عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسامة غريب يكتب:وظائف منقرضة

أسامة غريب
أسامة غريب

اختراع الآلات وفر مجهود الإنسان وأراحه من المهام الشاقة، لكنه من جهة أخرى دفع بأعداد كبيرة من العمال الى طوابير البطالة بعدما صارت الآلة تؤدي بسهولة ودقة ما كان يؤديه عشرات الأفراد.

وكلما أوغل الإنسان في التقدم على طريق المنجزات والمخترعات زاد الاستغناء عن العنصر البشري، حتى انه يقال ان بعض المصانع في اليابان تدار بما لا يزيد على عشرة عاملين. ولا يقتصر الأمر على عمال المصانع فقط، لكن هناك مهناً أخرى حلت الآلة فيها محل الإنسان، ومن ضمنها وظيفة شرطي المرور التي لم يعد لها وجود في معظم البلدان بعد ان ظهر اختراع الاشارات الضوئية التي تحدد للسائق متى يسير ومتى يتوقف. غير ان هناك من لايزالون يصرون على تجاهل هذا الاختراع الذي يزيد عمره على مائة عام والدفع بالمزيد من الرجال للقيام بدور يمكن لعمود من الأنوار الملونة ان يؤديه بكفاءة ورشد.والغريب أنهم لا يكتفون بتعذيب العساكر والأفراد من ذوي الرتب البسيطة فقط، لكننا نجد ضباطاً من النوع المفتخر يحملون على أكتافهم نجوماً وطيوراً جارحة يقفون في عز حر الصيف وبرد الشتاء لتنظيم المرور بدلاً من الاشارة الضوئية، والغريب ان الواحد منهم عندما يعود الى منزله محطماً آخر النهار يتصور أنه كان في مهمة قومية لخدمة الوطن!. كما أن هناك وظيفة أخرى اندثرت من زمان في بلاد العالم الطبيعي، لكنها ما زالت موجودة في بلادنا وهي وظيفة مذيعة الربط بالتلفزيون، وهي شخصية فرحة بدون مناسبة تطل على الناس لتعلن لهم أنه قد حان الآن موعد تقديم برنامج كذا أو فيلم كذا ثم لا تنسى ان تتمنى لهم سهرة سعيدة.. ويقال إن من أسباب الابقاء على هذه الوظيفة نسبة الأمية التي لا تسمح لكثير من المشاهدين بمعرفة اسم البرنامج أو الفيلم وأسماء أبطاله..غير ان نفس هؤلاء الأميين لم يشْكُ أحد منهم أو يتبرم من القنوات التي تخلصت من مذيعات الربط بغير رجعة.
ويقال ان المسألة لا تعود فقط الى جهل الحكومات أو مسؤولي الهيئات وخيبتها، لكن هناك دائماً أسباباً وجيهة وراء الاحتفاظ بوظائف تخلص منها العالم، على رأس هذه الأسباب ان التكنولوجيا ليست نوعاً واحداً، فاذا كانت التكنولوجيا في تعريفها البسيط هي طريقة الإنتاج فان هناك العديد من الطرق، واذا كانت الدول الصناعية وافرة الدخل قليلة السكان تستطيع ان تعتمد طرقاً من الإنتاج تقوم

أكثر على الآلة وعلى الروبوت، فان دولاً مثل الصين والهند لا يمكنها - حتى اذا تطورت علمياً- ان تنتهج مثل هذه الأساليب في الإنتاج لأسباب ليست خافية، اذ ان مئات الملايين من السكان قد يموتون جوعاً نتيجة حرمانهم من فرص العمل، وبفرض ان حكومات هذه الدول استطاعت تقديم علاوة بطالة لهؤلاء فان التأثير الاجتماعي المدمر لبطالة معظم السكان لا قبل لأعتى الدول به.لهذا فانهم يفضلون التكنولوجيا التي تعتمد على استخدام العمالة الكثيفة. فهل يا ترى تقوم بلادنا الحلوة باستخدام لواءات وعمداء لتنظيم المرور في الشارع بدلاً من تركيب اشارة ضوئية من نفس المنطلق الذي يفضل استخدام العمالة الكثيفة في الدول عالية السكان أم ان هناك أسباباً أخرى؟ بعض أولاد الحلال يقولون ان وجود رجل الشرطة ضروري في البلدان القمعية الشرسة التي لا تحفل بأن يحترم المواطن القانون قدر اهتمامها بأن يهاب المواطن الشرطي ويرتعد منه، وان هذا هو السبب الحقيقي في عدم قيام الضباط بتنظيم المرور من خلال غرف التحكم ومن خلال سيارات الدورية واصرارهم على الوجود الفيزيقي في الشارع!. لكن هناك نظرية أخرى تقول ان الفشل الذريع في تطبيق نظام الحكومة الالكترونية الذي يوفر الموظفين ويسمح للمواطن بتخليص مصالحه «أونلاين» عائد الى الرغبة المتجددة لدي الموظفين في رؤية المواطن بشحمه ولحمه وجنيهاته دون الاكتفاء بنقراته على الكي بورد!.
أما فيما يتعلق بمذيعة الربط فان مشكلتها أشد تعقيداً، ذلك أنها تدربت منذ الطفولة على ترديد: سيداتي سادتي، ولا يمكن لأونكل صاحب التلفزيون ان يحرمها من حلم السنين!.
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية