رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عبدالله إسكندر يكتب:العسكر والإسلاميون والرئيس

عبدالله إسكندر
عبدالله إسكندر

عاشت مصر، لمناسبة الحملة الانتخابية الرئاسية، فترة ازدهار لحرية الرأي والمناقشة. وسمع المصريون من مرشحي الرئاسة كلاماً كثيراً ووعوداً كبيرة. لقد كانت الأجواء، قبل الصمت الانتخابي عشية الاقتراع، تشبه كثيراً ما تشهده الديموقراطيات في العالم، لجهة ضمان التعبير وحريته. وإن كانت البلاد تشهد لأول مرة في تاريخها هذا النوع من المنافسة التعددية.

ويدلل المحللون المصريون على الطابع الفريد لهذا الاقتراع في بلدهم بالتشديد على أن لا أحد يعرف اسم الرئيس المقبل، قبل يوم من الاستحقاق، في حين كان اسم الرئيس في السابق معروفا دائما وحتى قبل الحملة الانتخابية. وهذا ما يُحسب للتجربة الوليدة في مصر، قبل أي شيء آخر.
ومن المعتقد بأن مثل هذه الأجواء لم تكن لتنشأ، في مصر، لولا ظروف الفترة الانتقالية الضبابية، ولولا عدم وضوح في طبيعة الدستور وسلطات الرئيس. وإن كان التوازن السياسي الرجراج الجديد في البلاد يفرض على الجميع حتى الآن ضرورة التعامل مع كل المكونات السياسية، ومع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته الدستورية. إذ إن أجواء الحرية والديموقراطية والاقتراع الحر لا تصبح مكوناً ثابتاً في الحياة السياسية قبل وضع الدستور والقوانين الملزمة لجميع القوى وغير القابلة للنقض في أي حال.
ويبدو أن هذا هو الرهان الحقيقي للاقتراع الرئاسي، بعدما أثار الاقتراع البرلماني من المخاوف أكثر بكثير من الحلول المفترض أن يقدمها.
في أي حال، يمكن توقع أن تنحصر، في ختام دورة الاقتراع الأولى، المنافسة الرئاسية، بين مرشح إسلامي يستند إلى خزان الأصوات الذي أفرزه البرلمان، أي إلى الإسلاميين بكل تلويناتهم، وبين مرشح يستقطب خليطاً واسعاً من الاتجاهات، بينهم ما يسمى «الفلول»، وبالتأكيد تأييداً من المجلس العسكري.
أي أن المنافسة الانتخابية سترسو على القطبين الأكثر تأثيراً ونفوذاً في البلاد، المجلس العسكري والإسلاميين. وذلك بعدما بدا لوهلة، وقبل بدء الحملة الرئاسية، أن ثمة تفاهماً بين هذين الطرفين. لكن وصول الأمور إلى نهاياتها، بعدما كشف الإسلاميون موقفهم من وظيفة المجلس العسكري ورغبتهم في وضع حدود لها وتقنينها، لتصبح المنافسة تركز على هذه القضية التي ستحكم الدستور الجديد.
في الواقع ليس الإسلاميون أكثر تديناً من العسكريين، وليس العسكريون أكثر تمسكاً بالدولة المدنية الديموقراطية والعلمانية.
بمعنى أن الهم الأيديولوجي لا يحكم المنافسة بين الجانبين، في مقدار ما يحكمه حجم المصالح والنفوذ.
جماعة «الإخوان المسلمين» تدرك، أكثر من غيرها في التيارات

الإسلامية الأخرى، معنى أن تتولى رئاسة الجمهورية بعد البرلمان والنقابات. فهذا يعني بالنسبة إليها الوصول بمشروعها الذي تعمل عليه منذ عقود إلى نتيجته، ما يشكل بالنسبة إليها الفرصة الذهبية التي قد لا تتكرر. هذا سيكون على حساب المجلس العسكري.
ثمة تقديرات بأن المؤسسة العسكرية المصرية تسيطر على حوالى 30 في المئة من حجم الاقتصاد المصري، خصوصاً التصنيع، إضافة إلى امتداداتها في البلاد عبر أفراد الجيش ونفوذ جنرالاته الذين يتولون بعد التقاعد مناصب إدارية واقتصادية رفيعة.
وبغض النظر عن صحة النسبة، فإن المركب العسكري - الاقتصادي - السياسي الممتد عميقاً في البلاد منذ انقلاب الضباط الأحرار قبل ستة عقود يملك قوة حقيقية وموقعاً فاعلاً ومصالح كبيرة. ولن يتردد الجنرالات، على رغم إعلانهم المتكرر عن تسليم السلطة إلى المدنيين، في المواجهة من أجل الحفاظ على مصادر قوتهم. بما يضع مشروعهم أمام تحدي المشروع «الإخواني».
وبغض النظر عن اسم الرئيس المقبل، سيكون هذا التحدي محور الوضع السياسي المصري في الفترة المقبلة. فمع رئيس إسلامي سيدخل المشروعان في نزاع مباشر، أول مظاهره المطالبة بوضع حد لدور المجلس العسكري. ومع رئيس غير إسلامي يكون بالضرورة متوافقاً مع هذا المجلس، سيكون الإسلاميون في موقع المعارضة للرئيس وسيعملون على ضغط صلاحياته إلى الحد الأدنى في الدستور الجديد مستفيدين من غالبيتهم في البرلمان.
هكذا، سيكون العسكر و»الإخوان» طرفي المواجهة المقبلة، إلا في حال تخلت الجماعة عن مشروعها الكبير، الأمر الذي لا يبدو أنها في وارد الإقدام عليه، خلال الفترة المنظورة المقبلة على الأقل.
نقلاعن صحيفة الحياة