رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

متهوّرات لا يستثـنيهن القانون

ليست ظاهرة حتى الآن بلا شك، إلا أنها مثيرة للقلق ولو كانت تصرفات فردية قد تكون مفتاح أسوة سيئة للأخريات والآخرين على حد سواء. فتيات ينتهكن حرمة الطريق بسياراتهن المسرعة، ويثرن الذعر غير آبهات بخوف الآخرين على أرواحهم، أو مقدرات لمغبة أفعالهن وتصرفاتهن الطائشة في ميدان إثارة الرعب بين الناس، يركبن أمواج الخطر بسيارات رياضية أو رباعية الدفع، بقصد التسابق أو الترفيه أو من باب "خالف تُعرف"!!.

ويهددن حياتهن وحياة الآخرين بجرأة لم نعتد عليها في مجتمعنا، حتى إنهن يقفن يقارعن رجال الأمن والشرطة في وقائع سلوكية سلبية استفزازية أكثر منها مخالفات مرورية!
هذا الذي نقوله ليس في مجتمعات غربية، وإنما هنا بين أظهرنا في دبي وعلى طرقاتنا النظيفة المخططة على أحدث المقاييس العالمية، المزودة بكاميرات المراقبة وأجهزة الرادارات الحديثة المطورة..
فقد وقفت فتاة متحدية القوانين المرورية ورجال دوريات المرور، بشكل عدواني غريب لتدافع عن عدم انصياعها لقوانين السير، وقيادتها السيارة "السبورت" بسرعة جنونية، بل أكثر من ذلك هاجمت أفراد الدورية التي حاولت منعها وإيقافها، على الرغم من حضور مدير إدارة الدوريات شخصياً إلى الموقع، وصدمت أحدهم متحديةً من يجرؤ على احتجاز سيارتها، ومعربة عن استعدادها ببساطة لدفع غرامة الرادار إذا كان قد صوّرها!
وحجتها في تبرير "رعونتها"، أنها تستقل سيارة رياضية، والتي لم تصمم حسب اعتقادها إلا لتقاد بسرعة! فتاة أخرى في حادثة منفصلة، أثارت الرعب على أحد الشواطئ بسيارتها الـ"جيب لاند كروز"، وبرفقتها مجموعة فتيات كادت تودي بحياتها وحياتهن، بعد أن أوشكت السيارة على الانقلاب نتيجة قيادتها بسرعة جنونية!
وثالثة وافدة انتهى بها تجاوزها لقوانين المرور والقيادة من دون رخصة في رأس الخيمة، إلى صدم أربعة أشخاص وقتل أحدهم وإصابة الثلاثة الآخرين إصابات بليغة وإتلاف حرم الطريق..
مشاهد أقرب إلى أفلام الأكشن، أبطالها هذه المرة فتيات من الواقع، وأخطاؤهن لا يعاد تصحيحها في البروفة الثانية، وإنما يدفع ثمنها الكثير من الأبرياء.
ها هنا يقع التباس الحرية الشخصية بالكثير من المعاني، ليس أقلها احترام حقوق الآخرين والحق العام، وتقدير رجال الأمن والشرطة، وتجنب إزعاج وتهديد الآمنين، والالتزام بضوابط المجتمع التي تعاهد عليها بميثاق معروف يصونه الجميع لمصلحة الجميع.
ومن نافلة القول التذكير بأن ما تقدمه الدولة بمؤسساتها ومرافقها وخدماتها، هو ملك لجميع أفراده، لا يجوز النيل منها بالعبث تحت بند الحرية الشخصية أو الترفيه، هذا من جانب.
ومن جانب آخر لم تكن الحرية الشخصية في يوم من الأيام معولاً لهدم سلامة الآخرين، وإلا استحالت الحياة غابة يقهر فيها القوي الضعيف، ولا يأمن فيها ساكن في مسكنه، ولهذا الأمر كان وجود رجال الأمن من ضرورات المجتمع المدني الحضاري المتوازن، لأنهم العين الساهرة على احترام فواصل حريات الناس، والقادرون على صونها من التحطم،

وعليه كان احترامهم والالتزام بأوامرهم واجبا وطنيا ومظهرا حضاريا ينم عن ثقافة الفرد، ما دام الجميع تحت مظلة القانون سواء، ومن هنا كان لا بد من ردع العابثين وإعادة تأهيلهم، ليدركوا كيف يكون تقدير واحترام الآخر والحق العام.
أعود لأفلام الأكشن هذه، حيث تتصدر الفتيات فيها دور البطولة، على عكس ما يفرضه عليهن طبعهن الفطري الذي لا يتواءم أبداً مع هذه التصرفات الشبابية الطائشة، وإن كنا نستنكر هذا الفعل من الجميع فهو من الفتيات أشنع، وعليه وجب على الدوام التذكير باحترام الوافدين لقوانين الدولة كافة وأنظمة استخدام الطرق والمرافق العامة، وأن يعوا أن التسامح مع الآخر في بعض الأحيان واحترام حقوقه وحريته الشخصية، لا يعني أبداً السكوت على تجاوزاته، متكئين على حقيقة نفخر بها في وطننا، وهي أن القانون لا يفرق في الأخطاء والمحاسبة عليها بين وافد ومواطن، ما دام ينظر إلى المجتمع بوصفه بنية متماسكة متكاملة.
كما نفخر بكادر مؤهل باقتدار من أبناء الوطن، ممثل في أفراد الشرطة والضباط الذين يتعاملون بأسلوب راقٍ ووعي تام في التعاطي مع مشكلات جديدة تطفو بين فترة وأخرى، بأمانة وحرص وتطبيق صارم للقانون مهما كانت الظروف، مع تقديرهم استثنائية التعامل مع المرأة بسعة صدرٍ وتروٍّ، الأمر الذي يُنبئ عن تركيز متواصل في بناء خبرة رجل الشرطة المواكب لمستجدات العصر، القادر على فهم واستيعاب المتناقضات المجتمعية، والتعامل معها من دون الإخلال بثوابت القانون أو التأثر بمنطلقات تصرفات الآخرين.
ونقول: القانون ورجال الشرطة واحترامهما، واجب وطني لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال، وليس الأمر مجرد تفادٍ للعقوبات المنوطة بالمخالفات.
ونذكر أن القيادة فن وذوق، واحترام الآخر في الطرقات، بغض النظر عن هويّته أو نوع مركبته وطرازها، هو مؤشر حضاري حقيقي، لشخصية مسؤولة واعية وأخلاق رفيعة وحس وطني.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية