رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حرية.. ديمقراطية.. عدالة اجتماعية

أفرزت عبقرية الشعب المصري في 25 يناير شعاراً رائعاً استطاع أن يوحد حوله الشعب المصري بكامل فئاته وطوائفه، بل امتد ليكون شعارا عالميا نادت به دول الربيع العربي ثم دول العالم اجمع، إنه حرية.. ديمقراطية.. عدالة اجتماعية.

ويقدم هذا المقال تحليلا للمضمون الشامل لهذا الشعار باعتباره دليلنا للخروج من النفق المظلم الذي حشرنا فيه خلال العقود الثلاثة الماضية، وحتي لا تصبح هذه الكلمات مجرد شعار نتخبط حولها، علينا أن نحول هذا المضمون إلي رؤي نسعي إليها، وأهداف نفرضها علي واقعنا وخطط نتحرك من أجل تنفيذها، وعلي الاحزاب التي تسعي إلي السلطة أن تضع هذه الرؤي حتي يفاضل الشعب بينها عند الاختيار بينها.

الحرية الواقعية القادرة علي تلبية حاجاتنا لها ثلاثة جوانب هي:

1- الوعي: أي القدرة علي التعرف علي رغباتنا وإمكانيات التعبير عنها والوفاء بها من خلال ضوابط وأهداف محددة يسعي الجميع لتحقيقها والعمل في إطارها.

2- توافر الوسائل والفرص المتاحة لتلبية وتحقيق هذه الاهداف.

3- غياب القيود والقسر والعوامل الأخري التي تؤدي إلي عرقلة الأعمال التي نتبناها لتلبية رغباتنا وتحقيق أهدافنا.

هذه الجوانب الثلاثة للحرية لا تنفصل، ولا يمكن أن تكون هناك حرية حقيقية ما لم تتشابك الجوانب الثلاثة معا، وهي تمثل الابعاد التي تحدد قدرة المجتمع علي تحقيق ذاته وأهدافه وتمكين المجتمع من ممارسة قوته الطبيعية لتنفيذ خططه التي يتبناها بحريته وإرادته، والمطلوب الآن من كل حزب أن يتقدم بخريطة طريق كاملة توضح هذه الأبعاد التي قام الشعب بثورته من أجلها وقدم الشهداء لتحقيقها، حتي لا تضيع الأهداف في ظل تنافس أعمي يسعي إلي السلطة دون أن يحدد الطريق لما يمكن أن يفعل عند وصوله إلي هذه السلطة.

الديمقراطية:

تنشأ الديمقراطية في مجتمع يتسم بالمساواة في السلطة الاجتماعية، يشعر فيه الفرد بقيمته وكرامته، وتشارك في تحمل مسئولياته كل القوي الاجتماعية التي تستخدم سلطاتها في حكم أنفسهم بأنفسهم لتحقيق هدف أسمي هو السعادة لأكبر عدد من الناس، من خلال مسئوليات دستورية تنص عليها بنود الدستور، ومسئوليات أخلاقية ينص عليها الدين.

وهذا يتطلب أن ينص الدستور علي التقسيم العادل للسلطة بين فروعها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبين المستويات المحلية في المحافظات والمركزية في الحكومة، وأن تكون لها الضوابط والموازين العادلة التي لا تعطي السيطرة الكاملة لسلطة الحكومة أو لاباطرة السوق والشركات الكبري، وأن يكون هناك معياراً أخلاقي يلتزم الجميع بمفرداته حتي لا يضيع الحق من أصحابه.

والديمقراطية ليست مجرد شكل من أشكال الحكومة، ولكنها سلطة المجتمع علي صياغة مقدراته، وتتطلب الديمقراطية الرقابة الفعالة علي جميع القوي الاجتماعية، لا مجرد الاكتفاء بسلطة الحكومة، ولكن ما تفرزه هذه الرقابة من نقابات ومؤسسات وأحزاب وبرلمانات قادرة علي التفاعل مع مسئولياتها وخططها وأهدافها.

وما تتطلبه المرحلة القادمة من الثورة أن يوضح كل حزب رؤيته في إيضاح منهجه ورؤيته لهذا الدستور بحيث يحقق ديمقراطية شاملة لهيكلة السلطة الاجتماعية وليس إلي جانب واحد منها كالذي تتخذه بعض الديمقراطيات السائدة مثل »الديمقراطية الاجتماعية« و»الاشتراكية الديمقراطية« و»الديمقراطية الاقتصادية« ولكن يجب أن تتبع ديمقراطيتنا من تاريخ مصر العريق في الديمقراطية منذ أن كانت في مصر أحزاب حرة استطاعت ان تخرج الافذاذ قبل أن تكون هناك

احزاب في الهند وغيرها من البلاد التي تنعم الان بديمقراطيات متكاملة، فالديمقراطية في تاريخنا ومن حقنا، ومن يدعي أنها ليست ثقافتنا أو أننا لم نتطور بعد لنستحقها، إنسان جاهل بتاريخ مصر وبشعبها ولا يستحق أن يكون مصريا.

العدالة الاجتماعية:

أي وضع القواعد التي تحكم توزيع السلطة الاجتماعية علي أساس المساواة، والمساواة شرط أساسي للديمقراطية الفعالة، والمساواة التي تتطلبها الديمقراطية هي المساواة في السلطة الاجتماعية والمساواة أمام القانون ثم المساواة في تحقيق توزيع متوازن لثروات المجتمع علي جميع أفراده بمبدأ تكافؤ الفرص، فمن ينظر إلي الحرمان التي تعيش فيه جميع القري المصرية بلا استثناء وجميع العشوائيات دون مياه شرب نظيفة او شبكات صرف صحي أو طرق مرصوفة أو بيوت صحية أو مدارس تتناسب مع الألفية الثالثة يشعر بتغييب العدالة الاجتماعية في حياة المصريين، وكذلك الحرمان الذي تعيش فيه بعض فئات المجتمع بمرتبات لا تكفي سد الرمق وتضطر أرباب الاسر إلي التسول بصنوف شتي تبدأ بالرشوة وتنتهي بالبلطجة.

ثم المساواة في الفرص المتاحة للعمل والانتاج والتعليم وكذلك المساواة في جميع النواحي التي تحقق أن يعيش كل أفراد المجتمع بلا استثناء حياتهم في رخاء وسلام وأمن كأعضاء محترمين في مجتمعهم ولهم الحق في هذه الحياة، ثم المساواة التي تمنع كل من يسول له تعطشه للسلطة ان يتدخل دون مبرر في حياة الاخرين بما يهدد كرامتهم وحريتهم لعدم رضوخهم لظلم يفرضه عليهم أصحاب السلطة والمال، وعلي هذا فإننا نطالب الاحزاب بأن تضع رؤيتها لتحقيق العدالة الاجتماعية أو المساواة التي تحقق هذه العدالة.

إنه واجبنا جميعا في هذه المرحلة الانتقالية أن نمضي قدما في إعادة بناء مجتمعاتنا علي أسس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولا شك أن الحزب الذي سيقدم رؤية متكاملة لترسيخ هذه الأسس وتحقيق هذا الشعار باستخدام الخبرات العلمية والتقنيات المتاحة في المجتمع والتي تستفيد من تجارب الآخرين، سوف يلقي الدعم من الأغلبية حيث إن الشعب المصري الذي قام بهذه الثورة السلمية ناضج بالدرجة الكافية التي تمكنه من التعرف علي من يرفعون الشعارات دون مضمون ومن لهم الرؤية الكاملة لتحقيق أهداف ثورتهم.