أزمة التعليم
علينا أن نعترف بإفلاس نظامنا التعليمي فى الوقت الحالى بعد عقود الفساد الماضية ، و يكفى أن ننظر إلى الاحصائيات الحالية للأعداد و المستوى العام للتعليم فى مصر ، طبقا للإحصاءات التى سجلتها بنفسى فى أحد المحافظات أثناءتنفيذ أحد برامج تطوير التعليم تابع للأمم المتحدة ،
حيث وجدت أن 24 فقط من التلاميذ يحصلون على شهادة الثانوية العامة و الثانوية الفنية من كل 100 تلميذ مسجل في التعليم الابتدائى ، 15 فى التعليم الفنى و 9 فى التعليم الثانوى العام ، و التعليم الفنى فى مصر يقوم بتخرج أميين بوجه عام ، إلا القليل الذين يحاولون استكمال تعليمهم بالإلتحاق بالجامعات ، حيث لا يجيد معظم خريجى هذه المدارس فى الكثير من المحافظات القراءة و الكتابة باللغة العربية ، و هذا لانخفاض مستوى المدرسين فى هذه المدارس الفنية و معظمهم من أصحاب المؤهلات المتوسطة، و خريجى الثانوى العام ليسوا أكثر حظا ، حيث يتجه إلى القسم الأدبى أكثر من 70 % من طلاب الثانوى العام هروبا من المواد العلمية و التقنية كالفيزياء و الكيمياء و الرياضيات ، كما لا يجد أكثر من 75 % من خريجى الثانوى العلمى فرصة للإلتحاق بالكليات العملية فيتوجهون أيضا إلى الكليات النظرية ، و هكذا نجد أن الفرصة لدخول الكليات العملية التى يمكن أن تحدث تطورا تقنيا فى الزراعة و الصناعة و الطب فى مصر لا تتاح لأكثر من 25 فى كل ألف طالب و طالبة فى التعليم الابتدائى بحسب الإحصاءات الرسمية عند مقارنة عدد المواليد فى كل عام بعدد المقبولين فى الكليات العملية فى السنوات المقابلة ، و إذا قارنا هذا العدد بما ينتجه التعليم فى دول العالم المتقدمة ، فسنجد أن أكثر من 85 طالب يحصلون على التعليم الثانوى من كل 100 تلميذ يلتحقون بالتعليم الإبتدائى ، و يستكمل 65 منهم التعليم الجامعى ، و يحصل على درجات علمية مثل الماجستير و الدكتوراه أكثر من 12 طالب منهم ، و يمثل خريجى الكليات العملية أكثر من 80 % من أعداد خريجى الجامعات ، هكذا يجد المجتمع الأعداد القادرة على إحداث صحوة و متابعة للتقنيات المتطورة فى كل مجال ، لكننا للأسف نغمض أعيننا عن المستوى التعليمى و الأعداد المتسربة من التعليم الابتدائى و التعليم بوجه عام ، و بدلا من أن نعالج أمية الكبار ، نخرج للعام ملايين الأميين الذين يتحولون إلى البلطجة و حياة العشوائيات فى كل عام ، و النتيجة التى نراها الآن هى مجتمع راكد معاد لعجز المشاركة
و العلاج هو البدء فورا فى رسم و تنفيذ خارطة طريق لإصلاح التعليم بمنهجية واضحة و ثابتة ، يتفق عليها كل المصلحين و الخبراء و العلماء فى مصر ، تبدأ باختيار قادة لهذا الإصلاح ممن كانت لهم الفرصة فى متابعة مناهج التعليم فى الدول المتقدمة كأمثلة تحتذى ، و تبدأ فورابتأهيل القائمين على التعليم التأهيل الذى يمكنهم من إخراج أجيال من المبدعين فى مجالات الإنتاج ذات التقنية العالية فى أقرب وقت ، و أن يجتذب التعليم ذوى المؤهلات العالية من أصحاب الكفاءات و المهارات بتحسين رواتبهم و ظروف حياتهم ، مع إصلاح هيكل التعليم بحيث يتم تخريج الأعداد المطلوبة للتطور التكنولوجى فى جميع المجالات العلمية و التطبيقية ، و العمل على أن يتوقف التسرب من التعليم فى المراحل الأولية، مع رفع جودة التعليم واستعادة مصداقية المدرسة ومردوديتها وموقعها في عملية التنمية المستدامة
-----
رئيس لجنة الصناعة و الطاقة بحزب الوفد