رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إهانة شهداء‮ ثورة يناير بمشرحة زينهم


التعذيب حياً‮.. ‬وميتاً‮.. ‬عبارة ربما سمعتها من قبل،‮ ‬وربما تخيلت أنها تقال علي سبيل المبالغة معتقداً‮ ‬بأن الأموات لا‮ ‬يمكن لبشر أن‮ ‬يعذبهم بعد ما عادت أرواحهم الي ملكوت السماء‮.. ‬ولكن الحقيقة عكس ذلك‮.‬

ففي مصر تمكن المسئولون،‮ ‬بعون من الشيطان والروتين والفساد،أن‮ ‬يعذبوا الجثث‮..‬ولو كانت الجثث المعذبة لأشخاص عاديين لكان الأمر‮ ‬يمكن تحمله،‮ ‬فالكارثة أن المسئولين عذبوا جثث شهداء‮ ‬يناير الذين ضحوا بأرواحهم من اجل ان نعيش أحراراً‮ ‬بلا فساد ولا مفسدين‮.‬

جثث الشهداء المعذبة عددها‮ »‬20‮« ‬وسلخانة تعذيبها هي مشرحة زينهم أما المعذبون فهم وزارة الداخلية والنيابة العامة ووزارة العدل‮.‬

عملية التعذيب بدأت مع أحداث‮ »‬25‮ ‬يناير‮« ‬الماضي وتحديداً‮ ‬عندما بدأ أشرف الثوار التضحية بحياتهم لإنجاح الثورة ومعها بدأ توافد جثث الشهداء علي مشرحة زينهم‮.‬

ويوماً‮ ‬بعد آخر ازداد عدد جثث الشهداء بالمشرحة حتي وصل عددهم الي‮ »‬153‮« ‬جثة شهيد‮.‬

قليل من الجثث أمكن التعرف عليه بسهولة والغالبية كانت تحتاج لتحليلات دقيقة لتحديد هوية أصحابها والنتيجة النهائية‮ ‬بعد‮ »‬105‮« ‬أيام من الثورة هي وجود‮ »‬20‮« ‬جثة من جثث الشهداء داخل المشرحة حتي الآن‮.‬

والمفاجأة أن‮ »‬7‮« ‬من تلك الجثث معروفون بالاسم والسن ومحل الإقامة،‮ ‬وكان المفروض ان تبلغ‮ ‬وزارة الداخلية ذويهم لاستلام الجثث ولكن الداخلية لم تفعل حتي الآن‮!.‬

وأصحاب الجثث السبع هم إسلام محمود عبدالمعتمد عبدالناصر،‮ ‬وحسن عبدالحميد ابراهيم محمد وعبدالناصر احمد اسماعيل ومحسن سيد محمد ابراهيم ومحمود محمد علي عامر وشعبان محمد محمود ومختار محمد محروس‮.‬

وأكد الدكتور أشرف الرفاعي وكيل وزارة العدل ومساعد كبير الأطباء الشرعيين ان مصلحة الطب الشرعي‮ ‬تمكنت من تحديد شخصية أصحاب تلك الجثث من خلال المعمل الجنائي وتم ابلاغ‮ ‬وزارة الداخلية بالأسماء الكاملة والي الآن لم‮ ‬يصل أي من أهالي هؤلاء الأشخاص لاستلام جثث ذويهم‮.‬

ولأنه ليس من المعقول أن تعرف أية أسرة ان ابنهم أو أحد أفراد الأسرة متوفي ومحتجز داخل المشرحة ثم‮ ‬يكون رد فعلها هو السكوت،‮ ‬فالفعل الطبيعي هو أن‮ ‬يتوجه آل المتوفي الي المشرحة فوراً‮ ‬لاستلام جثة ذويهم لدفنه في مثواه الأخير لأن كل المصريين‮ ‬يؤمنون بأن إكرام الميت دفنه‮.‬

