عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طارق الحميد يكتب:أعلام «القاعدة» في القاهرة!

طارق الحميد
طارق الحميد

مذهل ما حدث في مصر، وتحديدا الهجوم على سفارة واشنطن بالقاهرة، وإحراق العلم الأميركي ورفع أعلام تنظيم القاعدة بسبب ما قيل إنه فيلم مسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم)، وبمشاركة ممن يسمون بالألتراس، وهم مجموعة من مشجعي كرة القدم، وكذلك مشاركة مسيحيين، وجماعات إسلامية في تلك المظاهرات.

وعندما نقول إن ما حدث في مصر أمر مذهل فلسبب بسيط؛ وهو أن لا أحد يعرف حتى الآن الفيلم الذي قيل إنه يسيء للرسول (عليه الصلاة والسلام)، حتى إن وكالة «رويترز» التي بثت خبر ما حدث في مصر من هجوم على السفارة الأميركية قالت في تقريرها: «ولم يتضح على الفور أي فيلم أغضب المحتجين»! وهذا أمر محير فعلا، فلم يسمع أحد عن هذا الفيلم، ولم يعرف اسمه، بل هل يعقل أن تحرق الدنيا كلما قام تافه بالتطاول على الدين الإسلامي، أو رمز من رموزه؟ والحقيقة التي يجب أن تقال، وتحديدا في القصة المصرية، إن الأمر أعقد من فيلم مسيء. فرد فعل بعض المصريين، مثلا، على قضية المتهم بتهريب بعض المحظورات في السعودية كانت مشابهة لردة فعلهم الآن على السفارة الأميركية، والفارق الوحيد هو عدم رفع أعلام «القاعدة»، أو إحراق العلم السعودي، مما يعني أن المشكلة في مصر أعقد بكثير من الغيرة على الدين الإسلامي.
الإشكالية الحقيقية في مصر، ومنذ سقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك، تكمن في التملق للشارع الذي يسير بلا قيادات للرأي العام، قيادات تتصرف على أساس مفهوم رجال الدولة، وليس ما يطلبه الثائرون، في الميادين، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى وسائل الإعلام التي تنافق الشارع المصري بشكل فج، حيث يصبح المتهم مدانا، والبريء مذنبا بلا محاكمة. وهذه هي علة مصر اليوم، وهي ما سيعوق مسيرة مصر نحو المستقبل. فالدول لا

تبنى بالصراخ، والفوضى، والانتقام، وإنما بالحكمة، والتعقل، والقوانين، والمصالحة. وللأسف إن هذه ليست الحالة في مصر، والدليل أن المحتجين ضد السفارة الأميركية هم إسلاميون، ومسيحيون، وحتى رابطة جماهير كرة قدم.
والإشكالية المحيرة، والمذهلة، أن لا أحد يعلم عن أي فيلم يتحدثون. وحتى لو عرف الفيلم، فمن الواضح أنه عمل تافه ناجم عن شخص، أو جهة تافهة متطرفة. وغير المفهوم، في الحالة المصرية، هو كيف تكون ردة الفعل، ولو من باب الغيرة الدينية، شبيهة برد فعل متطرفي باكستان، أو أفغانستان، حيث يحرق العلم الأميركي، وترفع أعلام «القاعدة»؟ وكيف يمكن مطالبة أميركا بضرورة الاعتذار عن فيلم أشرف عليه تافه، أو جهة جاهلة، وليس الإدارة الأميركية؟ فهل يعقل، مثلا، أن تطالب إدارة أوباما المصريين، حكومة أو شعبا، بالاعتذار عن كون أيمن الظواهري، زعيم «القاعدة» الحالي، مصريا؟ أمر غير معقول، أو مقبول.
ولذا، ونقولها ونحن محبون لمصر، فإن ما يحدث له معنى واحد وهو أن على قادة الرأي العام المصري التصدي لفوضى الرأي العام. فعلى المثقف والسياسي أن يحترما علمهما، ووعيهما، والأمر نفسه ينطبق على الإعلام، وذلك بالتوقف عن منافقة الشارع ومجاراته لتجنب إحراق مصر ككل.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط