عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إنهم يوزعون البلاطى والشماسى على المتظاهرين !

مئات الألوف من المتظاهرين فى هونج كونج أجبروا عمدة المدينة على تأجيل خطته لتقديم مقرر دراسى جديد فى المدارس عن «التربية الخلقية والوطنية» حيث اتهم المحتجون الحكومة بأن المقرر الجديد ليس إلا ستاراً لخطة حكومية لغسيل العقول ونشر التعصب السياسى بين الطلاب تنفيذاً لتوجيهات الحكومة المركزية فى بكين بتقديم المقرر الجديد تدريجياً حتى يتم نشره فى كل المدارس بحلول عام 2015.

التراجع الجزئى لحكومة هونج كونج لم يقنع المتظاهرين وأصروا على استمرار الاحتجاج حتى يتم إلغاء الخطة كلية وليس تأجيل تطبيقها فقط، هذا الموقف الشجاع للمواطنين الصينيين يجيء على خلفية اهتمام المواطن الصينى بتعليم أبنائه ومعرفة ما يدرسونه له فى المدارس، أى أن الاحتجاج الكبير والفعال كان ضد تقديم مقرر جديد ظن المواطنون أنه سيعيدهم إلى العصر الشمولى ليسود الرأى الواحد والحزب الواحد.
تُذكّرنا هذه المظاهرة الناجحة بمظاهرات ميدان «تياننمن» فى بكين عام 1989، التى واجهتها الحكومة الصينية بالحديد والنار وقتل فيها أكثر من ثلاثين ألف شخص حتى تم إخمادها تماماً وذلك أيام الحكم الشمولى المتشدد وقبل تراجع الشيوعية وانهيار الاتحاد السوﭬيتى بشهور قليلة.
هذه المرة لم تطلق الحكومة الصينية رجالها وكلابها وبنادقها لقمع المتظاهرين أو قتلهم، وإنما تعاملت معهم بشكل سلمى، واستجابت لمطالبهم ولو مؤقتاً . الأكثر من ذلك أن عمدة هونج كونج لما وجد الأمطار تنهمر على المتظاهرين أمر بتوزيع بلاطى المطر والشماسى على المتظاهرين لحمايتهم من المطر، وربما لتجنب فض المظاهرة.
صحيح أنه قد مرت عشرات السنين منذ مذبحة الميدان فى 1989 قبل أن يخرج الصينيون بهذا العدد إلى الشارع فى مظاهرة حاشدة تخيف الحكومة.. هذا صحيح، ولكن المهم أنهم فى النهــــاية خرجوا.. ونجحوا !! ما الدرس؟؟
الدرس يا عزيزى أن الشعوب قد تصبر طويلاً وتتحمل كثيراً، ولكنها فى النهاية تنفجر فى وجه الحاكم عند اللزوم.. والعبرة أن الشعوب قد تخاف من السلطة لبعض الوقت، ولكن الخوف يتلاشى عندما يمس الأمر عقائدهم وتعليمهم ومستقبل أولادهم فهل يتعظ الحكام ؟ هل يفهمون الدرس ويعتبرون؟!
يظن الحاكم غير الحكيم عندما تأتيه السلطة طواعية ويولّيه الناس عليهم، يظن أنه امتلك الدنيا ومن عليها، ويقضى الوقت فى حصر وحصد الغنائم ..فيرى مواقع السلطة ومناصب الإدارة وثروات البلد، يراها غنائم ظفر بها من الخصوم ويبدأ فى توزيعها علي الأعوان والإخوان، وينسي وعوده بنشر العدل وضبط الميزان، فالمهم في غمرة النشوة أن يسيطر علي كل الأماكن، ويسد كل المنافذ أمام المعارضين لكي يطمئن إلي نشر الرأي الواحد مؤيدا بالسمع والطاعة.
ماذا يحقق الحاكم غير الحكيم بهذا السلوك ؟ يحقق لنفسه خيلاء الطاووس ونشوته ويجمع حوله المتحولين من كل

الفصائل فيسمعونه ما يريد وأكثر، ويمدحونه بما يغبطه وأكثر فيندفع في غيه وشهوة سيطرته لتصفية كل جيوب المعارضة، ويغيّر رؤساء التحرير ورؤساء القنوات ولا بأس أيضا من وزير الإعلام، مع أنه سبق أن وعد بإلغاء وزارة الإعلام وإطلاق الحريات، ولكن الوعد شيء والفعل شيء آخر.
يندفع الحاكم غير الحكيم فى مسيرته التى يظنها «مظفرة» فى تجاهل مؤسسات الدولة التى هى أداته وسنده، ويعين جيشاً من المعاونين والمستشارين ليعطوه المشورة وينصحوه بالقرار .. وهو سلوك غير حكيم ! لماذا ؟ لأن مستشارى الرئيس ومعاونيه الأساسيين هم مؤسسات الدولة ذاتها، بينما المستشارون ليسوا إلا أفرادا معدودين!
فمستشار العلاقات الخارجية مثلاً سيعطيه رأيه ولكن هذا الرأي، مهما علا أو هبط، هو رأي شخصي لفرد واحد ويحجب عن الرئيس رأي مؤسسة الخارجية بكل كوادرها وسفرائها وقناصلها، ومستشار البحث العلمي سيعطي الرئيس رأيه فيما يحيله إليه، ولكن هذا الرأي يبقي رأياً شخصياً لفرد، وقد يحجب رأي آلاف العلماء والباحثين في عشرات الجامعات ومراكز البحوث العلمية. مرة أخري أود التأكيد علي أن مستشاريك يا سيادة الرئيس هم مؤسسات الدولة كلها، ولا معني لكل ذلك الجيش من المعاونين والمستشارين وأخيراً.. قد يصبر الناس طويلاً.. وقد يتحملون كثيراً، ولكنهم في النهاية ينفجرون. ونحن نريد لمصر السلامة، ولشعبها الاستقرار، ولمستقبلها الازدهار.
وقد يظن الحاكم غير الحكيم أن التعليم أو الصحة أو المواصلات ليست هي القضايا التي تتحرك بسببها التظاهرات والاحتجاجات لأنها قضايا بسيطة .. وهذا الظن فيه إثم كبير.. وانظر الي هونج.. لقد جاء تحرك الشعب بعد ثلاثين عاماً من الصبر، جاء احتجاجاً على مقرر دراسى رأى الناس أنه غير مناسب للمستقبل.
آخر سطر
لا تظنوا أن مصر .. بعيدة عن هونج كونج.

رئيس حكومة الوفد الموازية
[email protected]