عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عدنان سليم أبو هليل يكتب : خلاصات فكرية من التجربة الإخوانية

بوابة الوفد الإلكترونية

في ضوء الوصول السلمي للسلطة الذي حققه "الإخوان المسلمون" عبر صناديق الاقتراع في بلاد الربيع العربي وقبل ذلك في فلسطين وتركيا وما تبشر به نجاحاتهم في بلاد أخرى..

وفي ضوء الحرب المفتوحة والمنفلتة التي يخوضها ضدهم خصومهم والتي تجاوزت كل معاني الوطنية إلى استعداء وتحريض الخارج والداخل ضدهم.. وفي ضوء ضعف أداء إسلاميين آخرين يعملون على ذات الساحة منذ عشرات السنين، وانحياز بعضهم إلى هؤلاء الخصوم.. ثمة خلاصتان – وأكتفي بهما - لا يجوز أن تشردا عن الملاحظة أوتغيبا عن التنبيه..
الخلاصة الأولى: أن تجربة "الإخوان المسلمون" في العمل الإسلامي والسياسي وما تمخضت عنه من إنجازات ونجاحات، ثم قدرتهم على مواجهة رياح ومؤامرات الثورات المضادة دون أن يقدموا تنازلا جوهريا واحدا ودون أن يعقدوا اتفاقات من تحت الطاولة ولا من فوقها مع المهيمنين على المنطقة المتحكمين في تفاصيلها.. هذه التجربة يجب أن يضعها على بساط الدرس والبحث مع التواضع وعدم الإنكار إسلاميون آخرون لم يحققوا الكثير من النجاحات وربما لم يتجاوزا مرحلة إثبات الوجود بعد عشرات السنين من العمل والجهد والجهاد وأسباب النجاح والتشابه في البيئات والتحديات وتلقي بعضهم الدعوم من نظم وقوى رسمية مقتدرة..
1- تجربة "الإخوان المسلمون" التي وصلوا عبرها إلى قصر رئاسة الجمهورية في أكبر وأمنع بلد إسلامي علماني مخضرم كتركيا، وأكبر وأمنع بلد عربي علماني مخضرم كمصر، ورئاسة جمهورية السودان، وإلى رئاسات وزارة في بلاد أخرى لا تقل عنفا واستهدافا للإسلاميين.. يجب أن يدرسها الإسلاميون الذين اشتغلوا على قضية الخلافة وهي قضية مهمة ومع كل اليقين بإخلاصهم وكل الاحترام لجهودهم وجهادهم وعواطفهم ثم ظلوا يؤصلون لها ويدورون حولها ويتخيلون ما بعدها دون أن يقدموا فكرة عملية واقعية واحدة لكيفية تحقيق هذا الوصول..
2- تجربة "الإخوان المسلمون" وقناعة الناس بهم ليس كدعاة وخيرين فقط بل وكسياسيين وسطيين موثوقين، وقدرتهم على حشد الملايين في الدفاع عنهم وعن برنامجهم وإنجازاتهم ومواقفهم يجب أن يدرسها ويستفيد منها إسلاميون ظلت أفكارهم ومناهجهم رغم عمقها وعلميتها مجرد نخبوية (صالوناتية) ولو عرضوا على صناديق الاقتراع ما فازوا بقليل ولا بكثير..
3- تجربة "الإخوان المسلمون" وثقة الناس بعدالتهم ووعيهم وبقدرتهم على الجمع بين الإسلامية الواعية والعالمية الواسعة وعلى التخطيط والتنفيذ وإدارة الدولة والحفاظ على مقدراتها والحرص على إنجازاتها.. جديرة أن يدرسها إسلاميون ارتبطت صورتهم النمطية بالإرهاب والخوف بسبب تصريحاتهم الفجة ومغامراتهم غير المحسوبة أو العنف الذي مارسوه أو اتهموا به ظلما وزورا..
4- تجربة "الإخوان المسلمون" وقدرتهم على الانتقال السريع والنوعي والواعي من بيئة وأفكار ونفسية السجون والمعتقلات والإقالات إلى سدة الحكم والعمل السياسي الرسمي والعلني وأن تسعى إلى مجاملتهم والبحث عن تقاطعات معهم أحزاب ونظم ممتدة يجب أن يدرسها وأن يفهمها إسلاميون ظنوا أن النجاح لا يصير ممكنا إلا إذا تخلوا عن كذا من الإسلام أو تساهلوا في كذا من مفاهيم الحاكمية لله أو كانوا تحت جناح فلان الظالم أو علان المستبد..
الخلاصة الثانية: وعلى "الإخوان المسلمون" أن يدرسوا تجربتهم بعجرها وبجرها، وأن يستمعوا للنصح من الأولياء بقدر ما يستفيدوا من نقد

وتشهير الخصماء والأعداء.. بعيدا عن الرفض والإنكار وعن الغرور والانبهار..خاصة أن:
1- "الإخوان المسلمون" يحملون مشروعا إصلاحيا تغييريا، وأن الصورة الذهنية عنهم ارتبطت بالإسلام ذاته وشرفه ونزاهته وكماله والثقة فيه..
2- مركز انطلاق "الإخوان المسلمون" في برنامجهم هو الإخلاص واتهام الذات والإحساس الدائم بالخوف من عدم القبول (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون).
3- " الإخوان المسلمون " بشر يجتهدون، وقد يكونون تسرعوا فيما كان حقه التريث، أو أحسنوا الظن فيما كان حقه الحذر، أو اختصوا أنفسهم بأشياء كان يمكن تعميمها، وقد يكونون استفزوا خصوما كان ممكنا التوود إليهم وكسبُ قلوبهم ومواقفِهم أو بعضها، أو يكونون قدموا أمورا كان حقها التأخير أو أخروا أمورا كان محلها التقديم، ولعلهم رأوا أمورا على أنها أساسية وخاضوا عليها صراعات وفقدوا بسببها ولاءات وما هي إلا فرعية تائهة.. هذه التجربة بكل مالها وما عليها يجب أن تشكل منعطفا في طرائق التفكير والإصلاح وعقد التحالفات وخوض المغامرات بالنسبة للإخوان وبالنسبة لغيرهم..
4- وعلى "الإخوان المسلمون" أن يدرسوا تجربتهم لأن الإسلام أغلى وأعلا من كل ذواتنا وأحزابنا واتجاهاتنا، وهو أكبر من أن يكون موقفا شخصيا أو مناورة سياسية، ولأن الحياة معه ليست هبة ريح لا تكاد تثور حتى تهدأ، ولكنه مسار طويل والتمكين له شاق ومرير، وليس ينفع فيه الاستعجال ولا النزق.. ولأن للمواجهة مع الخصوم قوانينَها وعدتها وأصولها ومناوراتِها وما تقوم على أساسه من الولاء والبراء والتجرد للحق والأخذ بالأسباب وحسن التخطيط والحرص على عدم الانجراف أو الانجرار للصدام ما أمكن تجنبه.. وكل ذلك ممكن فيه الخطأ والاستعجال..
آخر القول: إن تجربة "الإخوان المسلمون" وكل تجربة أخرى إن كانت إسلامية أو إنسانية، وبالأخص عندما تكون ناجحة كتجربة " الإخوان المسلمون " وتحت نفس الظروف.. يجب على كل الإسلاميين والإصلاحيين والتغييريين المخلصين لفكرتهم ولأنفسهم دراستها وأخذ خلاصاتها على أنها الحكمة (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) و " الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها "

نقلا عن صحيفة الشرق القطرية