رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحلام مشروعة 5

قال لي بمنتهى اللامبالاة: (المصريون غرقوا في الضنك وحياتهم الآن ملخبطة واستمرارهم هكذا سوف يلقي بهم في وحل اليأس والتشاؤم والخوف) فقاطعته بغضب: (بشر ولا تنفر يا أخي، وانظر لنصف الكوب الملآن وتفاءل بالخير لكي تجده) فضحك وقال: (أبشر، أتفاءل، أجد الخير يا خسارة يا مصر، يا ثورة ما تمت)

لم أتمالك نفسي من شدة الغضب، خاصة بمجرد أن سمعته يهوَّن من شأن ثورتينا وقلت له بتحدٍ: (يا ثورة ما تمت، يا رجل عيب عليك فهل ما تعيشه الآن يشبه ما كنت تعيشه قبل ثورتي يناير ويونيو؟) فرد بلا تفكير: (لا طبعا، كان الوضع قبل الثورتين أفضل وأحسن مائة مرة) قلت: (تنكر كعادتك وتبتر على النعم التي لا تعد ولا تحصى ولا شك في أن مصر بعد الثورتين أفضل وأحسن، وانظر كيف نجحت بعد أربع سنوات من أول ثورة في أن تطلق مكانها بين بلدان العالم الثالث لتتقدم وتتربع على عرش دول العالم الأول، انظر كيف تبدلت أحوال ناسها من غلابة وفقراء ومطحونين وسكان للقبور إلى ميسورين منعمين وأصحاب عزب وأطيان وأراض وشقق وفلل وقصور في أرقى الأماكن، انظر للقانون الذي بات ينفذ على القوي قبل الضعيف والغني قبل الفقير ولتلاشي ظاهرة الزحام وانسيابية المرور في الشارع وعدم استخدام الكلكسات عمال على بطال). وقبل أن أختم حديثي قال لي: (لم يبق سوى أن تخبرني بأن المصريين يقابلون بعضهم كل صباح بالأغاني والزغاريد والأحضان والقبل بل ويتبادلون فيما بينهم الرياحين والورود والحلوى والمقرمشات من فرط سعادتهم بحياتهم الجديدة) قلت له: (كل ما تقوله صحيح وإذا عرفت السبب فلا عجب، واعلم يا صديقي اللدود أن ضيق العيش وغلاء المعيشة ومحدودية الموارد كلها أسباب مهمة كفيلة بأن تملأ حياة المرء بالعكننة وتجعله دائم القلق والتوتر والاستعداد لإفراغ شحنة ما بداخله في أي شخص قد يقابله، وبالتالي كان من الطبيعي أيام المخلوع مبارك أن يكون الحديث بين الناس بلغة السنج والمطاوي

والسكاكين وزجاجات المولوتوف ولا مانع من البنادق والرشاشات إن لزم الأمر، أما الآن فلا مبرر مطلقا لخصام الناس وتطاحنهم وخناقاتهم خاصة بعد انتهاء أزمات انقطاع التيار الكهربائي والأنابيب وبنزين 80 والسولار والهزائم المتكررة للدولار أمام الجنيه المصري وانخفاض العجز في الموازنة العامة والزيادة الرهيبة للدخول قياسا بالاحتياجات والمتطلبات والانخفاض الحاد في جميع أسعار السلع حتى ضاق الناس برخصها، خذ عندك مثلا، فقد انخفض سعر كيلو اللحم من 85 جنيها إلى 17 جنيها وكيلو الفراخ من 24 جنيها إلى 6 جنيها وعلبة السجائر الاجنبي من 25 جنيها إلى 4 جنيه ناهيك عن تخفيض الضرائب بكل أنواعها وتحقيق شعارات الثورة عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية، ألم أقل لك يا صديقي إن الثورة تمت والحمد لله ولو كره أمثالك من الحاقدين والمندسين وأن تحقيرك من شأنها دليل على كراهيتك لنفسك وعدم وعيك بواجباتك وإصرارك على الانهزامية والتشاؤم والنظر لكل الإيجابيات بنظارة سوداء) رد علي: (أظنك لا تتحدث عني أو عن مصر التي أعرفها) فقاطعته: (بل عن مصر التي أتمناها وفجأة استيقظت على أصوات خناقة كبيرة بين المحتشدين عند أحد مخازن بيع الأنابيب في الشارع الذي أسكن فيه فقلت لنفسي: (ارحمنا يا رب مصر لا تستحق كل هذا العذاب فمتى نعرف طعماً للحياة الكريمة؟).