رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حلم الثورة بين النتائج والتحديات

ونحن نستقبل عام جديد ،ونودع عاماً غير وجه الحياة فى العديد من الدول العربية ،يوصف هذا العام المنقضى بانه عام التحولات الكبرى التي غيرت وستغير الكثير في المنطقة ،بل وربما في العالم كله، وابرز تلك الاحداث نبوة الصحوة القوية والتى لم تسبق ضد الاستبداد بكل أشكاله،بما يوحي بأن استعادة إنتاج الاستبداد لن تكون سهلة حين تترسخ الديمقراطية،

وبدأت تؤدى دورها وبدا هذا ظاهراً فى الاقبال الكبير وغير المتوقع على الانتخابات فى دول لم تكن الانتخابات فيها جادة أو موضع ثقة الناس،وكانت تونس قائدة فى بداية تلك التغيرات وفى الانتخابات ونتائجها المفاجاءة بفوز حزب النهضة الإسلامي،ذو الاتجاه الوسطى العقلانى وخطابه الواعى الذى خاطب كل التونسيين دون الغرور او استقصاء للاخرين وبث الطمأنينة لكافة التيارات والاشارة الى ان تونس تتجه نحو نظام ديمقراطى على اسس دستورية ، يتح حياة كريمة وعادلة لجميع الموطنيين ومراعاة الحرية الاجتماعية وتطبيق القانون واستقلال القضاء ،الهدف الاول هو تونس وتطورها،وعدم اطلاق تصريحات غير مدروسة او تثير القلق فى الشارع التونسى، بينما يختلف الحال في مصر ويبدو أكثر تعقيداً، فعلى الرغم من تقدم التيارات الإسلامية في الانتخابات فيها لم يكن مفاجئاً، ولكن وجود بعض التيارات الاسلامية التى لا تمتلك خبرة سياسية صدر عن بعضها خطاب اثار قلقاً لدى الكثيرين وخاصة التيار اليبيرالى مما سوف يعرض افكار التيارات الاسلامية الى كثيرا من الدراسة والنقد وذلك لتحول تلك الافكار من الكتب والمثاليات الى التطبيق الفعلى ومدى ملائمة ذلك للواقع المصرى .
وتحديات العام المقبل بعد تحمل مسؤلية ادارة الحياة فى مصر تكون كيفية التغلب على خسائر اقتصادية كبيرة حدثت نتيجة التغير الحادث نتيجة توقف كثيراً من اوجه النشاط الاقتصادى والمشاريع التنموية وانخفاض الاستثمار وزيادة البطالة وارتفاع معدلات الاسعار،والتفاعل سريعاً مع المستعجلين لنتائج الثورة والذين لا يتحملون الانتظار وخاصة الفقراء الذين انتجتهم الحكومات السابقة والاسراع في تحقيق نهوض في مستوى الدخل الفردي والقومي، ولن يكون بوسع الحكومات تلبية كل المطالب العاجلة في قفزة سحرية مما سيعرض الحكومات إلى مساءلات برلمانية ستشهد فيها الحكومات ضغطاً كبيراً ونقداً مستمراً، يتنافس فيه النواب لكسب مزيد من الشعبية والجماهيرية، ولاسيما في وجود إعلام مستقل يتابع كل التفاصيل.

وثان ابرز التحديات يكمن فى بناء عقد اجتماعي جديد ينهض على أسس الحرية والديمقراطية، وقد تمكنت دول عديدة في العالم أن تنهي ثنائية الأكثرية والأقلية وثنائيات القوميات والأديان والمذاهب، وحسبنا نجاح أوروبا في اتحادها وتكوين مجتمع الولايات المتحدة الذي يضم جل إثنيات وأعراق البشرية، فبناء هذا العقد يطمئن قلق الاقليات والديانات المختلفة فى مصر ،ولعل اتجاه الاخوان المسلمون فى هذا يسير فى الاتجاه السليم ،ويسعون الى ارسال اشارات الى احترام وتكافل ومساواة بين كل المصريين وتكوين مجتمع متماسك ،يسعى بكل طوائفة للتحرك الى الامام وفقاً لهدف منشود وهو التقدم والنهضة وتحقيق معيشة كريمة للمواطنيين .

وثالث التحديات القادمة التى سوف تواجه الحكومات الوليدة المنتخبة هو إقامة التوازن في العلاقات الدولية خاصة مع أوروبا والغرب عامة، والعمل على ترسيخ

الشعور بالطمأنينة وبخاصة من قبل الحكومات التي يغلب عليها الطابع الإسلامي، وعلينا أن ندرك قلق الغرب وشعوره بالذهول وهو يرى نهوض الإسلام بعد عشر سنوات من الحملة القاسية التي شنها على الإسلام صانعو الإرهاب الدولي الذين اشتغلوا بكل ما يملكون من قوى سياسية وإعلامية لتحقيق هدف لم يعلن دائماً بصراحة، ولكنه كان شديد الوضوح أمام اللاعبين الكبار في الميدان السياسي وهو إنجاز عالم بلا إسلام، و الحملات الإعلامية المنظمة كانت تعمل دون توقف لتشويه صورة الإسلام ولطرده من مجتمع العولمة ومن النظام الدولي الجديد الذي قال بعض منظريه إن العدو الجديد فيه هو الإسلام بعد الشيوعية! وكنا واثقين من أن هذه الحملة الضارية ضد الإسلام ستشد عضده، وستجعل كثيراً من المسلمين الذين لم يكونوا مهتمين بالدين في عصر علمانية الدول، ينتبهون إلى أن دينهم يظلم، وإلى أنهم باتوا مهمشين ومتهمين بالإرهاب أمام الآخر لمجرد كونهم ينتمون إلى المسلمين، وهذا ما جعلهم يعيدون النظر في اتجاهاتهم الفكرية وفي خياراتهم، ولابد أن ما تحققه التيارات الإسلامية من حضور شعبي وارتقاء سياسي قد أصاب أعداء الإسلام بشعور مثير من الخيبة والفشل. وسيسعى هؤلاء الى محاولةافشال التجربة الإسلامية في الديمقراطية كي يفقدوها بريق حضورها عن طريق جرها الى مشكلات سياسية واقتصادية كثيرة .

واخيرا التحدى الاكبر فى استعادة الأمن والطمأنينة التي فقدها الشعب في عام الثورات العربية، فإن أخفقت في ترسيخ الشعور العام بالأمن والاستقرار فإن نتائج الثورات ستكون فوضى مدمرة، وسيسعى أعداء الأمة إلى استغلال كل الوسائل القذرة لإشعال نيران الفتن ولاسيما بين الطوائف التي لا تزال تعيش في صراعات التاريخ القديم.واستغلال الشخصيات والتنظيمات التى تسعى لتحقيق مصالح شخصية فى احداث قلق وفوضى .

امام كل تلك التحديات يكون الثقة فى النفس وقدرة تحمل المسؤلية والتخطيط المنظم سبيلاً لمستقبل افضل ،ولن يكون ندماً على عصر ساده الظلم والاستبداد ،بل العام القادم سيكون نوراً يوضح الطريق وتفائل رغم كل من يريد لهذا النور ان ينطفىء فى بدايته .
[email protected]