عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصادق المهدي يكتب : سد الألفية الإثيوبي: حميد نقبله أم خبيث نرفضه؟(2)

الصادق المهدي
الصادق المهدي

دول المنابع لا تقدر بالدرجة الكافية أهمية النيل الخاصة لمصر أولا ثم للسودان:

تعتمد مصر بصورة لا تقارن على مياه النيل لأنه موردها المائي الأوحد (95%) ومن يستعرض جغرافية مصر يرى أن الحياة فيها تقوم حول النيل. فصار النيل لمصر هو الحياة وهو أيقونة الوجود على نحو ما قال أحمد شوقي:
أَلَم نَكُ مِن قَبلِ المَسيحِ اِبنِ مَريَمٍ     وَموسى وَطَهَ نَعبُدُ النيلَ جارِيا
فَهَلّا تَساقَينا عَلى حُبِّهِ الهَوى         وهَلّا فَدَيناهُ ضِفافاً وَوادِيــــــا
نحن في السودان أقل اعتماداً على مياه النيل ولكننا نعتمد على مياهه للزراعة المروية والتوليد الكهربائي.
لكي يحل التعاون محل الصدام ينبغي أن تدرك دول المنابع ما للنيل من أهمية حياتية خاصة في مصر ثم السودان، ولكن التعاون تفاعل، علينا نحن أيضا أن ندرك أن عوامل كثيرة استجدت في دول حوض النيل الأخرى: كثافة سكانية، ضرورة تنموية، مجاعات متكررة، خيارات جديدة أتاحها التطور التكنولوجي خاصة في مجال الإنتاج الكهرومائي ما أعطى الانتفاع بمياه النيل لديهم أهمية مستجدة. وعلينا أن ندرك شعورهم بأننا في أسفل الوادي نتعامل معهم باستعلاء وحرص على  مصالحنا دون مراعاة لمصالحهم. وعندما يتحدثون عنها يكيل لهم كثيرون منا الاتهامات بالعمالة لجهات أجنبية.
4. لدى مقابلتي لرئيس وزراء أثيوبيا في عام 1997م قال لي: نحن حريصون جداً على الاتفاق معكم ومع مصر حول مياه النيل، ولكن مصر والسودان يتصرفان معنا بموجب اتفاقيات قديمة كأن النيل لا يهمنا وهذا الآن تغير كثيراً فنحن أكثر سكاناً، والإنتاج الكهرومائي بالنسبة لنا أكثر أهمية للتنمية فإن استمر هذا الحال الذي يفرض علينا قراراً ثنائياً ويئسنا من التجاوب سوف نتصرف بما يحقق مصلحة شعبنا. وبعد أسبوع من هذا اللقاء التقيت الرئيس المصري السابق في القاهرة وتطرق الحديث لمياه النيل فقال: النيل هو حياة مصر ومن يمد يده عليه سوف نقطعها.
المبدأ الأول الذي يجب أن نقره هو العمل على منع أية تصرفات انفرادية

في حوض النيل.
والمبدأ الثاني الذي ينبغي أن نقره هو استبعاد العنف في حسم قضايا النيل على أساس أن التعاون هو الركيزة الوحيدة التي تقوم عليها استخدامات مياه الأحواض المشتركة.
والمبدأ الثالث هو العمل على إبرام الاتفاقية الجديدة لحوض النيل ما يعني الانضمام لاتفاقية مبادرة حوض النيل فغيابنا من منبر يعني غياب مصالحنا والسماح للآخرين باتخاذ قرارات في غيبتنا فيبقى أمامنا خيار التقاضي الدولي أمام محكمة العدل الدولية، ولا تستطيع تناول الأمر إلا إذا احتكم لها الطرفان المختلفان، أو مجلس الأمن الدولي ولا يرجى أن يلزم دول المنابع بالاتفاقيات القديمة أو الاتفاقية الثنائية التي لم يكونوا طرفاً فيها. ينبغي أن ننضم للاتفاقية الجديدة ودول المنابع أبدت استعدادها للالتزام بعدم المساس بصورة مؤثرة سلبا على الحقوق المكتسبة. مع العلم أننا حتى في اتفاقنا الثنائي (اتفاقية 1959م) وضعنا بنداً لحصة محتملة للدول الأخرى في استخدامات مياه النيل.
إن ايجاد أساس قانوني جديد لحوض النيل هو الموضوع الأهم الذي يجب أن نركز عليه.
غياب الاتفاق الجديد لا يعني استمرار الوضع القانوني القديم الموروث كما يتوهم بعض الناس، ولكنه يعني إطلاق عنان الفوضى في الحوض.
الفوضى في حوض النيل هي عدونا الأكبر لأنها تفتح المجال للتصرفات الفردية وللاستقطاب الحاد.


نقلا عن صحيفة الشرق القطرية