم وأحفادهم أولاد وآباء المصريين فى حروب 48 و67 و73 وحتى 56 وغيرها من المعارك أيام حرب الاستنزاف ومع هذا ظل الجندى المصرى شامخًا مصممًا على حفظ تراب هذا الوطن ومؤسساته ومقدراته وحدوده التى هى حدود مصر الدولة وليس مصر الإمارة الإسلامية فى المشروع الإخوانى الكبير.
ومازال المصريون يتساءلون ما علاقة العسكر والجيش بالسياسة وهل سيقف الجيش المصرى موقف المشاهد مما يحدث من تعد على الدولة ومؤسسات الدولة وآثار الدولة وأرض الدولة وحدود الدولة وأبناء الدولة.. أم سيتدخل الجيش فى السياسة؟! هل يسقط حكم العسكر؟.. أم يسقط حكم المرشد؟ أم يسقط حكم الإمارة وتقوم الدولة بحكم القانون وقوة الجيش المصرى وعزيمة شبابها الثوار.