عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة المصرية والانتهازية السياسية

لا يختلف اثنان على أن الثورة المصرية التي انطلقت منذ عام مضى، لم تؤتِ حتى الآن ثمارها، وأنها تواجه رياحاً مضادة

عاتية، سواء من فلول النظام السابق أو من الرافضين للثورة في الداخل، أو من التدخلات الأجنبية الدولية والإقليمية صاحبة الأجندات الخاصة المناقضة تماماً لأهداف الثورة. وأقوى وأخطر الرياح المضادة لهذه الثورة، هي القادمة من الانتهازيين الذين نصبوا أنفسهم آباء لهذه الثورة وامتطوا صهوتها، وانحرفوا بها في طريق بعيد تماماً عن أهدافها وقضاياها، رغم أنهم لم يكن لهم أي دور في الإعداد لها ولا تفجيرها، ولم يشاركوا فيها إلا بعد أن أثبتت قوتها وفرضت نفسها.

ليس فقط التيارات الإسلامية السياسية من إخوان وسلفيين هم الآباء الذين فرضوا أنفسهم على ثورة الشباب المصري، بل كافة التيارات والنخب والأحزاب السياسية الموجودة على الساحة المصرية، ولكن الإخوان والسلفيين هم من نالوا النصيب الأكبر من هذه الأبوة المزعومة للثورة، وخاصة بعد فوزهم الساحق في الانتخابات البرلمانية، التي لم تنافسهم فيها أية قوة سياسية حقيقية أو فعالة على الساحة.
لقد فرض الإخوان والسلفيون أنفسهم على الساحة المصرية في كافة المجالات، وها هم قبل أن يتولوا السلطة في البلاد يخرجون علينا في ثياب الرهبان والقديسين، يمنحون صكوك الغفران لمن يشاؤون، ولمن يأتي إليهم يشهر توبته ويعلن ولاءه، وها هم نجوم الفن في مصر من مطربين وممثلين وغيرهم، يتوافدون على بلاط أصحاب السلطة القادمة، تودداً وتقرباً وطلباً للسماح والرضى، وها نحن لأول مرة نرى ونسمع عن حوارات ولقاءات من هذا القبيل، وكأن أهل الفن يعترفون علناً بأن ما يمارسونه من عمل يتعارض مع الدين.
لقد ذهب نقيب الممثلين المصريين إلى المرشد العام للإخوان المسلمين في بيته، وأنكر النقيب أنه ذهب باسم الممثلين، ولكنه ذهب بصفته الشخصية كفنان، وعلينا أن نصدق ذلك وكأنه أمر عادي كما صوره النقيب رداً على منتقديه، وشاهدنا أيضاً حشداً من نجوم الوسط الفني يلتقي بمسؤول "اللجنة الفنية لجماعة الإخوان"، وأعتقد أن هذه اللجنة تشكلت منذ وقت قريب تماشياً مع الأمور من باب التقرب وإزالة المخاوف.
وهناك مسمى لمسؤول آخر في الإخوان لفت انتباهي وأضحكني في نفس الوقت، وهو "مسؤول لجنة الدراما والسينما في الجماعة"،

سمعناه يطلق "صكوك غفران" للفنانين تتلقفها وسائل الإعلام بشغف وكأنها تهنئ هؤلاء الفنانين بها، حيث يقول هذا المسؤول إنه معجب بالفنان أحمد حلمي.
ولا يحب عادل إمام، وربما نسمع قريباً عن مسؤولين آخرين في الجماعة معنيين بالسياحة والخمور.. وأشياء أخرى مما تحوم حوله شبهات التحريم والتحليل، بينما الإخوان وأيضا السلفيون تتوالى تصريحاتهم حول التحليل والإباحة حتى للمحرمات بنص قرآني صريح، وذلك تقرباً من الناس وسعياً للسلطة.
وليس فقط الفنانون، بل كثيرون من القوى السياسية الأخرى ينافقون الإخوان والسلفيين، وخاصة المرشحين المحتملين للرئاسة الذين يتسابقون على تقديم فروض الطاعة والولاء لهم، ولا أستبعد أن نشاهد قريباً فئات أخرى تقف في طابور "صكوك الغفران"، من الراقصات وأصحاب الملاهي الليلية وبائعي لحم الخنزير، وأيضاً من رجال الأعمال والمسؤولين الذين تحوم حولهم شبهات الفساد، وغيرهم الكثيرين، وكما لم نسمع من قبل أن أحداً طلب صك الغفران من الكنيسة ورفض طلبه، فإنني على يقين من كرم وجودة وسخاء الإخوان والسلفيين في منح هذه الصكوك.
هذا ما وصلت إليه الثورة المصرية في نهاية عامها الأول؛ نفاق متبادل لا علاقة له بالثورة ولا بالدين، وصراع محتدم على مقاعد الحكم والسلطة، تضيع فيه قضايا الوطن والأمة وتسقط فيه كل مبادئ الوطنية والمصلحة العامة، وشعب مسكين قدم أبناءه في زهرة شبابهم شهداء، في ثورة كان ينتظر من ورائها الكثير، ولم يحصل على شيء ووجد نفسه جالساً في مقاعد المتفرجين.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية