علي بن حسن التواتي يكتب :وتعلو مصر فوق الجراح
بوعي ومسؤولية، لخص مسؤول الشؤون العربية في «عكاظ» يوم الاثنين الماضي التفاعلات والتجاذبات التي تسود الساحة السياسية المصرية وانعكاساتها
وتداعياتها على محيطها العربي والإقليمي. ولم يعد خافيا على أي متابع للأحداث أن يميز الجماعات والتيارات التي تتصارع وتوظف كل ما يمكن توظيفه من أقوال وأفعال وتحالفات حتى لو تعارضت مع شعاراتها القيمية والأخلاقية التي ترفعها منذ أجيال. وهاهم جميعا مع احتدام الصراع على كرسي الرئاسة يكشرون عن أنيابهم ويكشفون عن أبشع الوجوه التي يمكن أن يتم الكشف عنها. وسواء كانت هناك أصابع أجنبية تحرك الأحداث في مصر أو لم تكن، إلا أن الواضح هو أن تلك الجماعات تنساق بسذاجة أو بتدبير نحو منزلق خطير سينتهي بالتأكيد إلى عزل مصر عن محيطها العربي وتحجيم دورها وإعادتها إلى دهليز (المصرنة) ومعاداة العروبة الذي أدخلت فيه رغما عن إرادة شعبها في المرحلة التي انتهت بتوقيع اتفاقية السلام المصرية مع إسرائيل في (كامب ديفيد) يوم 17 سبتمبر 1978م. وما لبث الشعب المصري العربي الأصيل أن تبين أن الانفتاح الذي ألهي به لفترة من الزمن كان استهلاكيا بحتا لم يضف لاقتصاده أية قيمة تذكر لتتصاعد معدلات البطالة والفقر والعشوائيات. وفي وجه تصاعد المد الشعبي ومصرع السادات اضطر خلفه للانفتاح على العالم العربي من جديد ولكن في حدود ضيقة لم تمكنها من استعادة دورها الإقليمي المعروف عبر الأجيال والقرون. بل إن الفساد والوهن أخذ منها كل مأخذ حد تجرؤ بعض الأنظمة الأفريقية التي لم يكن يجرؤ زعيم من زعمائها على مجرد النظر في عيني زعيم مصري على التهديد بتحويل مجرى النيل. واليوم، وبعد أن أطاح الشعب المصري بالفساد ورموزه ها هم من يتسابقون على إرث السلطة يرمون عرض الحائط بكل القيم بما فيها الاستجابة لإرادة الشعب المصري، الذي ظن لوهلة أن فيهم خيرا، ويفتعلون الصراعات مع المجلس العسكري الذي أجبر على التفرغ للدفاع عن نفسه وعن شعبه من المخاطر الداخلية بدلا من التفرغ لتطوير قدرات القوات المسلحة وتجهيزها لمهمتها الأساسية في حماية البلاد والعباد. لقد وضع المجلس العسكري المصري في موقف لا يحسد عليه فإما أن يسلمهم السلطة فورا دون أي ضمانات لباقي الأطراف والقوى السياسية والدينية الأخرى أو يشعلون الشارع بالاضرابات والاعتصامات والمليونيات التي لا تنتهي .. ومع اقتراب موعد الانتخابيات الرئاسية، وتأكد بعض التيارات أن الفرصة أمامها بوصول أحد مرشحيها للـ (الكرسي الكبير ) قد تلاشت، بدأت بخلط الأوراق المحلية بالإقليمية بكل ما توفر لديها أو
نقلا عن صحيفة عكاظ السعودية