رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العنف والتزوير يهددان الانتخابات

 

تشهد البلاد بعد غد »الأحد« المرحلة الأولي من التصويت لتاسع انتخابات لمجلس الشعب منذ بدء التعددية الحزبية المقيدة في 29 مارس 1976، وتكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة تتجاوز كل ما سبقها من انتخابات.

فهي تأتي قبل انتخابات رئاسة الجمهورية بعشرة أشهر، والتي تحظي باحترام مضاعف نتيجة لما يملكه رئيس الجمهورية من سلطات مطلقة في النظام الدستوري والسياسي المصري، وللغموض حول شخص مرشح الحزب الحاكم للرئاسة، فهل يسعي الرئيس مبارك لولاية سادسة، أم أن العمر »82 عاماً« والحالة الصحية والذهنية ستلزمه الاكتفاء بـ30 عاماً متصلة حاكماً مطلقاً لمصر، وبالتالي يفتح الباب أمام الوريث سواء كان الابن جمال مبارك أو مرشح المؤسسة العسكرية عمر سليمان أو غيره؟

وتجري هذه الانتخابات في ظل تنافس حاد بين أحزاب وقوي سياسية تتحرك كلها في مناخ سياسي ضاغط من أجل »التغيير« وبروز حركات وجماعات احتجاج سياسي أو اجتماعي.

وتحظي الانتخابات بمتابعة إعلامية غير مسبوقة في ظل وجود الصحف الخاصة والقنوات الفضائية المصرية الخاصة والعربية والعالمية، والتي تحتل مساحة واسعة من اهتمام الرأي العام المصري.

ويتجاوز عدد المرشحين كل الأرقام القياسية التي تحققت في الانتخابات السابقة، فقد تقدم للترشح لمديريات الأمن 5725 مرشحاً ومرشحة علي 444 مقعداً في 222 دائرة عامة و64 مقعداً مخصصة لكوتة المرأة في 32 دائرة، يخوض منهم الانتخابات ـ بعد الطعون والأحكام القضائية ـ 5181 مرشحاً ومرشحة منهم 4801 في الدوائر العادية و380 مرشحة في الدوائر المخصصة للمرأة »الكوتة«.

ومن بين هؤلاء 1213 مرشحاً ومرشحة للأحزاب والقوي السياسية الرئيسية، 770 للحزب الوطني بنسبة 151.5٪ من المطلوب انتخابهم (508 نواب) و210 للوفد بنسبة 41.33٪ و77 للتجمع بنسبة 15.15٪ و44 للناصري بنسبة 8.66٪ و130 لجماعة الإخوان المسلمين يخوضون الانتخابات كمستقلين لعدم الاعتراف القانوني بالجماعة بنسبة 25.59٪ ويخوض 3950 مرشحاً الانتخابات كمستقلين أو منتمين إلي أحزاب أخري، والحزب الوحيد الذي قاطع الانتخابات هو حزب الجبهة الديمقراطية.

وتشير تطورات المعركة الانتخابية وأحداثها خلال الأسابيع والأيام الماضية إلي ظاهرتين لابد أن تثير قلق كل الحريصين علي هذا الوطن، هما خطر العنف وخطر تزوير الانتخابات.

> فنقلت قناة الجزيرة في منتصف الأسبوع الماضي، عن خبراء وسياسيين مصريين خشيتهم من دموية الانتخابات البرلمانية المرتقبة علي خلفية استخدام القوة المفرطة من جانب الشرطة في منع المسيرات الانتخابية وفض المؤتمرات واعتقال أنصار بعض المرشحين، وقالت »فريدة النقاش«، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع، إن بعض مرشحي التجمع تعرضوا لمنع مسيراتهم، مؤكدة أن ممارسات الأمن تنذر بخطر محدود وتؤشر علي أن الانتخابات لن تكون سليمة ولا ديمقراطية وسيكون لها ضحايا، وأضافت: »دورة العنف بدأت مبكراً.. والمصريون يواجهون أياماً عصيبة في انتظار يوم الاقتراع«.

وبدأ العنف بين مرشحي الحزب الوطني المتنافسين مع بعضهم البعض! فمع بداية الدعاية الانتخابية رسمياً يوم 14 نوفمبر تبادل أنصار مرشحي الحزب الوطني بدائرة الشهداء بالمنوفية إطلاق النار وفي قنا لقي شخص مصرعه في تبادل إطلاق النار بين مرشحين من الحزب الوطني علي مقعد العمال بالدائرة حضرا مع أنصارهما للتهنئة في أحد الأفراح.

لكن العنف الأساسي دار بين الأمن وجماعة الإخوان المسلمين، ففي القاهرة اشتبك الأمن مع مسيرة لمرشح الإخوان في دائرة المطرية، وفي الإسكندرية اشتبكت قوات الأمن في أماكن متفرقة مع مسيرات جماعة الإخوان المسلمين يوم الجمعة الماضي، سقط خلالها 33 جريحاً، وفي محافظة الشرقية أصيب 10 أشخاص في صدام بين الأمن وأنصار جماعة الإخوان، وسقط نحو 20 جريحاً بينهم أفراد من الشرطة عندما لجأت الشرطة إلي تفريق مسيرة لمرشح الجماعة في دائرة طلخا بالدقهلية، وتكررت المصادمات في مدينة المحلة وأطلقت الشرطة الأعيرة النارية والقنابل المسيلة للدموع، وطوقت مسيرة من نحو 7 آلاف شخص مؤيدة لمرشح الإخوان النائب الحالي سعد الحسيني، عضو مكتب الإرشاد، مستخدمة جنوداً حضروا من 15 حافلة تابعة للأمن المركزي و10 عربات مدرعة وسيارات الإطفاء، وأصيب عدد كبير من المواطنين ومنعت الشرطة في حلوان مسيرة بالسيارات مؤيدة لمرشح الإخوان علي مقعد العمال، وتعرض سعد الكتاتني، رئيس الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين في مجلس الشعب الحالي، لمحاولة اعتداء من مجموعة من »البلطجية« المزودين بالأسلحة البيضاء أثناء عودته بالسيارة من القاهرة إلي المنيا ونجحوا في تحطيم زجاج السيارة والإضرار بعجلاتها وإصابة سائقها بجروح، ومنعت قوات الأمن في المنصورة مسيرة بالسيارات لمرشح الجماعة ومحاصرتها وسحبت الرخص من السائقين.

وجاءت هذه الصراعات جميعاً تنفيذاً لسياسات وزارة الداخلية التي أعلنها أخيراً حبيب العادلي، وزير الداخلية، محذراً أن أجهزة الشرطة ستتصدي بكل حسم وحزم لأي محاولة للخروج علي الشرعية أو تجاوز ضوابط الدعاية الانتخابية من أي فئة تحاول النيل من مقومات الاستقرار خلال هذه الفترة.. والدعاية الانتخابية ليست من آلياتها المظاهرات التي قد تتطور إلي أعمال شغب خاصة أن تلك المظاهرات تستهدف افتعال مواجهات مفضوحة يقصد بها تنفيذ أجندات تتعارض مع المصالح العليا للدولة، وأضاف اللواء فؤاد علام، نائب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق، أن الإخوان سوف يلجأون إلي استخدام الأسلحة والمتفجرات لإشعال الشارع وتشويه صورة الانتخابات البرلمانية في مصر أمام جميع دول العالم.

ويبدو أن مسئولي الأمن في مصر لا يعلمون أن حق التجمع والتظاهر والمسيرات السلمية من حقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليها في المواثيق والبروتوكولات والاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر وصدقت عليها، وأصبحت جزءاً من النظام القانوني الداخلي، ونص عليها الدستور المصري، وقد وصف حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، منع المسيرات والجولات الانتخابية بأنه انتهاك صارخ للدستور

والقانون والشرائع الدولية، فأشار إلي النص القانوني الذي يقول: »وفي كل الأحوال لا يجوز منع المواكب ولا الحملات أثناء العملية الانتخابية«.

وارتبط بعنف السلطة حملات الاعتقال التي طالت 1206 من قيادات ونواب وأعضاء وأنصار جماعة الإخوان المسلمين في 22 محافظة ومازال 400 منهم محتجزين لدي الشرطة، ووجهت النيابة العامة الاتهام لـ113 منهم، وضمت قائمة الاتهامات القيام بأعمال الشغب والتخريب ومقاومة السلطات والانضمام لجماعة محظورة والترويج لأفكار تلك الجماعة ما يهدد الأمن والسلم العامين.

> المظاهرة الثانية هي انتقاد الحرية والنزاهة والتزوير المبكر للانتخابات، ويخوض هذه الانتخابات ثمانية وزراء هم: د. مفيد شهاب، وزير الشئون القانونية والبرلمانية، واللواء عبدالسلام المحجوب، وزير التنمية الإدارية، ود. نصر علام، وزير الري، ود. علي المصيلحي، وزير التضامن، ود. سيد مشعل، وزير الإنتاج الحربي، والمهندس سامح فهمي، وزير البترول، ود. يوسف بطرس غالي، وزير المالية وفايزة أبوالنجا، وزيرة التعاون الدولي، واستغل الوزراء إمكانات وزاراتهم وموظفيها من حملاتهم الانتخابية وخالفوا بقوة الضوابط والقرارات التي أصدرتها اللجنة العليا للانتخابات.

وجري الخلط بين الحزب الوطني وأجهزة الدولة، فاستغل الحزب المنشآت المملوكة للدولة في اجتماعات المجمعات الانتخابية، واستولي الحزب علي حديقة مجمع المجالس القومية المتخصصة المواجهة لمقر الحزب الرئيسي في نصب خيمة كبيرة تستخدم كغرفة عمليات للحزب، وقام المحافظون بالاجتماع بمرشحي الحزب الوطني وأعلنوا مساندتهم لمرشحي الحزب، وتم مد العمل بلجان تلقي طلبات الترشح لمدة ساعتين في اليوم الأخير لتلقي طلبات ترشيح الحزب الوطني.

وتمت مصادرة الحقوق المدنية والسياسية لـ400 مرشح حصلوا علي الأحكام القضائية من محاكم القضاء الإداري، ورفضت وزارة الداخلية تنفيذها وتراجعت اللجنة العليا للانتخابات عن قرارها بتنفيذ كل الأحكام القضائية، فعلقت التنفيذ علي عدم وجود مانع قانوني من التنفيذ، قاصدة بذلك استشكال وزارة الداخلية في التنفيذ، رغم علم اللجنة أن مجلس الدولة لا يعرف الاستشكال في أحكامه، وأن الاستشكال أمام القضاء العادي باطل وسيحكم برفضه بعد فوات الأوان.

ورغم منح اللجنة العليا للانتخابات 76 منظمة مدنية مصرية تصريحاً بمراقبة انتخابات مجلس الشعب، أعلنت اللجنة أن المراقبين الحاصلين علي تصريح منها لن يتمكنوا من دخول لجان الاقتراع إلا بإذن من السلطات، كما حظرت علي المراقب توجيه أي أسئلة أو استفسارات لرئيس اللجنة الفرعية للتصويت.

ورفضت سلطات الحكم وجود رقابة دولية من منظمات الأمم المتحدة ومنظمات الرقابة الدولية التي تراقب الانتخابات في كل بلاد العالم الديمقراطية، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، أو في جنوب أفريقيا والمغرب وفلسطين والتي شارك فيها مراقبون من المجتمع المدني المصري.

وستجري الانتخابات يوم الأحد المقبل، في ظل هيمنة وزارة الداخلية عليها بعد إلغاء الإشراف القضائي لوجود قاض علي كل صندوق بتعديل الدستور عام 2007 واستمرار جداول القيد الانتخابي الفاسدة والتي تضم أسماء الموتي والغائبين والمجندين ورفض إنشاء جداول جديدة مطابقة للسجل المدني والرقم القومي، ورئاسة موظفي الحكومة للجان الفرعية التي يتم فيها التصويت، واستمرار إعلان حالة الطوارئ، ومقاطعة المواطنين للانتخابات في ظل فقدان الثقة في نزاهة وحرية الانتخابات، بعد تزوير كل فئة الانتخابات النيابية والرئاسية والمحلية منذ عام 1976 وحتي انتخابات الشوري هذا العام بنسب ودرجات مختلفة، والإنفاق المالي من بعض مرشحي الحزب الوطني والمستقلين الذي وصل إلي عشرات الملايين في عدد من الدوائر، واستعداد مرشحي الوطني والأثرياء الجدد ليوم الانتخابات بجيوش البلطجية واعتمادهم للعنف إلي جانب المال.

وهنا يعود خطر انفجار العنف أثناء الانتخابات وبعد إعلان النتائج ليطل من جديد، خاصة في ظل الاحتقان السياسي والاجتماعي، وإصرار الأحزاب والقوي السياسية علي حصار التزوير وهزيمته، ويتحمل الحكم.. رئيساً وحكومة المسئولية كاملة عن النتائج المأساوية لهذا العنف المتوقع.