عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مخطط أمريكي ـ إسرائيلي لتحريض قبائل البجا بمثلث حلايب وشلاتين للانفصال عن مصر

صحيح أن تفاصيل فساد نظام مبارك مدهشة الي حد الصدمة، وصحيح أن ما ظهر حتي الآن لا يعدو سوي قشور لما خفي من عظيم أمور هذا العهد الذي سيسجله تاريخ هذه الأمة العظيمة في مزبلته، هذه الأمور مهما عظمت فداحتها من الممكن اصلاحها الا أمراً واحداً خسارته جسيمة وهو أمن مصر القومي، هذا الأمن الذي أدرك حدوده كل من حكم مصر منذ عهود الفراعنة وحتي خلال عصور المتمصرين من حكام مصر، اسألوا التاريخ عن رمسيس الثاني واسألوا محمد علي وأبناءه لتعرفوا كيف تمسك هؤلاء بحدود الأمن القومي جنوباً عند منابع النيل، وشرقاً حتي مواطن الحيثيين، لقد كانت تلك الحدود بمثابة خط أحمر يمثل الحياة أو الموت. ولكن يبدو أن هذه الحدود لم تكن تعني الكثير لنظام حكم مبارك فقد سمح هذا النظام الذي تخلي بترفع غير مبرر عن حصاد عقود من العمل الدبلوماسي المضني لمد النفوذ المصري في القارة السوداء، فسمح لمخططات، معادية بأن تحطم هذا النفوذ لاضعاف مصر، وسمح بتقسيم السودان بتخاذل لا مثيل له، وسمح بترك سيناء جرداء دون تنمية، واستخسرها في شباب مصر، فعادت محرمة علي المصريين مباحة للصوص عهده وأعداء الأمس، اكتب تلك السطور وأمامي تقارير تتحدث عن النفوذ الإسرائيلي في القارة الإفريقية لاسيما في دول حوض النيل، ومنها تلك التي تتحدث عن الدور الخفي لإسرائيل لفرض نفوذها ومن ثم التحكم في مياه النيل، في إطار التعاون مع الغرب الطامع في مقدرات القارة ونفط السودان، وكلها خطوط تشير الي هدف أساسي وهو ضرب أمن مصر الجنوبي، ولعل متوالية تقسيم السودان والتي بدأت بالجنوب وتتسارع حالياً لتقسيمها الي أربع دويلات والتي تمت بعلم وأحياناً بإشراف نظام مبارك في ظل حكومة سودانية ضعيفة برئاسة شخص أتي به نظام مبارك.

أذكر هنا ما قاله لي الجنرال سكوت جريش مباشرة قبل الاستفتاء علي فصل جنوب السودان عندما سألته عن متوالية تقسيم السودان الي دول متعددة لاسيما في الشركة حيث تقطن قبائل البجا أجاب بطبيعته العسكرية. وبشكل مباشر عن ضرورة التأكد من قيام حكومة الخرطوم بالدخول في حوار مع السودانيين في هذه المناطق حول كيفية اقتسام السلطة والثروة. وإذا وضعنا كلمات هذا المسئول الي جانب تقارير أخري تتحدث عن محاولات شركة هولندية للبحث عن ثروة نفطية ممتازة في مياه البحر الأحمر الحدودية بين حلايب المصرية وجنوبها الذي تقطنه قبائل البجا التي بدأت بتشجيع غربي في إعلان تمردها وحين نجد اهتماماً متزايداً لدي شركات أمريكية وكندية بالبحث عن الثروة النفطية في مياه مثلث حلايب »المصري« نستطيع بسهولة ان نستشعر الخطر الذي يتهدد هذه المنطقة لاسيما ونحن نري تشجيعاً أجنبياً لقبائل البجا والتي يستوطن بعض أبنائها مثلث حلايب وشلاتين وهو المثلث الذي مازالت حكومة البشير حتي أسابيع قليلة مضت تتلاعب بهذا الملف، فالبشير الذي يعلم جيداً أن التقسيم قائم لا محالة وأن وعود الغرب له بإنقاذ رأسه من المحكمة الدولية ورفع اسم السودان من علي قوائم الإرهاب لن تنفذ إلا بمزيد من التقسيم بدءاً بأبيي ومروراً بدارفور ووصولاً للشرق الشمالي السوداني هذا البشير يبدو مستغلاً طول بال المصريين ثم ثورتهم، فيصمم علي مزاعم امتلاك السودان لمثلث حلايب بينما يعري جسد السودان للغرب ليستقطع منه ما يريد، ويفتت السودان بوتيرة متسارعة وليست صدفة أن يأتي ذلك بالتزامن مع قيام بوروندي بالتوقيع علي اتفاقية لتقسيم مياه النيل شريان الحياة لمصر، لتفقد بذلك مصر حقوقها التاريخية في مياه النيل بإيعاز إسرائيلي في الوقت الذي تضغط فيه تل أبيب بوقاحة معتادة لتعيد مصر تصدير الغاز لها بثمن بخس. ولن أخوض كثيراً في هذه الاتفاقية التي سمح بها نظام مبارك وأذكر كيف حذرت في مقال بتاريخ »30 يونيو 2001« من مغبة الذهاب لاجتماع في جنيف لاستدراج مصر الي هذه الاتفاقية التي تجب الاتفاقية التاريخية والتي كانت تحفظ لمصر حقوقها في مياه النيل، وكيف خططت إسرائيل عبر البنك الدولي وعبر دراسات عكف عليها كل من آريل دينار وياكوف

تسور لتسعير مياه نهر النيل، وساعتها رد علي باستهانة الوزير السابق محمود أبوزيد والذي لا أعفيه أبداً من المسئولية وقال بالفم المليان »مصر أكبر من أي ضغوط« وذهب لمؤتمر جنيف الذي عقد برعاية البنك الدولي في الفترة ما بين »26« و»28« يونيو عام 2001.

إنني أناشد الحكومة الجديدة بالاسراع في وضع النقاط علي الحروف بداية من حسم موضوع مثلث حلايب الذي تقترب مساحته من »21« ألف كيلو متر مربع« ويضم العديد من الثروات والمحميات الطبيعية اضافة للمتوقع من ثروات مياهه النفطية وهو أمر يستحق منا التحرك وعلي أعلي المستويات لتفعيله اقتصادياً واجتماعياً وهو تفعيل ينبغي أن يشمل اسراع وزارة البترول بالبدء في عمليات استكشاف ودراسة الجدوي الاقتصادية للاستثمار النفطي والمعدني في مياه وأرض حلايب، وان يعهد لوزارة السياحة بالترجيح لخلق نشاط سياحي في محميات جبل علبة وغيره من مناطق المثلث، في الوقت الذي اقترح ان تبادر الحكومة المصرية الجديدة في اجراء مسح سكاني وجغرافي حدد فيه هوية سكان هذه المنطقة وذلك لقطع الطريق علي أي محاولات من أطراف سودانية تنتمي قبلياً الي مصري في حلايب لتحريك حقوق مزعومة في حلايب المصرية.

اعلم ان التواجد العسكري المصري وإحكام السيطرة موجود ومع تقديري لخطوات مصرية في هذا الإطار قد تمت مؤخراً فإن القيام بالمزيد من خطوات فرض السيادة ولو بالقوة يبقي ضرورة حتمية لا غني عنها، ولكن الأهم هنا والخطر اصبح  داهماً هو ان تفكر الحكومة المصرية الجديدة وبسرعة في تفعيل تحرك سريع لتأمين عمقنا الاستراتيجي جنوباً وشرقاً، واقتح هنا انشاء مجلس أمن قومي يضم خيرة شرفاء وخبراء هذا الوطن فمصر لم تعدم هؤلاء، لتوكل اليهم مهام التخطيط الاستراتيجي لحماية أمننا الاستراتيجي بكافة الطرق الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية جنوباً في أفريقيا اسألوا حراس هذا العمق من امثال محمد فايق، أو شرقاً عبر جيشنا العظيم الذي يحترمه ابناء سيناء، فالخطر ماثل هناك لا سيما وان الجعبة الاسرائيلية بدأت تطنطن مرة أخري بمقترحات قديمة لجس النبض ومنها التوصل لاتفاق لمنح الفلسطينيين أراضي في شمال سيناء بعمق ستين كيلو بالتزامن مع تبادل أراضي بالأردن والسعودية، وهو اقتراح ليس بجديد فلقد سبق أن أعادت إسرائيل طرحه قبل اكثر من عام بعد تغليفه بوعود ومشروعات ببناء مطارات وميناء وفتح طريق يربط مصر والأردن »بالخليج«. ومن المخطط الذي يمهد لاقامة دولة فلسطينية في سيناء واقترحه الجنرال الإسرائيلي جيولا ايلاند قبل ثلاثة أعوام وروج له في واشنطن باعتباره الحل الوحيد لانهاء الصراع في الشرق الأوسط، علي أية حال فإن العامل البشري وتنمية سيناء ومنح شباب مصر الواعد الفرصة لتعميرها سيكون هو الحل الرادع لمطامع اسرائيل الطامحة في تطويقنا.