رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الأمير» و«الشاطر»!

حسن شبكشي
حسن شبكشي

منذ إعلان جماعة الإخوان المسلمين في مصر، عن طريق ذراعها السياسية الرسمية حزب «الحرية والعدالة»، عن ترشيح نائب المرشد العام للجماعة رجل الأعمال خيرت الشاطر للرئاسة، والصراع الإعلامي على أشده لتفصيل آراء وردود فعل الناس بأفضل شكل ممكن لاستثمارها ما بين الفريق المؤيد لهذا الترشيح أو الفريق المعارض وبشدة لذلك الأمر.

وبدأت التعليقات والنكات والدعابات تظهر كما هي عادة الشعب المصري للتفاعل بسلاح النكتة مع كل حدث لافت، فمنهم من قال إن «غلطة الشاطر بعشرة»، وإن «الشاطر يرفع إيده» و«اللي بيسمع كلمة أمه شو بنقولُّه؟.. شاطر.. شاطر!» وغيرها من القفشات والنكات.
وعلى الجانب الآخر انطلقت الأصوات والوجوه التي تشبّه ترشح خيرت الشاطر بنيلسون مانديلا الزعيم الجنوب أفريقي الذي سجن لمدة 29 عاما وخرج ليحكم بلاده، وآخرون يشبهون خيرت الشاطر بالنبي يوسف عليه السلام الذي كان مسجونا هو أيضا وخرج ليحكم مصر، والمثالان يحملان إشارة واضحة إلى أن الشاطر كان مسجونا وأطلق سراحه بعد الثورة وسقطت عنه الأحكام القانونية التي صدرت بحقه أيام عهد حسني مبارك.
وسبب الانقسام الحقيقي حول مسألة ترشيح خيرت الشاطر هو أن الكثيرين في مصر «مصدومون» من كون الإخوان المسلمين نكثوا عهدهم بأنهم لن يترشحوا لمنصب الرئيس، وهي مسألة أكدوها في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من شخصية مختلفة محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدين أنهم لن يهيمنوا أو يستغلوا الظروف الانتخابية التي مكنت حزب الحرية والعدالة من اكتساح النتائج الانتخابية لمجلسي الشعب والشورى، ويحاولون الآن نزع الثقة من رئيس الوزراء وتشكيل وزارة بأنفسهم، وكذلك يديرون حصريا لجنة تشكيل الدستور للبلاد، وذلك بعد أن انسحبت من اللجنة كل التيارات السياسية الأخرى التي رأت في أسلوب إدارة الإخوان المسلمين لهذه المسألة الدقيقة

الكثير من التسلط والتضييق على الآراء الأخرى، لأن الدستور بحسب وجهة نظرهم الناجعة يجب أن يكون مرآة وانعكاسا للبلاد ككل وبكل حراكها وتوجهاتها السياسية وليس مجرد فريق سياسي واحد فقط، لأنه بذلك تكون الصورة مشروخة ومهزوزة وغير مكتملة أبدا.
عرف عن الإخوان المسلمين أنهم مجموعة سياسية تعلمت وطورت خطابها الإعلامي والسياسي بالكثير من الحرفنة والمهنية والدهاء، وكأنهم اعتمدوا في ذلك على أهم مدارس العلوم والفكر السياسي القديم، مثل سون تزو القائد العسكري الصيني الكبير الذي كتب أحد أهم المراجع في الفكر الاستراتيجي «فن الحرب»، وهناك طبعا كتاب «الحلقات الخمس» للعسكري الياباني القديم مياموتو موساشي، وطبعا كبيرهم وأهمهم المفكر السياسي الفذ نيكولا ميكيافيلي وكتاب «الأمير» الذي تحول مفهومه البراغماتي والعملي من مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» إلى مثل وكلمة تحمل اسمه وأطلق عليها لفظة «الميكيافيلية»، واليوم الشاطر يقدم مثالا جديدا للميكيافيلية، لكن استغلاله للمكانة التي وصل إليها «الإخوان» أكثر مما يجب، والناس لا يحبون استعراض العضلات ولا استعراض القوة ولا التفاخر بالمكانة، وهي مسألة تؤدي للكبر والغرور وهما من أكبر الخطايا، وقد يكون ثمنهما مكلفا جدا معنويا وسياسيا.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط