عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مفتاح شعيب يكتب : جرائم جنوب السودان

مفتاح شعيب
مفتاح شعيب

 

 

بعد أن دخل الصراع الدائر في جنوب السودان شهره الثاني، بات من الواضح أن محاولات إنهائه عبر اتفاق لوقف إطلاق النار غير ممكنة عملياً،

وحتى لو تم توقيع هذا الاتفاق في مفاوضات أديس أبابا، فسيكون عديم الجدوى لأن المعارك الدائرة بعنف تجاوزت الخطوط الحمراء وبلغت نقطة اللاعودة .
ما يجري أسوأ من الحرب، فقد توفرت الأدلة الكافية على أن هناك سياسة تصفيات عرقية بين قبيلتي "الدينكا" و"النوير" تحدث في أغلب المناطق، وهناك فوضى في قيادة الجبهات، خصوصاً من جانب المتمردين، وهناك مئات الآلاف من النازحين والملايين الواقعين تحت طائلة المجاعة . وحين يكون هذا هو ركام نحو أربعين يوماً من القتال، فإن نسيان ذلك وتجاوزه للبحث عن صيغة للتعايش تبدو مهمة شبه مستحيلة . والعامل الأخطر الذي يعقّد الوضع يتعلق بالتدخل الإقليمي في الصراع، ولا يقتصر الأمر على اعتراف أوغندا بأن قواتها تقاتل إلى جانب جيش الرئيس سلفاكير وهي التي عززت انتصاراته في "بور" و"بانتيو"، بل إن هناك تدخلات مقابلة إلى جانب نائب الرئيس السابق وزعيم المتمرين رياك مشار، وستتكفل الأيام وأحداثها الكشف عن ذلك، وربما حين تخفق المفاوضات في تحقيق اتفاق بوقف القتال .
في بداية الأزمة منتصف الشهر الماضي، كانت المنظمات الدولية ومن بينها الأمم المتحدة، تتحدث باستحياء عن الجرائم المروعة والانتهاكات الجسيمة، ولكن في الفترة الأخيرة تخلت التقارير عن ترددها وأكدت أن وضعاً مرعباً بات يسود جنوب السودان، وجاءت إثباتات عن إعدامات بالجملة وعمليات اغتصاب جماعي وتدمير ونهب وحرق، حتى إن مبعوث الأمم المتحدة إيفان سيمونوفيتش لم يجد حرجا في تأكيد أن مدينة "بانتيو" اختفت من الخريطة تقريباً، المصير نفسه قد تكون مناطق أخرى قد واجهته، على الرغم

من أن حصيلة قتلى المعارك مازالت لغزاً، ولا توجد أي جهة يمكن أن تعطي رقماً تقريبياً، فضلاً عن المفقودين وممن قضوا غرقاً في الأنهار أو ماتوا جوعاً في المستنقعات الاستوائية .
لقد حصلت جرائم حرب كثيرة، وهي جرائم من شأنها أن تغذي الصراع وتزيد من حدته . وعلى افتراض أن طرفي النزاع الممثلين في سلفاكير ومشار قد اتفقا على وقف المعارك، فإن نار الأحقاد والضغائن والثارات التي تأججت بين قبيلتيهما "الدينكا" و"النوير" من الصعب أن تنطفئ بسهولة، كما أن القيادات السياسية لن تكون لديها القدرة على ضبط الوضع الميداني وكبح الميليشيات القبلية عن الاستمرار في الأعمال العدائية . وهذه المخاوف تؤكدها مواقف الوسطاء الأفارقة المحبطين من احتمال فشل مساعيهم في تحقيق إنهاء للقتال وحصر الصراع في الجانب السياسي فحسب .
بعض التقارير تشير إلى أن جنوب السودان أصبح قابلاً للانقسام إلى "دولتين" على الأقل، واستفحال الأزمة وخروجها عن السيطرة مقدمة طبيعية لذلك، وإذا لم يحصل التقسيم فعلياً فستكون النتيجة دولة منهدة الأركان تتحكم فيها الفصائل والقبائل ومفتوحة على دورات من الصراعات والحروب الطويلة .

نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط