رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صالح سليمان عبدالعظيم يكتب:قراءة في الانتخابات المصرية

صالح سليمان عبدالعظيم
صالح سليمان عبدالعظيم

منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011، والحالة الثورية المصرية تنحصر بين مد وجزر غريبين؛ فمرة ترتفع قدرة الثوار ويتصدرون المشهد، ومرة تتراجع إمكانياتهم ويختفون في الهامش من الفضاء السياسي العام. ورغم ذلك فإنني من المتفائلين بما يحدث في مصر الآن، وهو تفاؤل لا يدركه إلا من يختلط بالناس في الشارع المصري، ويلمس حجم التغيير الذي أصابهم في أعقاب الثورة.

وتنبع أسباب التفاؤل من العديد من الأمور المرتبطة بنتائج هذه الانتخابات في مصر. فأولا، عبرت هذه الانتخابات عن نجاح غير مسبوق للثورة، من خلال النسب التي حصل عليها كل من حمدين صباحي وعبد المنعم أبوالفتوح، والتي وصلت معا إلى ما يقارب 40%، وهي نسبة لم يصل إليها أي مرشح آخر. ورغم ارتفاع هذه النسبة، فإنها تكشف عن حالة الفرقة التي انتابت المرشحين ودفعت كلاً منهما للاستئثار برأيه والإصرار على الترشح، بدون أي تعاون مشترك في مواجهة القوى الدينية الراكدة وفلول النظام الفاسد.
واللافت للنظر هنا، أنه في مواجهة المال السياسي والديني من جانب مرشح الإخوان ومرشح العسكر، فإن المرشح حمدين صباحي على وجه الخصوص، الذي جاء في المركز الثالث بما نسبته 21%، اعتمد اعتماداً مطلقاً على تبرعات الناخبين، بعيدا عن القوى السياسية المختلفة وبعيدا عن أي تمويل خارجي.
وهي نسبة عالية بكل المقاييس، اعتمد فيها حمدين على المهمشين والفقراء والمصريين العاديين، والأهم من كل ذلك الشباب الذين صوتوا له بكثافة، بل وقادوا حملته من الألف للياء، في تحد واضح للعسكر والتيارات الدينية المختلفة. وهي مسألة تؤشر، في ضوء صغر سن صباحي مقارنة بباقي المرشحين، على أنه سوف يكون رئيس مصر القادم عام 2016، إذا استمر محافظا على زخم حملته ودوره المهم في الحياة السياسية المصرية. وكما الوضع مع صباحي، فإن أبو الفتوح حصل على ما نسبته 17.4%، وهي وإن كانت نسبة أقل مما توقعه الناخبون له، فإنها تكشف عن تعاطف شعبي واسع معه.
إن هذا الزخم الثوري ممثلا في ما أطلق عليه البعض ظاهرة حمدين صباحي، يعني أن هناك حراكا ثوريا جديدا في مصر لن يكون بإمكان أي رئيس جديد أن يقيده أو يسيطر عليه. فنحن أمام جيل جديد في مصر، نشأ في أحضان الثورة وترعرع على مفاهيمها وأطرها النظرية.
كما مارسها بعمله اليومي وتظاهراته التي لم تنقطع طوال عام ونصف من عمر الثورة المصرية الكريمة. وهي مسألة تكشف بجلاء عن خطأ ما يصرح به مرشح العسكر أحمد شفيق، حينما يهدد ويتوعد الثوار في صورة تكشف عن عدم فهم بحجم التغيير الذي أصاب مصر وأنتج واقعا ثوريا جديدا.
يرتبط بما سبق، مجيء مرشح الإخوان المسلمين

الدكتور محمد مرسي في المركز الأول بما يقارب 25%، متصدرا المشهد الانتخابي وفارضا الجماعة وأعضاءها على الواقع المصري الحالي. ورغم الخلافات الهائلة بين القوى الثورية وبين جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وهو أمر تتحمل الجماعة نصيبا كبيرا في حدوثه، فإنني أرى أن نجاح مرشح الجماعة هو نجاح للثورة، وليس انتقاصا منها كما يحاول البعض أن يروج لذلك، عبر وسائل الإعلام المصرية المتلونة والمتحولة، والتي يفتقر الكثير منها لأي شرعية مهنية أو أخلاقية.
ورغم تصور البعض لتراجع شعبية الإخوان، فإنني أرى العكس في ضوء ما حدث في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. فقد دخل الإخوان الانتخابات متأخرين زمنيا بشكل كبير عن باقي المرشحين، في ظل حملة شعواء من قبل وسائل الإعلام وأجهزة الدولة المصرية المختلفة وفلول النظام البائد، ورغم ذلك فقد حصلوا على المركز الأول عن جدارة تنظيمية واستحقاق غير عادي.
لقد آن الأوان لعقلاء الجماعة والتيار الإسلامي عموما في مصر، أن يقوموا بأدوار جديدة ومبتكرة وواعدة، من أجل لم الشمل الثوري والابتعاد عن الفرقة، والتلاحم مع القوى الثورية الأخرى، وهو أمر لن يتحقق إلا ببث روح الطمأنينة لدى عموم المصريين.
وتقديم العديد من الضمانات الفعلية من أجل التأكيد على مشاركة الأطياف السياسية الأخرى في العملية السياسية. وهو أمر بدأه بشكل واضح الدكتور محمد مرسي في خطابه الأخير، بما يحتم عليه الانتقال الفوري للإجراءات العملية والفعلية، التي يمكن أن تجعل هزيمة مرشح العسكر هزيمة نكراء، تبدد أحلامه في العودة من جديد هو وأعوان النظام المنحل.
فهل يعي الإخوان الدرس؟ وهل يقبلون بالشراكة السياسية؟ وهل يغيرون من طريقة تفكيرهم وممارساتهم المختلفة؟
أسئلة سوف تجيب عنها الأيام القادمة، ونتمنى أن تتحقق.. وليحفظ الله مصر ويقِيها شرور المتآمرين في الداخل والخارج!

نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية