أسامة غريب يكتب:وظائف منقرضة
اختراع الآلات وفر مجهود الإنسان وأراحه من المهام الشاقة، لكنه من جهة أخرى دفع بأعداد كبيرة من العمال الى طوابير البطالة بعدما صارت الآلة تؤدي بسهولة ودقة ما كان يؤديه عشرات الأفراد.
وكلما أوغل الإنسان في التقدم على طريق المنجزات والمخترعات زاد الاستغناء عن العنصر البشري، حتى انه يقال ان بعض المصانع في اليابان تدار بما لا يزيد على عشرة عاملين. ولا يقتصر الأمر على عمال المصانع فقط، لكن هناك مهناً أخرى حلت الآلة فيها محل الإنسان، ومن ضمنها وظيفة شرطي المرور التي لم يعد لها وجود في معظم البلدان بعد ان ظهر اختراع الاشارات الضوئية التي تحدد للسائق متى يسير ومتى يتوقف. غير ان هناك من لايزالون يصرون على تجاهل هذا الاختراع الذي يزيد عمره على مائة عام والدفع بالمزيد من الرجال للقيام بدور يمكن لعمود من الأنوار الملونة ان يؤديه بكفاءة ورشد.والغريب أنهم لا يكتفون بتعذيب العساكر والأفراد من ذوي الرتب البسيطة فقط، لكننا نجد ضباطاً من النوع المفتخر يحملون على أكتافهم نجوماً وطيوراً جارحة يقفون في عز حر الصيف وبرد الشتاء لتنظيم المرور بدلاً من الاشارة الضوئية، والغريب ان الواحد منهم عندما يعود الى منزله محطماً آخر النهار يتصور أنه كان في مهمة قومية لخدمة الوطن!. كما أن هناك وظيفة أخرى اندثرت من زمان في بلاد العالم الطبيعي، لكنها ما زالت موجودة في بلادنا وهي وظيفة مذيعة الربط بالتلفزيون، وهي شخصية فرحة بدون مناسبة تطل على الناس لتعلن لهم أنه قد حان الآن موعد تقديم برنامج كذا أو فيلم كذا ثم لا تنسى ان تتمنى لهم سهرة سعيدة.. ويقال إن من أسباب الابقاء على هذه الوظيفة نسبة الأمية التي لا تسمح لكثير من المشاهدين بمعرفة اسم البرنامج أو الفيلم وأسماء أبطاله..غير ان نفس هؤلاء الأميين لم يشْكُ أحد منهم أو يتبرم من القنوات التي تخلصت من مذيعات الربط بغير رجعة.
ويقال ان المسألة لا تعود فقط الى جهل الحكومات أو مسؤولي الهيئات وخيبتها، لكن هناك دائماً أسباباً وجيهة وراء الاحتفاظ بوظائف تخلص منها العالم، على رأس هذه الأسباب ان التكنولوجيا ليست نوعاً واحداً، فاذا كانت التكنولوجيا في تعريفها البسيط هي طريقة الإنتاج فان هناك العديد من الطرق، واذا كانت الدول الصناعية وافرة الدخل قليلة السكان تستطيع ان تعتمد طرقاً من الإنتاج تقوم
أما فيما يتعلق بمذيعة الربط فان مشكلتها أشد تعقيداً، ذلك أنها تدربت منذ الطفولة على ترديد: سيداتي سادتي، ولا يمكن لأونكل صاحب التلفزيون ان يحرمها من حلم السنين!.
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية