رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تصلب الموقف الإثيوبي في مواجهة مصر

تعرف إثيوبيا جيداً العناصر والمعطيات الحالية التي تتيحها أوضاع مصر بما يمكن لإثيوبيا استثماره في بنائها علي موقفها المتصلب في ثلاثة اجتماعات تفاوضية بينها وبين مصر والسودان، فمن أول لقاء لهذه المحادثات وحتي اللقاء الثالث الأخير انتهت اللقاءات إلي فشل أصبح من ثوابت هذه اللقاءات!، وربما يبعث عند من يتابعه علي اليأس من عقد هذه اللقاءات التي من الواضح أنها سوف تظل تكرر خاتمتها الفاشلة المرة بعد المرة!

وبما يقوي موقف إثيوبيا بالاضافة إلي أوضاع مصر موقف السودان الذي آثر مصالحه الخاصة والوعود التي بذلتها له حكومة إثيوبيا بنصيب من بعض الكهرباء إذا ما ناصر السودان إصرار إثيوبيا علي مواصلة بناء سدودها بما سوف يضر حتماً بحقوق مصر التاريخية في نصيبها من مياه النيل! وقد جاءت تصريحات أدلي بها وزير الري عن مشاركته في اللقاء الثلاثي مؤخراً فكانت التصريحات مبشرة! وأن هناك اتفاقا وشيكاً مع إثيوبيا، وإذا بالذين تابعوا هذا الخبر تصدمهم الأنباء التي ذكرت صراحة أن المحادثات قد فشلت! ما جعلني لا أفهم أسباب إشاعة الوزير لتفاؤل لا محل له! وهو الوحيد الذي يمكن أن يكون رأيه وتعليقه علي المحادثات هو الخبر الأكيد والمعتمد! وما عداه مجرد اجتهادات من هنا وهناك.
فالنقاط الأساسية محل الخلاف لم يتم الاتفاق بشأنها بين مصر والسودان وإثيوبيا، وقد حاول وزير الري المصري اقناع الجانب الإثيوبي بالتنازل عن الشروط الخاصة بفريق الخبراء الدوليين، وهي الشروط التي تحول دون تحقق الهدف الأساسي لعمل هذا الفريق، وتحقيق المصلحة العامة، وتمكين اللجنة الدولية من حل أية خلافات قد تطرأ خلال فترة عملها، كما رفضت إثيوبيا اتساقاً مع موقفها المتصلب مناقشة ورقة بناء الثقة التي قدمتها مصر، ورفضت كذلك مناقشة تنفيذ توصيات لجنة الخبراء المعنية بآثار سد النهضة علي دول المصب، وكان شهر ديسمبر الماضي قد شهد فشلاً في حسم الخلاف حول تشكيل فريق الخبراء الدوليين الذي اقترحته مصر للعمل إلي جانب عمل اللجنة الثلاثية السودانية المصرية، وذلك لمتابعة الدراسات وتقديم الرأي الفني المحايد، وكذلك الخلاف حول ورقة المبادئ المصرية التي تستهدف تسهيل عمل اللجنة الثلاثية.
وإذاً.. فمصر أمام موقف متشدد تراه إثيوبيا الموقف الوحيد الذي يحقق مصالحها! ومصر قد ذهبت إلي هذه المحادثات وهي لا تحمل في جعبتها ما يمكن تسميته بأوراق ضغط تلوح بها في وجه إثيوبيا!، وحتي السودان

الذي كان يمكن أن يقوي موقف مصر آثر أن ينحاز إلي جانب إثيوبيا!، وتفضل إثيوبيا المضي في عمليات بناء السد حتي لا يضيع الوقت في مفاوضات هي أول من يعلم بأنها لن تؤدي إلي نتيجة! وإثيوبيا مشغولة الآن بتدبير ما تحتاجه من الأموال لاستكمال بناء السد بسرعة، وحتي تخلق هذا الأمر الواقع «الذي يحمل مخاطر جسيمة لمصر مائياً طبقاً لتحذيرات خبراء المياه والزراعة المصريين!»، وإذا كان موقف إثيوبيا لا يتزحزح فيما قررته وماضية فيه، فإن من الصعب انتظار بروز طرف جديد يجعل النزاع المصري الإثيوبي أقل حدة، فإسرائيل لها أهدافها مما تقوم به إثيوبيا، وبعض الجيران الأفارقة يجدون إثيوبيا الأقرب لهم، والتي من الممكن أن تقدم لهم بعض العون من الطاقة، وأمريكا لا يشغلها الموضوع أصلا! إذ هي تفضل ألا تعلق علي هذا النزاع وآثاره المرتقبة، في حين تدس أنفها في الشئون الداخلية المصرية، أما زميلي الكاتب عباس الطرابيلي -وهو علي دراية كبيرة بكل ما يتصل بالنيل - فقد رأي أن مصر إذا كانت لا تهمل المفاوضات بينها وبين إثيوبيا، فإن عليها أن تحرص علي التوصل إلي سياسة مائية داخلية تدبر بها حاجياتها الأساسية من المياه سواء في استخدامات المواطنين وضرورة ترشيد سلوكياتهم في الانتفاع بالمياه، وأن تتعدل سياساتنا الزراعية التي تحد من زراعة الخضراوات والفواكه والأرز مما يحتاج إلي مياه كثيرة، والاتجاه إلي الحد من الاستهلاك للمياه بما يهدر الكثير منها دون مقتضي، وهذا الذي طرحه زميلي هو المعقول الوحيد أمام مصر لتجاوز هذه الأزمة.