عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. محمد داود يكتب: التسامح فى الإسلام

د. محمد داود
د. محمد داود

التسامح فى الإسلام يأتى ثمرة لمكارم الأخلاق من العفو والصبر والسخاء والجود ونحوها.

ونعنى بالتسامح هنا العفو وعدم رد الإساءة بالإساءة، والترفع عن الانتقام والتشفى، والتحلى بالإحسان والتيسير مع الآخرين، طلبًا لمرضاة الله تعالى، وتأسيًا واقتداء بصاحب الخلق العظيم، نبينا الهادى سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).

كيف لا ومبتغى رسالته (صلى الله عليه وسلم) الرحمة، قال تعالى:«وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين».

كيف لا وقد أثنى الله عليه (صلى الله عليه وسلم): «وإنك لعلى خلق عظيم».

والشواهد على التسامح من سيرته العطرة (صلى الله عليه وسلم)، كثيرة جدًا، من ذلك:

موقفه (صلى الله عليه وسلم) حين اشتد أذى قريش له، عرض نفسه على القبائل يطلب منهم الحماية، فكان بعضهم يرد ردَّا جميلًا، وبعضهم يغلط فى الرد، ووصل الأمر بسفهاء بعض القبائل أن سلطوا عليه صبيانهم، فأدموا قدمه الشريف برمية الحجر، فما زاد نبينا الهادى (صلى الله عليه وسلم) على قوله: (اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون) وفى هذا الدعاء لمن آذوه موفور الشفقة والرحمة ومكارم الأخلاق.

كذلك من تسامحه (صلى الله عليه وسلم) موقفه فى صلح الحديبية حين قدم مكة للنسك - للعمرة - لا للحرب فمنعوه، واتخذ من هذا الموقف فرصة لعقد صلح بينه وبين المشركين على شروط جائرة من المشركين، حتى قالوا «من ذهب منا إليكم فعليكم أن تردوه لنا، ومن جاء منكم فليس علينا رده»، فغضب المسلمون لهذا الشرط، فرضَّاهم النبى (صلى الله عليه وسلم)، بأن من ذهب منا إليهم فلا رده الله، أى لا خير فيه، وما جاء منهم إلينا ورددناه فسيجعل الله له فرجًا ومخرجًا.

كذلك تسامحه (صلى الله عليه وسلم) بحذف كلمة (رسول الله) حين عاندوا وقالوا لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، ولكن قل: محمد بن عبدالله، فأبى كاتبه أن يمحوها، فمحاها النبى (صلى الله عليه وسلم) بنفسه، وأجابهم لطلبهم، ثقة بالله بأن الله ناصره، وأن العاقبة خير إن شاء الله تعالى.

كذلك تسامحه يوم فتح مكة وقد دخلها فى عزة وغلبة، فعفا عمن آذوه وأخرجوه منها، وقد ظهر عليهم الخوف أن ينتقم منهم، فقال (صلى الله عليه وسلم) لهم: ما تظنون أنى فاعل بكم، قالوا أخ كريم، وابن أخ كريم، فقال

(صلى الله عليه وسلم): اذهبوا فأنتم الطلقاء، ثم فتح أبواب الأمان للناس، فقال (صلى الله عليه وسلم): «من دخل بيته فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن».

كذلك من تسامحه (صلى الله عليه وسلم)، عفوه وإحسانه لمن أساءوا فى الطلب أو التعامل معه، فكان يعفو عنهم، ويحسن إليهم، حتى لقد أسلم حبر من أحبار اليهود لمَّا اختبر صفتين وجدهما من صفات النبى الخاتم فى الكتب السابقة، وهما:«أن حلمه يسبق غضبه، وأن جهل الجاهل عليه لا يزيده إلا حلمًا»، فلما تحقق منهما أسلم، وصدق الله العظيم:«فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاستغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ».

وهذا هدى ربنا فى القرآن الكريم أن التسامح يحول الشر إلى خير، قال تعالى:«وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِى حَمِيمٌ»، وتؤكد آيات القرآن الكريم أن التسامح هدى قرآنى كريم، قال تعالى:«وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»،وقوله تعالى: «وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ».

فاللهم خلِّقنا بخلقه وأدِّبنا بأدبه يا رب العالمين، هذا وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا الهادى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.