رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد محمود عثمان يكتب :الشركات الكبرى .. والمشروعات المتوسطة والصغيرة

بوابة الوفد الإلكترونية

لا شك أن إفرازات الأزمة الاقتصادية العالمية ليست جميعها سلبية، بعد أن كشفت الكثير عن خبايا الفساد الإداري والمالي لعدد من كبار المفسدين في المصارف والمؤسسات المالية الكبرى في الدول المتقدمة، وكشفت أيضا النقاب عن أهمية وجود مشاريع صغيرة وفردية يمكن أن تستند إليها الصناعات الكبرى في وقت الأزمات،عندما لا تستطيع تمويل فواتير الاستيراد لمعدات أو أجزاء لأجهزة صغيرة أو متناهية في الصغر، من خلا ل بعض الصناعات التحويلية والتكميلية.

وكشف الجانب الإيجابي في الأزمة كذلك أهمية ودور المشاريع المتوسطة والصغيرة في مساعدة الحكومات على التغلب ولو جزئيا على مشاكل البطالة المتفاقمة، بتشغيل الشباب في استثمارات صغيرة ومؤثرة في عمليات التنمية، لا تحتاج إلى خطوط أو مصادر تمويل مكلفة ومعقدة، ولا تتطلب الكثير من الضمانات التقليدية العقيمة، التي لا تتناسب مع قدرات وإمكانات المستثمر الصغير من الباحثين عن عمل، بخاصة مع بداية المشروعات، حتى لا نلقي بالتهم على التمويل باعتباره العقبة الكؤود أو العائق الوحيد أمام تنمية هذا النوع من المشروعات، ولاسيَّما أن الدول الصناعية الكبرى قد تغلبت على هذه الإشكالية بعقلية منفتحة، وبحزمة من الإجراءات التي تأخذ في الاعتبار أولا: تنمية وتطوير بيئة الأعمال وثانيا: دعم وتنمية كل المؤسسة الإنتاجية، لأن إهمال ذلك يعد من الاختلالات المزمنة التي تحول دون تطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العربية، بكل أنواعها، والتي جعلتها في مواقع متأخرة، مقارنة مع ما يحدث في مناطق أخرى من العالم، وإن كانت معظم الدول في المنطقة العربية تئن وتعاني من مشاكل الباحثين عن عمل، وارتفاع سقف الطموحات والتطلعات الاقتصادية والاجتماعية لدى فئات مختلفة من المجتمع، وما يصاحبه من احتقان مجتمعي يمثل ضغوطا تهدد بالانفجار في أي لحظة، ومن هنا علينا بالتخطيط الجيد من خلال ربط نشاط هذه المشاريع الصغيرة باحتياجات المصانع والشركات الكبرى القائمة والناجحة، من خلال إسناد كل الأعمال المتعلقة بالصيانة وبإنتاج قطع الغيار التي يتم استيرادها من الخارج، للحد من الاستيراد وتوفير العملات الصعبة من جهة، ولضمان تسويق منتجات هذه الشركات بالربط المباشر من جهة أخرى من خلال المصانع والشركات الكبرى، باعتبار أن مشاكل الترويج والتسويق من أهم بل أهم وأكبر العقبات التي تحول دون نجاح أو استمرار المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بل وتتسبب في تعثرها أو توقفها عن العمل، ولا شك أن ذلك يعطي العديد من المؤشرات الجيدة أمام جهات التمويل التي تتخوف كثيرا من تمويل هذه المشروعات، لعدم الجدية وعدم الخبرة وافتقاد دراسات الجدوى الاقتصادية أو لعدم وجود الضمانات الكافية للقروض التمويلية، ولذلك لابد من تقديم التسهيلات المادية بل والفنية أيضا للقائمين على المشروعات الصغيرة وتزويدهم بالخبرات والاستشارات التي تعطيهم الثقة وتدفعهم على تحسين وتجويد

العمل والاستمرار فيه، ليس ذلك فقط بل لفتح أبواب الإبداع والتجديد وتحفيزهم على ذلك، الأمر الذي يمنحهم الثقة بالنفس وتحمل المسؤولية، لذلك فإن الشركات والمصانع الكبرى عليها العبء الأكبر في ذلك، إذا حاولت أن تمد يد العون لهذه الشركات التي تعد في الدول الصناعية الكبرى القاعدة العريضة التي تمدها بكل احتياجاتها من الصناعات الصغيرة والمكملة وقطع الغيار، وتحقق لها الاكتفاء الذاتي محليا، وتوفر نفقات الاستيراد، ومن ثم فإن المؤسسات والشركات الكبرى عليها واجب أساسي في تقديم برامج دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالتدريب والتوعية، وربطها بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة، من خلال برامجها ومسؤوليتها الاجتماعية لدعم قطاعات المجتمع التي تعمل فيه ومن خلاله، ولا ننسى الدور المهم والمحوري الذي يقع على عاتق المؤسسات البحثية والأكاديمية والعلمية، التي يجب أن تضع خططها ومحور دراساتها لحل مشاكل المجتمع ومؤسساته، وتزويدها بالدراسات الميدانية والأكاديمية والإحصاءات والبيانات والمعلومات، التي ترتبط ارتباطا وثيقا باحتياجات ومتطلبات قطاعات المجتمع المختلفة النفطية والصناعية والتجارية والسياحية والزراعية والخدمية أيضا، وتعمل على تنميتها وتطويرها.
كما من المهم أن نعلم أن الصناعات العملاقة والماركات المعروفة عالميا خاصة في اليابان وأوروبا وأمريكا بدأت بمشروعات فردية صغيرة وباهتمامات أسرية توارثتها الأجيال المتعاقبة من الأسرة، حتى كبرت وانتشرت بأسماء أصحابها إلى وقتنا هذا، ولذلك حتى تصمد وتتقدم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في بلادنا، علينا بتهيئة المناخ الملائم الذي يوفر لها التمويل اللازم دون تكلفة كبيرة وبأسعار فائدة ضئيلة، الأمر الذي يمنحها القوة والثقة في النمو والاستمرار وتحمل الصدمات بخاصة المرتبطة بالأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها السلبية، التي أثرت حتى على بعض المؤسسات والشركات والبنوك العالمية الكبرى، التي اهتزت أو التي أعلنت إفلاسها، لأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومشروعات التشغيل الذاتي، من العناصر الفاعلة في حركة القطاع الخاص، وتضيف إلى الناتج المحلي.