رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مفتاح شعيب يكتب : تهديدات عابرة لدارفور

مفتاح شعيب
مفتاح شعيب

إعلان وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود حامد أن بلاده ستحسم التمرد في دارفور قبل نهاية العام الحالي، موقف لا يخرج عن أمرين، فإما أن المتمردين في الإقليم المضطرب منذ عشر سنوات قرروا طواعية إلقاء السلاح والعودة إلى النظام تائبين، وإما أن جيش الخرطوم اكتسب قوة جبارة ستتيح له سحق التمرد وبسط السيطرة على دارفور في هجوم خاطف .

الواقع يؤكد أن كلا الاحتمالين لا شيء يبررهما على الأرض، وسيظلان مجرد تهديد عابر من جملة تهديدات كثيرة ما فتئت الحكومة السودانية تطلقها فعادت بنتائج عكسية . ففي مثل هذه الأيام، قبل عشر سنوات، أعلن الرئيس عمر البشير إنهاء التمرد الذي اندلع في فبراير/ شباط ،2003 لكن النتيجة كانت حرباً مستعرة وخسائر كبيرة تكبدها الجيش السوداني، وتفاقمت الأوضاع على مدى السنوات اللاحقة حتى صارت قضية دولية، وأصبح البشير نفسه ملاحقاً من محكمة الجنايات الدولية بزعم ارتكابه جرائم إبادة بحق الإنسانية .

واعتماداً على القياس ذاته، فإن الاعتقاد الحاصل حالياً يشير إلى تصعيد جديد في النزاع واتخاذه أبعاداً أخرى أشد قساوة وحسماً من الماضي . فتهديدات الخرطوم الواردة على لسان أكثر من مسؤول لفض النزاع بالقوة تواترت في الأسابيع الأخيرة، وتزامنت مع زيادة في أعمال العنف تجلت في استهداف القوات الدولية “يوناميد” في مناسبات عدة واندلاع اضطرابات قبلية وأخرى بين القوات النظامية والحركات المتمردة أسفرت جميعها عن مئات القتلى وآلاف المهجرين . وأي عاقل ينظر إلى هذه المعطيات جميعها، فمن المستحيل عليه أن يجد مؤشراً واحداً يؤكد أن حروب دارفور قد أوشكت على وضع أوزارها أو يتم إخمادها نهائياً مثلما يتوعد نظام البشير .

المعارضة التي في الخرطوم وتلك التي في الأقاليم والولايات المتمردة تُرجع حرص السلطة الحاكمة على التلويح بالقوة ضد خصومها إلى إفلاسها السياسي وإلى عدم قدرتها على حماية السودان

وصون وحدته الترابية . ويطرح تعدد الأزمات وتشعبها وانفجار أخرى في مناطق جديدة مشروعية التساؤل عن واقعية نظام البشير في تعاطيه من كل هذه المستجدات؟ . فبينما تتجه أوضاع دارفور إلى تصعيد خطر، هناك أزمة مفتوحة لم تجر تسويتها في كردفان بوسط البلاد، وهناك برميل بارود يوشك على الانفجار في أبيي وينذر بانهيار المعاهدات الموقعة بين الشمال والجنوب المنفصل، أما الخرطوم العاصمة فتعيش حالة من الترقب والتوتر السياسي والأمني بعد تطبيق سياسة التقشف الاقتصادي وما جلبته من ارتفاع في أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية الأساسية . وبعد شهرين من اندلاع احتجاجات دامية، فشل البشير في إيجاد غطاء سياسي عن طريق استرضاء كبرى أحزاب المعارضة والتفكير في تشكيل حكومة وحدة وطنية . واتساقاً مع مشاعر التبرم السياسي تصدع الحزب الحاكم “المؤتمر الوطني”، وأعلن عدد من قيادييه التاريخيين، مثل غازي صلاح الدين، الانشقاق عن الحزب والسعي إلى بناء آخر جديد .

النتيجة من كل ما سبق أن سلطة هذا هو وضعها، فمن الصعب عليها أن تنهي التمرد في دارفور خلال أسابيع قليلة، بل إن التمرد مرشح للانفجار، وهذا هو الشأن في الأقاليم المتوترة الأخرى بما فيها الخرطوم ذاتها .

نقلا عن صحيفة الخليج