رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صلاح حسن يكتب : بعد تعطيل لبنان: تونس نافذة على الحداثة

بوابة الوفد الإلكترونية

يستطيع المواطن العربي أن يفهم ما يحدث في العراق في ظل الاحتراب الطائفي الذي يؤججه القادة الطائفيون وتغذيه قوى الشر والظلام من وراء الحدود.

كما يستطيع ان يفهم ما يحدث في لبنان جراء الحروب الداخلية والخارجية والاحتقان السياسي والمذهبي الذي تغذيه دول لا تريد أن ترى لبنان حراً موحداً. وأن يفهم ما يحدث في باقي المناطق العربية المأزومة. لكنه بالتأكيد لن يفهم ما يحدث في تونس. فتونس تشذ عن القاعدة، وهي تكاد أن تكون البلد العربي الوحيد الذي تمتع باستقرار دائم منذ ما يزيد على ربع قرن، وهذا ما لم يحدث في أي بلد عربي على الإطلاق. ينبغي علينا ان نبحث عن السبب الذي جعل تونس بلداً مستقراً. انه ببساطة شديدة ان تونس بلد يستجيب لشروط الحياة الحديثة ويواكب تطوراتها المتسارعة في قيم الديموقراطية وحقوق المرأة والمجتمع المدني. ولم يكن كل ذلك من فراغ، ففي تونس مجتمع مدني متحضر ناضل لسنوات طويلة من أجل الحرية والقيم الديموقراطية، وطبقة وسطى واعية تحمي هذا المجتمع وتمده بالطاقات الخلاقة على المستويات كافة، إضافة إلى طبيعة المجتمع المتسم بالوئام الاجتماعي والطيبة وحب الحياة.
ولو عقدنا مقارنة بين تونس الدولة والمجتمع وبين بعض الدول العربية ومجتمعاتها (باستثناء لبنان الذي ما زال يقدم الشهداء من اجل الحرية) لكان الفارق شاسعاً. اذ تعج دول المنطقة بالديكتاتوريات القبيحة والحروب الأهلية وتمتلئ سجونها بالأبرياء وتسود شعوبها ثقافة العنف والطائفية جراء السياسات القذرة

التي تنتهجها حكومات حولت شعوبها إلى قطعان تفتقر إلى مقومات كل حرية وديمقراطية.
وتونس الآن تسير بخطى ثابتة نحو المستقبل بعد أن عُطلت قدرة لبنان على أداء دوره الحضاري في المنطقة ولم يعد هناك أي أمل يرجى بانفراج قريب. فالحروب الأهلية العربية تكاد تكون شاملة، بدءاً بالعراق ومروراً بلبنان إلى فلسطين والسودان والصومال. ناهيك عن التمردات التي تحصل في باقي الدول هنا أو هناك مشعلة المزيد من حرائق الفتن الطائفية والعرقية.
إن تونس نافذة حقيقية وكبيرة للحداثة وينبغي لهذه النافذة أن تبقى مفتوحة على العالم ومتغيراته لأنها الطريق الوحيدة لترسيخ قيم المحبة والخير والسلم المدني وحقوق المواطنة. نريد لتونس ان تبقى مستقرة لأن استقرارها يساهم في استقرار المنطقة العربية المقبلة على كارثة شاملة. ولا نريد لها أن تتحول إلى جزائر أخرى أو عراق آخر أو لبنان ثانٍ. فالتجربة التونسية جديرة بالرعاية والحب بحيث لا يتحول شعبها إلى ضحية للعنف الهمجي.

نقلا عن صحيفة الحياة