ومادام الأمر كذلك فإن المرجح هو ان الداخلية لم تبلغ‮ ‬آل أصحاب الجثث السبع بأن لهم شهيداً‮ ‬في مشرحة زينهم‮.‬

أما الثلاث عشرة جثة التي لم‮ ‬يتم التعرف عليها فيمكن بعدة طرق تحديد هويتها كما‮ ‬يقول الدكتور طارق عبدالغني،‮ ‬منها رفع بصماتها ومضاهاة هذه البصمات بعد معالجتها بالبصمات الموجودة في كمبيوتر وزارة الداخلية وعندها سيتم تحديد هوية عدد‮ ‬غير قليل من أصحاب تلك الجثث ومالا‮ ‬يتم تحديد هويته من هذه الجثث‮ ‬يمكن أخذ عينات منه واخضاعها لتحليل‮ »‬DNA‮« ‬ثم السماح بدفنها إكراماً‮ ‬للمتوفي ـ مع الاحتفاظ بعينة التحليل ونتيجة التحليل وصورة الجثة لكي تتم مقارنة نتائج التحليل مع نتائج تحليل كل من‮ ‬يتقدم مدعياً‮ ‬بأن له صلة قرابة بصاحب أية جثة‮.‬

لم تتوقف الجرائم التي ارتكبت في حق جثث الشهداء عند الجثث التي لم تدفن حتي الآن فحسب فريد حشيش احد موظفي الطب الشرعي فإن‮ »‬146‮« ‬تقريراً‮ ‬طبياً‮ ‬حول سبب وفاة شهداء الثورة اصدرتها مصلحة الطب الشرعي مشكوك في صحتها من اجمالي‮»‬153‮« ‬تقريراً‮ ‬أصدرتها المصلحة‮.. ‬ويؤكد فريد حشيش ان كل تلك التقارير مشكوك في صحتها حيث تم اجراؤها بالمخالفة للقانون‮.. ‬ويقول‮:»‬القانون واللوائح المنظمة لاجراءات التشريح التي تحكم عمل مصلحة الطب الشرعي هي تصوير الجثة قبل التشريح واثناء التشريح وبعد التشريح مع التصوير الإشعاعي لحالات القصور ولكن الذي حدث هو ان مصلحة الطب الشرعي اكتفت باجراء الكشف الظاهري وهذه مخالفة خطيرة‮.. ‬وأضاف‮: ‬ابلغت النائب العام بكل هذه المخالفات ولكن شيئاً‮ ‬لم‮ ‬يحدث‮.‬

وتكشف حالتان لشهداء عن وقوع مخالفات خطيرة في تسليم جثث الشهداء‮.. ‬أولي هذه الحالات بطلها عماد حمدي أحمد مصطفي‮.. ‬عماد اختفي‮ ‬يوم‮ »‬25‮ ‬يناير‮« ‬ولم‮ ‬يعثر والده علي أي أثر له وفي مشرحة زينهم وجدت جثة قريبة الشبه بـ»حمدي‮« ‬سألوه‮: ‬هل هناك علامات مميزة علي جسده‮.. ‬فقال‮: ‬نعم علي ذراعه اليسري رسم لعروسه وعلي ساعده الأيسر اسم أخته شيماء وتطابقت العلامات المميزة

للجثة مع ذات الملامح التي حددها‮ »‬حمدي‮« ‬وأجرت مصلحة الطب الشرعي تحليل‮ »‬DNA‮« ‬للأب والجثة فجاءت النتيجة انها مطابقة وبالفعل تم تسليمه الجثة فأخذها ودفنها وأقام عزاءاً‮ ‬كبيراً‮.. ‬وبعد أيام طرق باب‮ »‬حمدي‮« ‬أحد أقاربه ليخبره ان ابنه‮ »‬عماد‮« ‬حي‮ ‬يرزق وانه محتجز بنقطة شرطة الخانكة علي ذمة احدي القضايا‮.‬

وتتوالي المفاجآت ويكشف مسئولو الطب الشرعي ان بصمات الجثة التي أخذها‮ »‬حمدي‮« ‬ودفنها علي انها ابنه هي لشخص‮ ‬يدعي محمود محسن الشرقاوي‮.. ‬الي هذه الدرجة بلغ‮ ‬التخبط تحليل البصمات‮ ‬يقول شيئاً‮ ‬وتحليل‮ ‬DNA‮ ‬يقول شيئاً‮ ‬آخر والمفاجأة أن‮ ‬يكون تحليل البصمات اكثر صدقاً‮ ‬ودقة مع ان المفروض هو العكس‮.‬

‮* ‬الحالة الثانية‮: ‬بطلها الشهيد مدحت محمد العربي،‮ ‬مدحت اختفي من منزله‮ ‬يوم‮ »‬28‮ ‬يناير‮« ‬وبعد ان داخ أهله في البحث عنه وجدوه في‮ »‬29‮ ‬مارس‮« ‬بمشرحة زينهم‮.. ‬ويروي اسماعيل شقيق مدحت الحكاية فيقول علمنا ان أخي أصيب في المظاهرات‮ ‬يوم‮ »‬28‮ ‬يناير‮« ‬ودخل مستشفي الساحل حيث كان‮ ‬يعاني من‮ ‬غيبوبة تامة وظل في العناية المركزة لمدة‮ ‬يومين وبعدها توفي وظل بمشرحة المستشفي حتي‮ ‬يوم‮ »‬24‮ ‬فبراير‮« ‬ثم نقلوه لمشرحة الهلال الأحمر ومشرحة قصر العيني ثم مشرحة زينهم وأخيراً‮ ‬عثرنا عليه في‮ ‬مشرحة زينهم‮ ‬يوم‮ »‬29مارس‮« ‬وبمجرد أن رأيته عرفته من ملامحه وتعرفت عليه أبي وأمي سألونا هل كانت له علامة مميزة في جسده فقلنا نعم كان له كيس دهني خلف أذنه اليسري وبالفعل وجدنا الكيس‮.. ‬وعندها طلبنا تسلم الجثة فقالوا لا‮ ‬يمكن تسليم الجثة الا بعد اجراء تحليل‮ »‬DNA‮« ‬فقلت‮ ‬يمكنكم ان تتأكدوا من خلال اوراقه الشخصية التي كانت معه وفوجئت بهم‮ ‬يؤكدون انه جاء من مشرحة الساحل بلا ملابس،‮ ‬ذهبت لمستشفي الساحل فقيل لي ان ملابسه تم سرقتها وعندها لم اجد امامي سوي اجراء التحليل‮.. ‬فأخذت أمي وأبي وتوجهنا للمشرحة مرة أخري لاجراء التحليل وبعدها قالوا النتيجة ستظهر بعد‮ »‬15‮« ‬يوماً‮ ‬ولكن بعد‮ »‬5‮« ‬أيام قالوا لي ان نتيجة الحليل أثبتت ان صاحب الجثة ليس أخي وعندها جن جنوني فشكل أخي واضح تماماً‮ ‬ولا‮ ‬يحتاج الي تحليل فطلبت اجراء تحليل ثان وجاءت النتيجة لتقول ان صاحب الجثة ليس أخي وبعد ان اطلعت علي أوراق التحليل اكتشفت الكارثة‮.. ‬اكتشفت انهم اخذوا عينة من صاحب الجثة رقم‮ »‬774‮« ‬في حين ان جثة أخي تحمل رقم‮ »‬744‮« ‬كدت أصاب بانهيار عصبي وتوجهت للدكتور السباعي رئيس مصلحة الطب الشرعي فحاول اقناعي بأن ما حدث هو مجرد خطأ كتابي وفي النهاية قال لي سأسمح لك بأن تأخذ الجثة وتدفنها ولكن سأعطيك تصريح دفن جثة مجهولة فوافقت حتي أتمكن من أخذ جثة أخي‮.. ‬وهكذا تعاملوا مع أسر الشهداء‮.‬