رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د . ناجي صادق شراب يكتب:واشنطن والسلام

بوابة الوفد الإلكترونية

تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية الأولى في فشل المفاوضات الفلسطينية و"الإسرائيلية" لسبب بسيط أنها تحتكر رعاية هذه العملية وتحول دون أي دور لأي دولة أو إلى الأمم المتحدة، على اعتبار أن الأخيرة هي من أنشأت "إسرائيل" ومنحتها الشرعية السياسية الدولية . والسبب الثاني أن هذا الدور ارتبط ومنذ بداياته التي تعود إلى نشأة القضية الفلسطينية بتبني الرؤية "الإسرائيلية" التي تقوم على اعتبارات الأمن والبقاء ل "إسرائيل"، على حساب العدالة الدولية وحق الشعب الفلسطيني .

ولا يمكن تصور المفاوضات من دون تحقيق هذا الهدف الذي بدوره سيحقق ل "إسرائيل" ما تريده من أمن . هذا الموقف الأمريكي المعيق لعملية السلام، وتعثر المفاوضات يعود تاريخياً إلى عهد الرئيس الأمريكي روزفلت الذي أخذ عهداً على نفسه بأن لا يتخذ أي قرار بشأن القضية الفلسطينية من دون مشاورة العرب . وهو الأمر الذي لم يتحقق، وقام من بعده الرئيس ترومان بتبني سياسة الأمر الواقع، وسياسة القوة والمصالح الاستراتيجية، ليعلن تحييد موقفي وزارتي الدفاع والخارجية اللتين كانتا حينها تميلان إلى أخذ المصالح الأمريكية في المنطقة في الحسبان، وخصوصاً المصالح النفطية . واستمرت هذه السياسة مع كل الإدارات الأمريكية وصولاً إلى إدارة الرئيس أوباما .
ومنذ إدارة الرئيس ترومان و"إسرائيل" أحد أهم ثوابت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، فقد تغير السياسة الأمريكية من أولوياتها، لكن تبقى "إسرائيل" الثابت الوحيد، وليس القضية الفلسطينية . ومنذ ذلك الوقت والقضية الفلسطينية تخضع لحسابات السياسة الأمريكية الداخلية، خصوصاً أن النظام السياسي الأمريكي نظام انتخابات، بمعنى أن كل شيء في أمريكا يتم بالانتخابات، بدءاً من الانتخابات الرئاسية مروراً بانتخابات الكونغرس، وانتهاءً بالانتخابات على مستوى الولايات كلها، وهذه الانتخابات يلعب الصوت والمال اليهودي فيها دوراً مهماً، ويلعب اللوبي الصهيوني الدور المؤثر الذي لا يمكن تجاهله من قبل أي مرشح للانتخابات، ناهيك بالبعد العقيدي والديني، ووجود أكثر من ستين مليون مسيحي أصولي يؤمنون بعودة المسيح المرتبطة بعودة اليهود إلى فلسطين . وفي هذا السياق جاء الدور الأمريكي واحتكاره لعملية السلام في الشرق الأوسط، والحيلولة دون أي دور آخر، سواء للأمم المتحدة بهدف تغييب الشرعية الدولية، أو أي دور فعلي للجنة الرباعية . هذه السياسة الأمريكية الثابتة هي التي تفسر لنا في أهم جوانبها

كل المحاولات الفاشلة لإنجاح عملية السلام والوصول إلى حل للقضية الفلسطينية .
وصحيح أن "إسرائيل" تتحمل المسؤولية الكبرى كونها سلطة احتلال، وهي من تحتل الأراضي الفلسطينية وتعمل على تهويدها واستيطانها، وهي التي تحتل القدس، وتأسر أكثر من خمسة آلاف فلسطيني في سجونها، وهي من تقيم حواجز الإذلال، وترفض قيام دولة فلسطينية، لكن هذه السياسة تدعمها الولايات المتحدة بكل الوسائل المالية والسياسية والاقتصادية والعسكرية .
كل محاولات التسوية اصطدمت بالتعنّت "الإسرائيلي" وصولاً إلى المحاولة الحالية التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكية جون كيري وتنتهي مع نهاية هذا الشهر .
هذا الموقف سببه تراجع الرئيس أوباما الذي افتتح ولايته الأولى، بسلم عال من التوقعات والآمال بدور أمريكي فاعل ومؤثر، متعهداً تبني حل الدولتين كما جاء في خطابيه في أنقرة والقاهرة، وبدأ هذا الموقف في تراجع في إطار التراجع العام في السياسة الأمريكية في المنطقة .
هذا هو الموقف الأمريكي يقف وراء فشل المفاوضات، لكن الفشل هذه المرة ستكون له تداعيات على كل الأطراف بما فيها الولايات المتحدة، وقد تدخل المنطقة في خيار الفوضى الكاملة الذي يكون مصحوباً بزيادة وتيرة العنف واحتمالات المواجهة المسلحة، ومن دون موقف أمريكي حاسم في اللحظات الأخيرة قد نذهب لهذا الخيار، فلا يكفي أن تعلن الولايات المتحدة التلويح برفع يدها عن السلام وهذا لن يحدث، ولا يكفي تحميل الطرفين الفلسطيني و"الإسرائيلي" مسؤولية الفشل، بل عليها أن تبادر وتقدم مبادرة توازن فيها بين مطالب "إسرائيل" والعدالة الفلسطينية .
نقلا عن صحيفة الخليج