رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عاطف الغمرى يكتب : الذين يعيشون خارج التاريخ

عاطف الغمرى
عاطف الغمرى

عندما يغلق عقل المشتغل بالسياسة، ويغيب عنه تبصّر ما يجري من حوله، من تجارب ومتغيرات،

ويظل حبيس فكرة تسلطت عليه، وعزلته عن العالم المحيط به، فإن الفشل وربما السقوط يكون في انتظاره، لأن السياسة بطبعها هى عالم متحرك، وليست حالة ثابتة . ومن شأن من يعمل بالسياسة التحلي بالمرونة، والتكيف مع الزمن، والعصر المتغير، ولأن الدول ليست جزراً منعزلة، فالعالم قد تداخل في بعضه .
حدث شيء من هذا مع فصيل الإخوان، حين صمّوا آذانهم عن أي نصيحة تأتي إليهم، حتى من أقرب المقربين منهم من مؤيدين وأنصار، حتى ولو كان منهم أردوغان والغنوشي، في لحظة خوف على ما قد يحدث للإخوان جراء تصرفاتهم .
ومن دون أن نقصر اعتمادنا على التحليل السياسي، فإن ما يتوافر من معلومات، من جهات مختصة بالبحث والدراسة وتقصي الحقائق، يضع أمامنا مؤشراً، يشخّص الحالة الإخوانية، موضوع حديثنا .
نجد ذلك في دراسة لمجلس العلاقات الخارجية، وهو من أهم مراكز البحوث السياسية في الولايات المتحدة، وتقول: "إن الإخوان رفضوا نصيحة تدعوهم للأخذ بمبدأ التعددية السياسية . وهي النصيحة التي قدمها لهم كل من رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا، وراشد الغنوشى رئيس حركة النهضة التونسية (الإخوانية)، بمجرد أن وصلوا إلى السلطة في مصر" .
نصيحة الغنوشي كانت في يونيو/حزيران 2012 . وقال فيها: إن ميدان التحرير (كرمز للثورة) لن يؤيد محمد مرسي، إذا لم يشارك معه التيارات السياسية المدنية، والأحزاب السياسية الأخرى .
كما أن أردوغان كرر في خطب عامة، وفي لقاءات خاصة قوله: إن الإخوان يسيرون في الطريق الخطأ . وإنه دعاهم في 2011 صراحة لتبني مفهوم الديمقراطية في مصر، موضحاً لهم أن العلمانية ليست رافضة للتدين . وقد رد عليه وقتها عصام العريان بأنهم لا يحتاجون أن يتعلموا الديمقراطية من تركيا .
وتقول الدراسة أن الإخوان وأنصار مرسي، قللوا من القدرة على التعبئة الشعبية، من جانب القوى المعارضة، وخاصة من الأزهر، والإعلام، والقضاء، والأقباط .
كما أنهم اعتمدوا على اقتناعهم بأن الغرب سيدعم بقاءهم في الحكم أربع سنوات كاملة، وأخطأوا في تصورهم بضمان ولاء القوات المسلحة لهم .
وهذا كله لم يمنع تأييد أردوغان والغنوشي للإخوان ضد ثورة المصريين في 30 يونيو، للتكاتف مع الفصيل الذى ينتمون له، رغم اعترافهم بفشله .
إن النصائح قد توالت على الإخوان، من القوى والتيارات السياسية في مصر، والتى كانت تطالبهم بأن يكون هناك توافق حول القضايا السياسية، وإدارة الحكم .
والتوافق يعتبر شرطاً أساسياً من شروط الديمقراطية، لأن الديمقراطية تمشي على ساقين (الحكم والمعارضة)، وليس على ساق واحدة، وإلا فقدت التوازن، وتعثرت .
صحيح أن النظام الحاكم هو صاحب القرار، لكن مراعاة واستيعاب وجهات نظر المعارضة، ضرورة حيوية، تدعم الحياة الديمقراطية، وتجنب النظام، التسرع في القرار، والوقوع في الأخطاء . ثم إن الديمقراطية من أركانها الرئيسية، تداول السلطة . وبالتالي فإن المشاركة بين الحكم والمعارضة، هي صمام أمان للدولة، لأن المعارضة جزء من العملية السياسية، التي قد تتناوب

الحكم، ومن ثم تحافظ على ما كان قد تحقق، ولا تسعى لهدمه، وبذلك يتحقق الاستقرار .
إن مشكلة الإخوان لم تكن فقط في إقصاء الآخرين، لكن الأشد خطورة من ذلك، هو سلوكهم الذي اتسم بكونهم لا يمثلون تياراً سياسياً، بقدر ما كانوا يعبرون عن جماعة متعصبة، منفصلة، عن بقية التيارات الأخرى، بما فيها تلك التي تحمل نفس مسمى الإسلام السياسي . فهم قد التزموا بمبدأ قام عليه تنظيم الإخوان منذ بدايته، وهو أحقيتهم وحدهم بالحكم والسلطة، باعتبار أنهم - من وجهة نظرهم - هم الأفضل والأنفع .
ولهذا ضيقوا معنى ومفهوم الدولة، في تفكيرهم، لتحتويه فكرة التنظيم، المغلق عليهم، والذي تدار شؤونه وراء أسوار السرية، ابتعاداً عن أي تجمعات أو تيارات أخرى، يتشككون فيها، خضوعاً منهم لفكرة المؤامرة .
وترتب على هذا ما حدث لهم من غفلة عن أنهم يديرون دولة . وهى ليست أي دولة . بل هي دولة متجذرة في عمق التاريخ، منذ كانت مصر هي أول نظام سياسي تعرفه البشرية قبل آلاف السنين . وأن مصر اكتسبت هويتها من خبرات وتجارب، وعصور تناوبت عليها، لتشكل تلك الهوية المتفردة والراسخة، في وعي وضمير المصريين . وجاء الإخوان من خارج حركة التاريخ تحمل عقولهم تصورا خيالياً وواهماً، بأن في إمكان تنظيمهم السري ابتلاع الدولة والشعب، والتاريخ .
. . وكان لابد لمن يضيق تفكيره إلى هذا الحد، أن يفشل ويسقط، وأن تدور عجلة الزمن التي تتحرك لتطيح بهم إلى خارج التاريخ .
ولقد اتسعت وتعمقت أبعاد خطيئتهم بدفعهم الشأن الداخلي في مصر، إلى يد تنظيم دولي، يضم أشخاصاً من جنسيات مختلفة، لم تكن مصر، ولن تكون، قد مست مشاعرهم، كوطن، فهم بلا أي انتماء لها . ونتيجة هذا الخلط في التفكير والسلوك الإخواني - الإخوان في السلطة - أصبحوا يحكمون بالوكالة، عن خليط من الأجانب، وبالتالي طمست في تفكيرهم معاني الوطنية والعمل لمصلحة الوطن، والشعب، وأمنه القومي .
نقلا عن صحيفة الخليج