رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حوار صريح عن "السيسى"

السؤال الذى يشغل أذهان المصريين الآن، ليس "الدستور" ولا " انتخابات القائمة أو الفردى". تدور أحاديث الشارع و حوارات النخبة كلها عن الرئيس القادم! هل سيكون "السيسى" أم خريج آخر للمؤسسة العسكرية؟! هل سيبقى "السيسى" وزيرا للدفاع فى معية رئيس مدنى منتخب؟! العديد من التساؤلات تشغل المصريين الآن حول مستقبلهم ومستقبل بلادهم، لكن السؤال الأهم والأكبر والأكثر عملية هو: من هو الحاكم القادم للبلاد؟ من هو الرئيس القادر على مواجهة تحديات صعاب خلقها سوء الاختيار لرئيس سابق؟!

تتكرر الحوارات والنقاشات على المقاهى وفى وسائل النقل العام. الحوار الآتى يعبر عما يفكر فيه الناس:
العبد لله: مصر تحتاج الى رئيس قوى قادر على الحفاظ على الدولة، رئيس قادر على أخذ القرار الصحيح فى الوقت المناسب. أمامنا مرحلة انتقالية نبدأها من الصفر ثانيةً، مرحلة تتطلب الكثير من التغييرات لمواجهة تحديات خطيرة.
صديقى: أتفق معك، ولكن أخشى من أن يعيدنا الرئيس "القوى" الى خانة الدولة الاستبدادية من جديد!
العبد لله: وكأنك لا تعترف بقيام ثورتين فى أقل من ثلاث سنوات! لن يقبل الشعب أى استبداد تحت أى شعار يا عزيزى! هناك بناء جديد يجب أن نشيده للانتقال الى مرحلة جديدة.. فى رأيى أن الفريق "السيسى" هو الرجل المناسب لتلك المرحلة. أثبتت أحداث ثورة يونيو أنه رجل دولة.
حديث "المصداقية"!
صديقى: أوافقك على أن السيسى له مميزات وقدرات أكثر مما لغيره، ولكن إذا جاء السيسى رئيسا فسيفقد مصداقيته. لقد قال ألف مرة انه لن يحكم ولا يطمع فى الحكم!
العبد لله: المصداقية لا تأتى بتنفيذ عهود جاءت تحت ضغوط أمريكية! مصداقية "السيسى" جاءت وستجئ من شجاعته وجرأة اتخاذ القرار بالانحياز للشعب أمام ارهاب الإخوان..لا تنسى يا صديقى أن "السيسى" كان يعرف جيدا ومقدماً أن من واجه تلك الجماعة لن يسلم من ارهابها..أرجوك.. تذكر أنه ما من سياسى واجه تلك الجماعة، إلا ونالته محاولة اغتيال! "السيسى" وضع روحه على كفه وأخذ قراره، بينما تخاذل آخرون من العسكريين والمدنيين..ولعلها لحظة تكشف عن معدن الرجل بامتياز.
صديقى: فى حالة ترشح "السيسى"، ستزداد الضغوط الغربية والأمريكية. نحن فى غنى عن ذلك، ولا نحتاج فى وقت صعب الى مواجهة مع أمريكا والغرب. نحن بحاجة الى رجل يتصدر الواجهة، ويتقبله أقوياء الخارج!
الفرصة التاريخية
العبد لله: لا ..لعلها فرصة تاريخية للبدء فى التخلص من التبعية للغرب، والسير فى ركاب الآخرين..ألا تلاحظ الصحوة الوطنية الشعبية، وبروز اللهجة الوطنية لدى الشعب منذ يونيو الماضى؟ لن ينقذ مصر من الطائفية والارهاب والتخلف سوى استنهاض الوطنية المصرية من جديد. لو أصر الشعب المصرى على اختيار "السيسى"، لكان معنى ذلك اختياره لطريق الاستقلال الوطنى. الشعب سيرفض الضغوط الأمريكية ولن يرضخ لها...ببساطة لأن معنى ذلك هو الرجوع الى القفص الأمريكى، والإقرار بنهاية الثورة وفشلها. تذكر يا صديقى أن "السيسى" هو الشعار الملموس الذى رفعته الجماهير أمام الاخوان!
صديقى: ولكن لماذا الإصرار على "السيسى"..ألا يمكن للرجل أن يبقى وزيرا للدفاع فى مرحلة الرئيس القادم؟! نحن بحاجة الى "السيسى" كقائد على رأس المؤسسة العسكرية يؤمن مرحلة الانتقال الديمقراطى، ويعيد الجيش الى احترافيته. ما المانع أن يقوم الجيش بدور فى الدفاع عن مدنية الدولة وديمقراطيتها لفترة محددة؟!
 احذروا مسخرة التاريخ!
العبد لله: يا صديقى الشاب، أنا رجل عجوز مخضرم. عشت أيام النكسة والهزيمة، وأعرف جيدا خطورة أن ينازع قائد الجيش الرئيس صلاحياته. أنت تشير الى وضع شبيه بدور الجيش التركى فى الدولة التركية الحديثة، وأنا أتذكر مأساة الدولة المصرية إبان قيادة المشير عبد الحكيم عامر للجيش المصرى. وقتها انفسد الجيش، وكاد عبد الناصر أن يتحول الى طرطور. هناك فرق ياعزيزى الشاب بين (دولة المؤسسات) وبين دولة (مراكز القوى). لو بقى السيسى وزيرا للدفاع لأصبح مركزا للقوى شئت أم أبيت! صحيح أننى أفكر فى ترشيح السيسى رئيسا حتى الآن، وفى ضوء مواقفه السياسية المستقبلية سأحدد رأيى النهائى. ولكننى سأقف ضده بكل قوة لو استمر وزيرا للدفاع..التاريخ لا يعيد نفسه الا فى صورة مسخرة!    
صديقى: من الممكن أن يأتى الرئيس من السياسيين، أو من حتى العسكريين المتقاعدين! وفى الحالة الأخيرة سيصبح التناغم موجودا بين الرئيس والمؤسسة العسكرية..الم تكن تقول أن انتخاب مرسى هو أقصر طريق للانقلاب العسكرى؟! ولعل مصر تحتاج الى تلك النقلة الانتقالية قبل أن يحكمها رئيس مدنى، ليس له خلفية عسكرية.
العبد لله: أعرف ما تريد الإشارة اليه من طرف خفى! ياعزيزى..لقد خسرت قيادة المجلس العسكرى السابق أى تعاطف جماهيرى..تواطأت مع الاخوان منذ اللحظة الأولى لسقوط مبارك، واشترت الخروج الآمن بتسليم السلطة- تسليم مفتاح- الى المرشد وصبيه..لقد تم تعيينهم مستشارين للرئيس وحصلوا على القلادة، ولم يستقل أحد منهم الا قبل ثورة يونيو بأيام!! لا تصدق تلك الترشيحات، إنما هى بالونات اختبار تفرقع فى الهواء!
 ومرشحون محتملون!
صديقى: يبدو انك نسيت رجلاً آخر كان على رأس مؤسسة سيادية، وقاوم انحرافات مرسى منذ اللحظة الأولى. هذا الرجل قام الاخوان بالتخلص منه بعد أقل من شهرين من حكم مرسى!
العبد لله: متفق معك، أن تلك المؤسسة كانت الشوكة فى حلق الاخوان.. ولكن هل تستطيع تلك الشخصية الوصول الى الناس؟! فرق كبير يا عزيزى بين رجل يقوم بواجبه الوظيفى والوطنى بحماية الأمن القومى للبلاد، وبين رجل آخر اخترق كل الحواجز، وتوجه الى الشعب وحما إرادته. إنه الفرق بين العسكرى والسياسى، إختلاف كبير واضح!
صديقى: طوال عمرك أيها المخضرم تتحدث عن الديمقراطية ودولة المؤسسات الحديثة، وهأنت فى أول مفترق طرق تلجأ الى (حكم العسكر)؟! ألا ترى مخاطر ذلك على الحياة الديمقراطية فى مصر؟! ألا يمكن أن يؤدى اختيار "السيسى" الى ضعف آخر لأحزاب سياسية

ضعيفة فى طور النشأة؟! اختيار "السيسى" قد يمثل نهاية لحلم الدولة الديمقراطية الحديثة فى مصر.
العبد لله: أتفق معك أن اختيار "السيسى" تكتنفه مخاطر، ولكن صياغة دستور يقلص من اختصاص الرئيس لصالح البرلمان ورئيس الوزراء يمثل جزءا من الحل. أيها الثائر الشاب، تذكر جيداً أن الديمقراطية مفهوم وثقافة وطريق حياة..ليست الديمقراطية فقط آليات صماء تعمل بمعزل عن الظروف المحيطة بها. فى مجتمع يسوده الفقر والجهل، سيأتى صندوق الانتخابات بالفاسد الأحمق رئيساً، لو أننا تعاملنا بالشوكة والسكينة مع واقعنا. صدقنى "السيسى" فرصة تاريخية لاستعادة المسيرة فى طريق التنمية الوطنية المستقلة. ألا تلاحظ أن الرجل قد لمس عصباً خفياً عند الناس البسطاء..بالله عليك، كيف يمكن أن نترك فرصة كهذه؟! فى مجتمعات متخلفة كمجتمعاتنا، يحتاج الشعب الى زعامة كاريزمية تطلق طاقاته..ما الذى يمنع "السيسى" أن ينشئ حزبا سياسياً ويدخل الى معترك الحياة السياسية؟!..لقد أضاع عبد الناصر تلك الفرصة بعد حرب 56، لو أنه اعاد الحياة الحزبية وكون حزباً لاكتسح الانتخابات وجنب البلاد الشمولية!..لابد أن ندرك أنه حتى أن تقوى الأحزاب المدنية، لا وقت لدى الشعوب كى تضيعه..نعم هناك مخاطر، ولكن يمكن تطويقها ومعالجتها. أما (حكم العسكر)، فهو شعار لا علاقة له بالواقع المصرى. لا ينظر المصريون الى "عرابى " أو"عبد الناصر" كعسكريين، بل كزعيمين من أبنائهم..السادات ومبارك كانا مستبدين، ولكن نظر اليهم المصريون فى اطار دولة بوليسية وليس كحكام عسكريين!
خطة "المؤسسة"!
صديقى: أنت كاتب وأستاذ جامعى بعيد عن الواقع، وأنا صحفى تحيطنى مصادر المعلومات من كل جانب..أعرف الأسرار وأغوص فى الأخبار!..سيجئ "السيسى" رئيساً ولكن بعد أن يقضى أحد السياسيين الآخرين المدة الرئاسية القادمة..هذا هو الاتفاق فى "المؤسسة" (establish ment)..تلك هى التريبات فلا تقلق!
العبد لله: ولا تريدنى أن أقلق! لو صح ذلك، فتلك مصيبة كبرى...(المؤسسة) معناها النخبة، وأغلبية النخبة حتى الآن مفلسة..أليست الديمقراطية تعنى حكم الشعب؟! والشعب قال كلمته وسيقولها..لو أن أحدا غير "السيسى" قد خاطب الشعب لينزل الشوارع ويعطيه تفويضا، هل كانت ستنزل تلك الملايين بقضها وقضيضها! هل تستطيع أن تشير لى على سياسى واحد يصلح كرجل دولة فى تلك المرحلة؟! أحدهم انكشف فى أول اختبار له كرجل دولة فآثر الانسحاب. وآخرين ممن دخلوا انتخابات الرئاسة السابقة، جاءت تصريحات أمين لجنة الانتخابات الرئاسية حاتم بجاتو فى حينها (جريدة الشروق فى 28 يونيو 2012) ليكشف أن " لديه معلومات واتهامات موثقة لسبعة مرشحين رئاسيين بتلقي تمويل من الخارج ولكن البنك المركزي والأجهزة الرقابية الأخرى مقيدة بقوانين تمنعها من تتبع بعض التحويلات"! هل ترضى لبلدك رئيساً انكسرت عينه أمام نظام خارجى موَّله فى يوم من الأيام؟! أما الباقى فلم (يُلَّمِسوا) مع الناس..صديقى الصحفى الهمام! السياسى العُقر هو من يستمع الى الناس، وهو من يأخذ كلامهم ويحوله الى شعارات وبرامج سياسية.. بالمناسبة عندما خلع عبد الناصر بزته العسكرية، أصبح رئيسا مدنياً. لم يعط المصريون حباً لحاكم وزعيم من قبله أو بعده، مثلما أعطوه. فى عهده حدثت خطايا وأخطاء، ولكن اعتبره الناس منهم. لم ينظروا اليه كعسكرى، بل أنه واجه قيادة الجيش مواجهة مريرة فى الفترة مابين 1961 و1967..واستطاع ازاحة تدخل الجيش فى الحياة السياسية بشكل نهائى بعد الهزيمة. كان صراعاً فعليا ً بين السلطة المدنية (عبد الناصر) و سلطة العسكريين (عامر).
صديقى: رائع الحوار معك، والأروع أن تتحقق أحلامك
هذا الحوار الطويل، هو عينة لما يدور الآن داخل المقاهى وفى وسائل النقل العام.. حوار فى كل بيت مصرى فى مجتمع، تم تسييسه من قمة رأسه حتى أخمص قدميه..لم أقم بتأليفه وتوليفه، لكننى نقلته كما هو. إنه مستقبل مصر الذى يتعلق بمصير شعب بأكمله، ولا تقرره (مؤسسة) أو (نخبة) ضيقة. مستقبل يقرره الشعب، كل الشعب!