تحول ديمقراطى أم تدهور سياسى ؟
لم نبالغ لو قررنا اننا نعيش الان فى مصر فى حالة تدهور سياسى،وأبرز علامات هذا التدهور هو عدم وضوح الاحداث السياسية والمتحكم فيها،والى اين تسير؟،فالثورة لم تكتمل وتعثرت فى طريقها،فالمشهد السياسى لا يعبر عن ملامح منهج او خريطة سياسية لما سوف تشهده مصر،ويعبر عن سوء ادارة سياسية بالغ،فما نتج حتى الان مجلس شعب لا يمتلك صلاحيات ومهدد بحله فى اى وقت،لديه وسائله فى التشريع ولا يملك تنفيذها،ولجنة دستورية تم ايقاف
تشكيلها،ومسائل معقدة فى الترشيح لانتخابات الرئاسة،وحكومة مؤقته عاجزة عن تسيير الحياة اليومية للمواطنيين،فهذا مشهد لا يعبر عن التحول الديمقراطى السليم الذى قامت من اجله الثورة،بل هو تدهور سياسى لكن منظم،ربما يقضى على الثورة،خاصة بعد ظهور بعض قيادات النظام السابق بقوة فى الحياة السياسية والرغبة فى اعادة ما تم مقاومته خلال عام كامل من التظاهرات ولاعتصامات،وبالفعل نحن نبالغ لو قررنا أننا نعيش عصر الثورة الشاملة.
لقد عانت مصرمعاناة شديدة من ظاهرة التدهور السياسي فى النظام السابق نتيجة وجود نظام مستبد يوصف بالديكتاتورى بكل مواصفاته،افسد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية،ولعل أبرز علامات التدهور،هو الاعتداء المنهجي على الحريات السياسية وقمع الجماهير،وليس ذلك فقط بل خرق حقوق الإنسان من خلال تقييد حركة الأحزاب السياسية المعارضة،واعتقال الخصوم السياسيين بغير سند من القانون،بل واستخدام التعذيب ضدهم،أما التدهور الاقتصادي فتكشف عنه السياسات الاقتصادية المنحرفة التي تجعل ثمار التنمية محتكرة للقلة من أهل السلطة الفاسدين وخلفائهم من رجال الأعمال الذين تحكموا فى كل مفاصل الاقتصاد المصرى،وفى اقوات الشعب ،ومارسوا الاحتكار والجشع مما أدى إلى الإفقار المستمر للطبقات المتوسطة والفقيرة،وليس أقل خطورة من ذلك التدهور الثقافي الذي يكشف عنه الارتفاع المهول في معدلات الأمية،وتدني الوعي الاجتماعي نتيجة نشر الوعي الزائف عن طريق أجهزة الدولة الإيديولوجية من جانب التي تسيطر عليها الحكومة،والاستعانة باصحاب اقلام واعلاميين مأجورين من السلطة،فقضوا على العقول والثقافة المجتمعية،وحولوا الشعب الى مجتمع أمى وجاهل ثقافيا فى جميع مناح الثقافة المختلفة .
اما ملامح التدهورالسياسى بدأت مع تنافس الاحزاب والشخصيات على تحقيق المكاسب السياسية،والموقف لايدل على التحول من نظام شمولى الى نظام ديقراطى وذلك بسبب تشتت الائتلافات الثورية التي أشعلت الثورة ودفعت الملايين من أبناء الشعب المصري إلى الالتحام بصفوفها،والضغط العنيف لإسقاط النظام
فهل مصر تمر بمرحلة تطور ديمقراطى أم تدهور سياسى ؟
----------
الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى
[email protected]