رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عذراً جند مصر.. وصبراً آل مصر

إليك مني إليها الجندي الرابض على أرض الوطن تدافع عن كرامتي وكرامتك وكرامة الأمة، إليك مني ألف تحية وسلام وإجلال ووردة أهديها إليك مع خالص المودة والاحترام والعرفان فأنا مصرية عاشت في طفولتها البريئة هزيمة نكراء في يونيو 67، تلك النكسة والانكسار وهذا الهوان الذي ضرب الوطن العربي وأدمى القلوب والنفوس حين انكسر الحلم الناصري

وانهزم الجيش المصري في حرب الـ 6 ساعات وانكشفت آلة الاعلام المصري الخادعة والكاذبة والتي كانت تطلق الأكاذيب عن طائرات العدو التي تسقط كالذباب بأيدي المصريين الأشاوس وإذا بالحقيقة المظلمة تعلن سقوط مدن القناة الثلاث ودخول اسرائيل وقواتها الى أرض سيناء وهجرة ملايين المصريين من مدن القناة بعد أن هدمت بيوتهم وبعد أن صار العدو يسكن على الضفة الأخرى من القناة، أما مصر أو القاهرة فإنها تتعرض يومياً الى غارات تخترق حواجز الصمت وتضرب مدارس بحر البقر بالشرقية وتهدد المدنيين الأبرياء، وأنا طفلة صغيرة أسمع الخوف وأشاهد الرعب وأتابع أصوات الطائرات وهي تخترق الأجواء فينكسر زجاج نوافذ البيت بوسط القاهرة ونجري فزعين مرتعدين الى أسفل العمارات نحتمي من الغارات وقد وضعت أكياس من الرمال والطوب على مداخل وأبواب البنايات وتم طلاء النوافذ باللون الأزرق حتى لا يصدر منه ضوء يرسم علامات وإشارات لطائرات العدو فتضرب المنازل والمدارس والشوارع.
وبينما الخوف إذا بالحزن لموت واستشهاد أبناء عمومة أمي أو اقارب لأبي أو لجار فقد في تيه سيناء أو صديق للأسرة فقد ذراعاً أو قدماً أو عيناً وإذا بالحياة من حولي متشحة بالسواد والدموع وممتلئة بالأحزان والمخاوف من أحاديث الكبار وهم يتحدثون عن الجيش وهزيمته، وعن فساد الإدارة العسكرية التي أودت بتلك الهزيمة وضيعت حياة أكثر من 17 ألف جندي مصري ما بين قتيل وشهيد وأسير ومعاق وتائه في تيه الصحراء بأرض الفيروز، وعشت 6 سنوات من طفولتي أحلم بالأمان وأتمنى أن أرى أرض سيناء يرفرف عليها علم مصر وحلمت أن قوة مفارقة قد تظهر كما الجني من مصباح علاء الدين لتحقق المعجزة وتعبر خط بارليف الذي أعلنت اسرائيل أنه لن يقهر وأنه لا يوجد جيش يستطيع تدميره أو الوصول الى أرض سيناء.. إلى أن جاء يوم لن أعيش أجمل ولا أروع ولا أسمى منه يوم 6 أكتوبر 1973 الساعة الثانية ظهراً بعد عودتي من المدرسة في رمضان لأسمع عبر أثير الإذاعة خبراً مازال يتردد في أذني عن كيف نجحت القوات المسلحة المصرية في عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف.. وكفى أيام الفخر والفخار وزوال الخوف والغمة بالرغم من أن أسرتي كان بها أكثر من خمسة جنود وضباط في أرض المعركة من أبناء عمومة وأخواله وأصهار وجيران وأقارب الجميع كان هناك بين يدي المولى عز وجل من أجل الكرامة واسترداد الأرض وعودة المهجرين واستعادة الحلم في وطن حر كل ذرة في أرضه الطاهرة ملك

لأبنائه الشرفاء الأبطال.
وبالأمس الحزين شاهدت أسوأ مشهد على مرأى ومسمع من العالم أجمع، رأيت أبنائي وشباب وطني وطلاب جامعة عين شمس وفتيات وفتيان عشنا عمراً نعلمهم ونوجههم ونربيهم ونبني لهم وطناً حراً لكنه به بعض الفساد الذي حاربناه وقاومناه من أجلهم، إذ بهؤلاء الشباب يسب ويقذف ويتحرش ويتعرض لجنود مصر الذين يؤدون الخدمة العسكرية، وقد تركوا ديارهم وأرضهم وبلادهم من بحري الى الصعيد وذلك يخدمون وطنهم مصر ويدافعون عن شرف كل بنت وكل ولد ومن أجل أن يظل علم مصر يرفرف على أرض سيناء بالرغم من هجوم كتائب من حماس والقسام والامارات الاسلامية والقاعدة وغيرها من يهددون أمن مصر على حدودها، وقد وصلوا الى مداخلها وحرضوا صغارها وشبابها لأن يتحرشوا بجنودها بل ويحاولوا اقتحام مبنى وزارة الدفاع مركز الجيش المصري ورمز الأمة المصرية والدولة العظيمة التي يريدون هدمها من داخلها بأيدي أبنائها.
كيف لمصر أو مصرية أن يجاهد في سبيل الله عن طريق ضرب جندي مصري يقف شجاعاً مقداماً يملك ناصية الشجاعة والوطنية ويقبض على حب الوطن والولاء لأرضه وليس الولاء لإماراة أو لجماعة أو لحزب أو لشعار أو حتى لمرشح رئاسي خرج من سباق أو لقناة مغرضة أو لإعلام فاسد أو لنخبة كاذبة منافقة متحولة، ذلك الجندي المصري بعد أن أهين وضرب وتم سبه والتحرش به والتعدي عليه لدرجة أن فقد روحه أو عينه أو جزءاً من جسده، كيف له أن يصد عدواناً أو أن يحمي أرضاً وعرضاً ويدافع عن شباب وشابات لم يعرفوا معنى الوطنية ولا شرف الجندية ولا قيمة العسكرية المصرية للجيش الوحيد الباقي على الأرض العربية والذي مازال يحمل علم مصر وليس علماً أسود أو أخضر أو أحمر لك مني أيها الجندي المصري الحزين تحية وسلاماً واعتذاراً لأننا لم نعلم صغارنا معنى الوطن والكرامة والحرية الحقيقية جند مصر عذراً وأسفاً وصبراً جميلاً آل مصر.