رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"بوعزيزي المصري": لن أحرق نفسى مجدداً

عبده عبدالمنعم بوعزيزي
عبده عبدالمنعم "بوعزيزي المصري"

«عبده عبدالمنعم» اسم شغل مصر كلها قبل أيام من اندلاع ثورة 25 يناير عندما سكب علي نفسه البنزين وحاول إحراق نفسه أمام مجلس الشعب، احتجاجاً علي حرمانه من الحصول علي رغيف الخبز بكرامة،

لكن المارة أنقذوه من الموت وأصيب بعدة حروق دخل علي إثرها المستشفي، أصيب المسئولون في الدولة بالذعر، وهرعوا لزيارته خوفاً من تكرار ما حدث في تونس ولكن هيهات صدق حدسهم وقامت ثورة الشباب في مصر بعد أيام من واقعة عبده حمادة.
لقبه البعض بـ «بوعزيزي المصري» نسبة إلي «محمد البوعزيزي» الشاب التونسي الذي انتقلت النيران التي أشعلها في جسده من الظلم إلي تونس كلها لينتهي الأمر بثورة تطيح بنظام زين العابدين بن علي أول ديكتاتور تطيح به ثورات الربيع العربي، ثم لحق به «مبارك» و«القذافي».
تري كيف يعيش «بوعزيزي المصري» بعد مرور عام علي الثورة؟.. وهل أعطته ثورة الشباب بعض الأمل وجعلته يتراجع نهائياً عن فكرة الانتحار؟.. ومن هو هذا المصري الذي واتته الجرأة علي إحراق نفسه في ظل عهد ربما كان يتمني أن يحرق باقي الشعب نفسه ليتخلص منه!!.. هذا ما سنعرفه في السطور التالية.
سافرت إلي مدينة القنطرة غرب «بعد حصولي علي موافقة السيد رئيس التحرير» حيث يقيم «عبده» بجوار الكافتيريا التي يمتلكها علي الطريق الزراعي بين محافظتي بورسعيد والإسماعيلية في الكيلو 85، الكافتيريا بسيطة بها عاملان أحدهما ابنه «متولي» 18 عاماً.
من خلال النقاش معه وجدته إنساناً مصرياً بسيطاً كغيره من ملايين المصريين الذين يريدون حياة كريمة يحيط بها الصحة والستر، وعرفت أنه كان يائساً من كل شيء في مصر قبل 25 يناير لوجود احتقانات سياسية وفساد ورشوة ومحسوبية، وتزوير انتخابات، فضلاً عن جبروت جهاز أمن الدولة.
ولهذا كان فاقد الأمل ولم يتنبأ بقيام ثورة يناير، أو لم يكن يحلم يوماً ما، بأنه سيكون أحد إرهاصاتها التي أسرعت باندلاعها، حيث قال: إنه حزين لأنه لم يستطع المشاركة فيها حيث كان راقداً في مستشفي المنيرة العام نتيجة لإصابته بالحروق.
والمفاجأة أن «عبده» يمتلك مكتبة عامرة بالكتب القيمة «سياسية ودينية واقتصادية وعلمية وتاريخية» التي لا تجدها إلا عند كبار المثقفين، ففي مكتبته علي سبيل المثال موسوعة «شخصية مصر» لـ «جمال حمدان» و«رحلتي الفكرية»، و«في الخطاب الصهيوني» للدكتور عبدالوهاب المسيري، و«الشوقيات» بأجزائها الأربعة، وكتاب «كليلة ودمنة» و«حرب الثلاثين سنة» لـ «محمد حسنين هيكل»، و«كيف نفهم الإسلام» و«هموم داعية» و«الاستعمار أحقاد وأطماع» للشيخ «محمد الغزالي» و«إسلاميات»، وكتاب «الله» لـ «عباس محمود العقاد» و«حياة محمد» للدكتور محمد حسين هيكل، و«عصر الجاهلية» و«ماذا حدث للمصريين» للدكتور جلال أمين، وكتاب «الفتنة الكبري» للدكتور طه حسين و«أوراق حياتي» لـ «نوال السعداوي» و«فتح الباري لصحيح البخاري» 18 جزءاً، و«ممر التنمية» للدكتور فاروق الباز، فضلاً عن الكثير من أمهات الكتب.
فاستفسرت عن تلك الكتب وهو لا يقرأ ولا يكتب!!.. قال: إنه يستعين بأبنائه لقراءتها أمامه وهو يتعلم القراءة حالياً ليقرأها بنفسه لأنه يحب العلم والعلماء ويقدرهم ويفتخر بهم واستشهد بأسماء بعض العلماء، خاصة د. أحمد زويل عالم الفيزياء، ود. أحمد مستجير عالم الهندسة الوراثية، ود. فاروق الباز عالم الجيولوجيا، ود. مجدي يعقوب ود. أحمد شفيق الجراحان العظيمان، ود. ياسين عبدالغفار أستاذ الكبد العالمي، ود. مصطفي مشرفة، ونبوية موسي.
بادرته: هل تحب العلماء فقط؟.. فقال: والسياسيون والزعماء أمثال أحمد عرابي وسعد زغلول ومصطفي كامل والنحاس باشا وعبدالناصر والسادات الذي قابله وهو طفل يبيع بعض المتطلبات للجنود السوفيت بإحدي المواقع العسكرية بالإسماعيلية، وكان الرئيس «السادات» في هذا الموقع دون أن يعرفه، ولكنه فوجئ بالإجراءات المشددة حوله، وكان يعرف مكاناً ليس به أسلاك شائكة فتسلل منه، وفجأة وجد نفسه أمام الرئيس «السادات» والحرس يقبض عليه، فطلب «السادات» منهم أن يتركوه، وسأله عن اسمه، ومن أين جاء وماذا يفعل؟.. وعندما أخبره أنه من المطرية بالدقهلية، سأله السادات عن زكريا الحجاوي؟.. فقال للرئيس الراحل: إنه يسكن في ذات الشارع الذي يسكن فيه.. فنظر الرئيس للواء «عبدالتواب هضيبة» محافظ بورسعيد قبل حرب أكتوبر وقال: «يا عبده خلي بالك من عبده».. وكان المحافظ عندما يقابله في الشارع يسلم عليه ويعطيه جنيهات.
ويضيف «بوعزيزي المصري» أن الثورة التي حدثت في 25 يناير شيء طبيعي، وكان لابد من حدوثها نتيجة الفساد الذي كان موجوداً في نظام الرئيس السابق، وهو بنفسه شارك، في حركة كفاية، وكثيراً ما جاء إلي القاهرة لحضور وقفات كفاية، وأنه معجب بالدكتور عبدالوهاب المسيري - رحمه الله - وجورج

إسحاق ويصفهما بمثقفي المواقف، وليس من مثقفي المكاتب، وكثيراً ما شارك «عبده» في ندوات لـ «المسيري» و«محمود أمين العالم» وفي الندوات التي تقيمها أحزاب الوفد والتجمع والأحرار ولم يترك ندوة للمناضل الكبير الراحل مصطفي شردي في بورسعيد.
ويري «عبده» أن مصر بعد سقوط نظام مبارك أصبحت أفضل، لكن التغيير الملموس لسه بدري عليه، لأن النظام السابق ترك عبئاً ثقيلاً للشعب، ولمن سيتولون إدارة شئون البلاد وبسبب الفساد والقمع من أجهزة أمن الدولة، وبلطجية الشرطة والفاسدين الصغار من رجال المحليات، وهذا لمسه من خلال الممارسات اليومية وعن طريق سائقي النقل الذين يقضون أوقات الراحة في الكافتيريا ويحكون له ما يحدث لهم من مشاكل وصعوبات في طول البلاد وعرضها بما يتيسر لهم من التنقل بحكم عملهم.
وأكد أنه لن يقوم بإشعال النار في نفسه مرة أخري لأن مصر تغيرت ولم يصبح فيها جهاز أمن الدولة الذي كان يحكمها ويكتم علي أنفاسها ولكنه علي استعداد أن يقدم حياته فداء لمصر لأنه يشعر الآن بأنها بلده وليست بلد ضباط الشرطة الذين كانوا يقومون بالبلطجة علي الشعب.
ويستشهد بواقعة حدثت له عام 1984 عندما حضر ندوة في قاعة المؤتمرات الكبري بمحافظة بورسعيد، وعندما دخل القاعة وجدها مليئة ولم يجد مقعداً خالياً ليجلس عليه، ولكنه نظر في الصف الأمامي ووجد مقعداً خالياً فاتجه ناحيته واحتله، وتصادف أنه جلس بجانب مدير أمن الدولة ببورسعيد، ووجد «ممدوح الحبال» مدير مكتب العمل وسلم عليه.
وأثناء استمرار الندوة قدم سيجارة إلي مسئول أمن الدولة ولم يكن تعرف عليه بعد، فقال له: تعالي اشرب شاي معايا، وأخذوه علي أمن الدولة واتهموه بمحاولة اغتيال المحافظ.. وعندما ذهبوا به إلي القسم التابع له كان مأمور القسم يعرفه، فقام بصرفه من القسم ولكن ثاني يوم طلبوا من د. كمال إسحاق مفتش الصحة تحويله إلي مستشفي الأمراض النفسية بالخانكة.
ويؤكد أنه كان يمر بضغوط نفسية عصيبة عندما يشعر بأنه عاجز وغير قادر علي الوقوف أمام القهر والظلم، وعندما كان يتم اقتياده إلي مقرات أمن الدولة ويتم إهدار كرامته وتعذيبه، كان يستسهل المرض النفسي ويتركه ليتعايش معه، أفضل من التعذيب والإهانة.
وعند التحقيق معه بواسطة وكيل النائب العام بعد قيامه بإشعال النار في نفسه، وسأله وكيل النائب العام: هل توافق علي أن تذهب إلي مستشفي الأمراض النفسية؟.. رأي أن هذا السؤال كان بمثابة النجدة له، خاصة أنه اعتاد علي تحويله لمستشفي الأمراض النفسية ولا يري في ذلك حرجاً، فوافق علي ذلك وتم تحويله إلي المستشفي واستغل ذلك أعضاء الحزب الوطني الذي أسماهم «عبده» بـ «أعداء الوطن» في الترويج لإظهاره في صورة المجنون أمام الرأي العام.. هذا الحزب اللعين بسياسته وأعضائه وسرقاته لمقدرات الشعب هي التي تسببت في التأثير عليه نفسياً، ولكنه الآن بعد حل هذا الحزب وتقديم المسئولين عنه للمحاكمات، وذهابه «في ستين داهية» وأيضاً حل جهاز أمن الدولة فلن يرهبه شيء بعد الآن، وانتهي المرض إلي غير رجعة.