رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإرهاب الأسود والمواجهة على الأرض المصرية

أتقدم في البداية بخالص العزاء والمواساة إلى أسر شهداء العمل الإرهابي الخسيس والذي أدى إلى استشهاد ثلاثين ضابطا وجنديا من خير أجناد الأرض والذين ضحوا بأرواحهم دفاعا عن الوطن وعن شعب مصر العظيم، وتمنياتي للمصابين بسرعة الشفاء ،وهو في واقع الأمر ليس إجراماً موجهاً إلى هذه المجموعة من أنبل وأشرف أبناء الوطن أو أسرهم فقط بل إنه موجه إلى مصر بأكملها وشعبها وقواتها المسلحة وشرطتها المدنية بهدف التأثير على الإرادة المصرية وكبح جماح الطموحات المصرية وهو المخطط الفاشل بالضرورة طالما هناك تكاتف واصطفاف بين الشعب والقيادة والقوات المسلحة والشرطة المدنية، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات الأساسية التالية:-

أولا: إن هذا العمل الجبان ليس الأول من نوعه بل تكرر من قبل عدة مرات ويمكن الإشارة إلى عدم التكافؤ المنطقي بين الدولة ومؤسساتها من جانب وبين التنظيمات الإرهابية من جانب آخر وذلك من حيث المبدأ ولكن الإرهاب يكتسب قوته من المفاجأة والعشوائية بمعني أنه من غير المعروف متى ستحدث الضربة الإرهابية أو إلى من ستوجه أو ما هو توقيتها، فالإرهاب وهو يعتمد على المفاجأة والعشوائية يهدف إلى الترويع أي من خلال إحداث قتلى واصابات نتيجة للعمل الإرهابي وتتوقع التنظيمات الإرهابية إخافة شعب بأكمله، ويمكن أن نشتم في هذا العمل الإرهابي رائحة أجهزة مخابراتية وتنظيمات خارجية وهو ما يتضح من الأسلوب (السيارات المفخخة) ومن الأسلحة المستخدمة ومن تزامل عدة ضربات في نفس التوقيت بهدف إحداث أكبر قدر من الخسائر.
ثانيا: إن توقيت العمل الإرهابي له دلالة ،فهو يحدث قبل فترة وجيزة من انعقاد المؤتمر الاقتصادي الدولي لدعم مصر (في مارس 2015) مما يعني أن هناك من يريد أن يعرقل المسيرة التنموية والاقتصادية لمصر من خلال إشاعة جو من عدم الاستقرار للإيحاء بأن مصر ليست في مرحلة مواتية لضخ الاستثمارات والانطلاق في عملية التنمية، كذلك فإن هذه العملية الإرهابية تأتي قبل فترة قصيرة من استكمال الاستحقاق الثالث والأخير من خارطة المستقبل السياسي التي ارتضاها الشعب المصري لنفسه كمحاولة من جانب العناصر الإرهابية لإعاقة استكمال خارطة المستقبل السياسي بمعنى إن الإرهاب يهدف إلى إعاقة مصر اقتصاديا وسياسيا وأمنيا ،وربما ارتبطت عديد من الأعمال الإرهابية في فترات سابقة بمناسبات معينة مثل استكمال الاستحقاق الرئاسي أو استكمال الاستحقاق الدستوري أو الأعياد الدينية أو السياسية حيث ينتهز الإرهاب هذه المناسبات للقيام بأعماله الدينية.
ثالثا: إن المكافحة الناجحة للإرهاب تتطلب اتخاذ إجراءات متعددة أمنية وسياسية وتشريعية واستباقية وتنظيمية إضافة إلى تحقيق عنصر الردع للعناصر الإرهابية ،ولذلك فمن المرغوب فيه إصدار تشريع خاص بمكافحة الإرهاب حيث لا يصلح لمواجهته فقط مواد القانون العادي فالقانون العادي أو التشريع وضع للأحوال العادية أو الطبيعية ،أما الإرهاب فهو حالة غير عادية أو استثنائية ولذلك يحتاج في مكافحته إلى قوانين

ذات طبيعة خاصة تضمن ان تكون العدالة حاسمة وسريعة وناجزة، فالمتورط في عمل ارهابي ضد الدولة ومؤسساتها ومواطنيها وقواتها المسلحة والشرطة المدنية وضبط متلبسا على سبيل المثال لا يجوز أن يخضع لإجراءات قانونية مطولة بل يطبق عليه القانون الخاص بالإرهاب بما يضمنه من سرعة وقصاص حتى يكون المتورط في العمل الإرهابي نموذجا وعبرة للجميع،كذلك من المرغوب فيه توجيه الضربات الاستباقية لكافة التنظيمات الإرهابية سواء في الداخل أو في المناطق الحدودية فهذه الضربات الاستباقية وتطبيق العقوبات الناجزة هي الكفيلة بتحقيق عنصر الردع وتستخدم هذه الضربات الاستباقية ضد كافة التنظيمات الإرهابية .
رابعا: إن المهم في المقام الأول هو تحقيق الأمن القومي والحفاظ عليه ،ودون التأثر كثيرا بردود فعل الأطراف الخارجية المختلفة ،فأكثر الدول ديمقراطية في الغرب تتخذ إجراءات رادعة ضد العناصر الإرهابية سواء الفعلية أو المحتملة ودون أن تأخذ في الاعتبار ردود فعل الآخرين، كذلك فإن إسرائيل عندما يتم أسر جندي لها أو قتله تقيم الدنيا ولا تقعدها وتتخذ إجراءات شديدة العنف ووصل الأمر إلى هدم أجزاء كبيرة من غزة عدة مرات دون أن تأخذ في الاعتبار رد فعل المجتمع الدولي ،وهذا ما تحتاج إليه مصر في الفترة القادمة، كذلك ضرورة إعادة النظر في المنطقة العازلة على حدود مصر الشمالية الشرقية وهل من المرغوب فيه زيادتها أم لا، وضرورة ضمان إغلاق المعابر على جانبي الحدود بكافة الوسائل، وكذلك اتخاذ اجراءات حاسمة بخصوص المعابر.
خامسا: كذلك قد يكون من المرغوب فيه لتوفير الدعم السياسي لمصر الدعوة إلى مظاهرة دولية لدعم مصر ضد الإرهاب على غرار النموذج الفرنسي حيث يتم توجيه الدعوة إلى رؤساء ومسئولي الدول التي تتخذ موقفا صريحا ضد الإرهاب (وألا يكون من بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي)، فالإرهاب أصبح يواجه الجميع ولابد من تضافر جهود الجميع لدحر الإرهاب الأسود.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة