رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المستريح والريان والمواطن الغلبان

انشغل الرأي العام المصري خلال الأسابيع القليلة الماضية بقضية توظيف أموال جديدة كان التركيز فيها بصفة خاصة على أموال أهالي بعض مناطق الصعيد حيث اشتروا الوهم بأموالهم أملاً في العائد الكبير الذي يساعدهم على مجابهة أعباء الحياة، ففقدوا الأموال وفقدوا العائد وترتب على ذلك نتائج مهمة ومؤثرة وعلى مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأسرية والتي تحملها أهلنا في الصعيد ومازالوا ينتظرون الحل المناسب لما يعتبرونه عملية من عمليات النصب ترتب عليها سلب أموالهم، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات الرئيسية التالية.

أولا: إن هذه القضية التي اطلق عليها اسم «المستريح» ليست الأولى من نوعها، فقد شهدت مصر في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين كارثة ضخمة وعلى نطاق أكبر في مجال توظيف الأموال وذلك من خلال شركات كبرى لتوظيف الأموال كان أشهرها في تلك الفترة الريان والشريف والسعد وغيرها، والتي اجتذبت نسبة كبيرة من أموال ومدخرات المصريين وخصوصاً من العاملين في الخارج، والذين توجهوا بمحض ارادتهم إلى هذه الشركات بتأثير الإغراءات الخاصة بالربح السريع والمؤثرات الإعلامية وضغط الإعلان المدفوع الأجر والذي أوقعهم في شراك هذه الشركات، والتي تعتمد مثلها في ذلك مثل المستريح وغيره من المستريحين الآخرين الذين يمكن أن يظهروا مستقبلا على تقديم اغراءات للمودعين واعطائهم عائداً شديد التميز لفترة محدودة ثم تقع الكارثة على المواطنين.
ثانيا: يستخلص من عملية المستريح وما سبقها أن هناك نسبة لا بأس بها من المواطنين لا يقبلون على إيداع أموالهم أو مدخراتهم في البنوك وربما يمكن تفسير ذلك من تخوفهم من التعامل مع البنوك لأسباب مختلفة، فقد يكون لديهم احساس خاطئ بأن الأموال في البنوك غير مضمونة أو أنهم لا يستطيعون الحصول عليها عند احتياجهم لها أو أن الأموال المودعة في البنوك تفرض عليها ضرائب، أو أن الحكومة يمكن أن تصادر هذه الأموال أو غير ذلك من المعلومات والأفكار المغلوطة والتي تجعلهم لا يقبلون على إيداع أموالهم في البنوك ويحتفظون بها لديهم في حالة سائلة وينتظرون ظهور المستريح وأمثاله والذي يقدم لهم اغراءات بعائد سريع وكبير فيسلمون له أموالهم والتي يقوم بإراحتهم منها سريعا.
ثالثا: إن هناك دوراً مفترضاً للدولة وأجهزتها ومؤسساتها ووسائل الإعلام لمواجهة هؤلاء المستريحين الذين يقومون بعملية النصب على المواطنين، وأهم هذه الأدوار المطلوبة هو توعية المواطنين بأهمية ايداع أموالهم ومدخراتهم في البنوك حتى يمكن اجتذاب هذه الأموال إلى الجهاز المصرفي

والتأكيد على ما تتمتع به الأموال المودعة في البنوك من أمان وأنها مضمونة من البنك المركزي، أي أن الدولة هي التي تضمنها، وإن اجراءات الإيداع بسيطة وليست معقدة وربما يرتبط بذلك أيضا أن تكون الفوائد البنكية على الأوعية الادخارية ملائمة وألا تقل بأي حال عن النسبة السنوية للتضخم، وخصوصا أن أعدادا كبيرة من المواطنين يعتمدون في معيشتهم على هذه الفوائد البنكية وخصوصا أصحاب المعاشات والأرامل وأولئك الذين لا يستطيعون اقامة مشروعات أو أعمال خاصة بهم وهو ما يمكن أن نطلق عليه الادخار العائلي وإذا كانت الفائدة مميزة فإن ذلك يمكن أن يغري المواطنين الذين لا يتعاملون مع البنوك على ايداع مدخراتهم فيها ولا يقعون بذلك في قبضة المستريحين الذين يستولون على أموالهم.
رابعا: إن هناك احتياجاً إلى ايجاد قوانين وتشريعات تعالج موضوع توظيف الأموال والشركات التي تنشأ تحت هذا المسمى وتهدف إلى النصب على المواطنين، وذلك من خلال تشديد العقوبات القانونية ووضع القوانين المنظمة والإجراءات الكفيلة بحماية المواطنين من مثل هذه الشركات أو المؤسسات المالية سواء من حيث النشأة أو النشاط والاستمرارية والرقابة والمتابعة، فالمواطن المصري الذي يعاني من العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والمالية لا يحتاج إلى مشكلات وأعباء جديدة نتيجة أعمال النصب التي يقوم بها المستريحون ومطلوب توعيته بأن أي مشروع اقتصادي سليم وصحيح لا يستطيع أن يقدم له العائد الضخم في فترة زمنية قصيرة، فغالبا ما يكمن وراء هذا العائد الضخم عملية نصب أضخم، والمطلوب في جميع الأحوال التعلم من أخطاء الماضي وعدم تكرارها في المستقبل.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة