رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عفوا.. معالي رئيس الوزراء!

يبدو أن الجدل المحتدم حاليا حول أولوية صياغة الدستور قبل الانتخابات البرلمانية أو المضي قدما في خارطة الطريق التي جاءت في المواد الدستورية التي جرى الاستفتاء حولها قد بدأ يأخذ منحى جديدا بعد التصريحات التي نسبت لرئيس الوزراء عصام شرف والتي عبر فيها عن رأيه بضرورة تأجيل الانتخابات البرلمانية لإفساح المجال لصياغة الدستور.

الصادم في تصريحات الدكتور شرف، بالنسبة لي، أنها لم تراع أبدا كونه مسؤولا تنفيذيا يرأس حكومة تسيير الأعمال في البلاد حاليا وليس ناشطا سياسيا من حقه أن يدلي بدلوه كما يفعل الجميع الآن في الكم الهائل من البرامج الحوارية!

كنت أتوقع من شرف وحكومته التركيز على الملفين الأبرز حاليا وهما عودة الأمن للشارع بصورة ملموسة وإعادة عجلة الانتاج والعمل للدوران وكلاهما يرتبط بالآخر، وبالقطع لن تساعد عملية تأجيل الانتخابات في أي منهما، لماذا؟ لأن الحالة السائلة التي تمر بها المحروسة حاليا ترجع بالأساس لغياب حكومة منتخبة من الشعب تتحرك تحت غطاء من الشرعية لتتعامل مع الملفين بقوة القانون وحسم الشرعية.

ما هالني أكثر في التصريحات المنسوبة لشرف، على لسان نائبه الدكتور يحيى الجمل (وشرف نفسه لم يكذبها حتى كتابة هذه السطور) أنها تغاضت عن معطيات كثيرة وواضحة تصب جميعها في خطورة تأجيل الانتخابات وبالتالي تطويل أمد "الحالة المؤقتة" التي تمر بها البلاد.

أبرز تلك المعطيات هو حالة الشد والجذب بين جميع طوائف المجتمع وكل طرف يدعي أنه يتحدث باسم الأغلبية من الشعب وأنه وحده يمتلك الرؤية والحل الصائب للخروج بالبلاد من حالتها الراهنة إلى مصاف الدول المتقدمة، فكيف يمكن في مثل هذه الحالة أن نتفق على أي شيء؟!

لاشك أن المناداة ب"الدستور أولا" طرح له ما يبرره، وشخصيا كنت أميل إليه حتى وقت قريب، فالطبيعي والمنطقي هو وضع الدستور المنظم لعمل أجهزة الدولة جميعا قبل انتخاب أو اختيار الأفراد الممثلين لتلك الأجهزة، ولكن كيف يمكن أن يتم ذلك؟! كيف يمكننا في ظل هذه الحالة أن نستقر على مائة شخصية عامة لوضع

الدستور؟! وما هي الجهة المنوط بها ترشيح تلك القائمة؟ هل هي المجلس العسكري أم حكومة شرف أم ائتلافات شباب الثورة أم منظمات المجتمع المدني؟!

لنفترض جدلا أنه حدثت المعجزة وتم – بطريقة ما – اختيار أعضاء تلك القائمة، فهل سيتم استفتاء الشعب في تلك القائمة؟ أظن أن هذا أمر ضروري وأساسي...فما هو شكل وآلية مثل هذا الاستفتاء؟! وكم من الوقت والمال يستغرق الاستعداد له، وماذا لو رفضت الغالبية نصف القائمة أو حتى أكثر أو أقل؟!

أليس المنطقي أكثر هو دراسة المعطيات الواقعية واتخاذ قرارات ممكنة التنفيذ؟! خصوصا إن نحو ثلاثة أرباع الشعب عبروا عن رغبتهم الواضحة في سرعة عودة الاستقرار للبلد عندما صوتوا بنعم في الاستفتاء الشهير، فهل هذا الطرح يقدم لهؤلاء ما قالوا أنهم يريدونه؟! الإجابة هي لا قاطعة..وأنا هنا لا أريد الدخول في الجدل العقيم حول الاستفتاء ذاته، فعلى أقل تقدير أنا شخصيا أعتبره بوصلة في هذا التيه الذي نمر به، وكان الأولى بالدكتور شرف أن يكون أكثر الناس حرصا على التمسك بتلك البوصلة لا أن يضرب بها عرض الحائط!

عزيزي دكتور شرف، أرجوك أن تركز في ملفي الأمن والإنتاج وأن تترك القرارات الاستراتيجية طويلة الأمد لحكومة دائمة ناتجة عن انتخابات حرة نشارك فيها جميعا..حتى لا تفقد من رصيدك ما قد تبقى لكم فيه!